صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سدّاح الطارة

صالح بن عبدالله الخميس
@salehkhamis

 
ماجدٌ .. طفلٌ يتيمٌ ..
ترعرعَ في كَنَفِ والدته ، عوّضتْهُ فَقْدَ أبيهِ باهتمامِهَا وعطفِهَا , وقبلَ ذلك بحنانِهَا الفطريِّ..
تَرْقبُ خُطاهُ الحثيثةَ .. من مرحلةٍ إلى أخرى ..
ياااااااه ما أسرعَهَا من أيامٍ!
أضحى ماجدٌ على أعتابِ التخرجِ من الثانويةِ ..
صُحْبَتهُ من الشبابِ في هذه المرحلةِ كانوا مولعينَ بقيادةِ السياراتِ ، مُحبّينَ للسريعةِ منها ..
أصبحَ يقضي جُلّ أوقاتِهِ معهم ، يُطلعونَهُ على مقاطعِ التفحيطِ المتنوعةِ ..
ويرسلونَ كلَّ جديدٍ منها على هاتفِهِ المحمولِ ..
تطوّرَ الأمرُ سريعًا ؛ أخذَ أصحابُهُ على عاتقهم تدريبَهُ على القيادةِ المتهورةِ , والسرعةِ الجنونيَّةِ , والتفحيطِ بأنواعِهِ ، فالرجلُ في نظرهم من تكونُ فيه تلكَ المواصفاتُ ..
بات ماجدٌ بعدَ ذلكَ أشهرَ مفحطي المنطقةِ ، وبات ( سدّاحُ الطّارةِ ) لقبًا يُميزُهُ ..
ذاع صيتُهُ , وبدأتْ تنهالُ عليه الهدايا من كُلِّ حَدَبٍ وصوبٍ , وبالأخصِّ ( ما مُنع ) ؛ فسقطَ في وحلِ التدخينِ , وشربِ المسكراتِ , وباقي المخدراتِ ..
هكذا هم رفقاءُ السوءِ يزيّنونَ كلَّ قبيحٍ ..
أمُّهُ المكلومةُ لا تنامُ الليلَ , وكيفَ لها أن تهنأَ بنومٍ وهي تشاهدُ ماجدَهَا الذي عقدتْ عليه آمالًا كبيرةً ليكونَ ماجدًا يتهاوى صَرْحُهُ ؟!
رَجَتْهُ وقلبُهَا كسيرٌ , ودموعُهَا كسيلٍ جارفٍ أن يعودَ للطريقِ المستقيمِ ..
لكنَّ رفقاءَ السوءِ , وحبَّ الشهرةِ طمسا قلبَهُ قبلَ عينيهِ وعقلِهِ عنِ استجابةِ نداءِ أمِّهِ ..
وهاهو يومٌ جديدٌ من مغامراتِ ماجدٍ مَعَ التفحيطِ ..
ركب سيارتَهُ وسيجارةُ الحشيشِ بينَ شفتيهِ , وفي أكبرِ شوارعِ المنطقةِ ، أذهلَ الحضورَ بتفحيطِهِ , وبما يسمونَهُ فنًّا - في عُرْفِهم - .. الجميعُ يُصفّقُون , ويطلقون صافراتِ الإعجابِ والتّشجيعِ ..
لكنَّ الفاجعةَ حدثتْ في نهايةِ المطافِ ؛ ارتطمتْ سيارةُ ماجدٍ بعمودِ الكهرباءِ , والتفّتِ السيارةُ بأكملِهَا عليه ..
انتشرَ خبرُ وفاتِهِ , وبتلكَ الخاتمةِ التي كانت كالانتحارِ ..
بكتْهُ أمُّهُ بُكاءً مُرًّا .. بكتْ حلمًا لم يتحققْ .. بكتْ أملًا أضحى سرابا !

التفحيطُ ..
إرهابٌ جديدٌ .. باتَ يهددُ مجتمعاتِنَا .. يهددُ كلَّ صغيرٍ وكبيرٍ ..
أرقامٌ كبيرةٌ .. بلْ مخيفةٌ .. عنوانُهَا الموتُ ..
أبناؤنا بينَ عشيةٍ وضحاها نفقدُهم ما بينَ مفحطٍ , ومعززٍ , ومتفرّجٍ ..

ويبقى السؤالُ : متى نوقفُ عدّادَ الدَّمِ هذا ..؟!

كاتب النصِ :
صالح بن عبد الله الخميس @salehkhamis
التدقيق اللغوي :
فهد بن سليمان التركي @fahadst8
فكرة : إبراهيم بن سعيد آل زعير @essz99

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صالح الخميس
  • المقالات
  • الصفحة الرئيسية