صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إلزام الزوجة الكتابية الحشمة بعد الإسلام

د. سعد بن مطر العتيبي

 
السؤال  :
هل يجوز أن يخرج المسلم مع زوجته النصرانية خارج بيتهم، وهي غير متحجبة , أي غير مستورة شعر الرأس؟و كيف أتصرف بهذا الأمر بشكل عام, من فقه لباس الزوجة الكتابية للمسلم.

الجواب  :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله .. أما بعد:

فإنَّ خروج المرأة الكتابية مع زوجها المسلم محجبة على الصورة التي ذكرتها في بلدك ، لا مانع منه من حيث هو إذا رضيه الزوج ؛ لأنها وإن كانت مخاطبة بفروع الإسلام ، إلا أن مطالبتها بمقتضى هذا الخطاب قبل إسلامها إلزام لها بما لا يلزمها حكمه في الدنيا ، وإن استحقت به العقوبة في الآخرة ، لكنها ملزمة بطاعة زوجها بمقتضى أحكام الشريعة التي قبلت الزواج من أحد أتباعها ، وقبولها لقوامته عليها وهي قوامة على الزوجة المسلمة وغيرها من باب أولى : "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ"(النساء34)، فعليها التزام ما تلزمها به الشريعة تجاه زوجها ، أو تجاه المجتمع المسلم الذي تسكن فيه ؛ فلو نهاها الزوج عن الخروج بالصورة المذكورة خشية عليها من الفساد أو الإفساد ، أو خشية تضرره من ذلك ، أو لكون خروجها بتلك الصورة مخالفا لأنظمة البلد الإسلامي الذي تعيش فيه أو مخالفة لما يعرف بالنظام العام ، مما لم تنص عليه الأنظمة ، فإنَّها تكون ملزمة بالامتثال لزوجها ولأنظمة البلد المسلم الذي تسكن فيه ، وهذا يقتضيه رضاها بالزواج من المسلم ابتداء .

ولا علاقة لذلك بالإكراه على الدين المنفي بنص القرآن الكريم : ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) ؛ لأن الإكراه على الدين يعني إلزامها بالعقيدة الإسلامية أولا ، وليس الأمر هنا كذلك . وقد نص الفقهاء على أنَّ من حقوق الزوج على الزوجة الكتابية طاعته في أمور الطهارة كالغسل من الحيض والنفاس ، وكذلك الغسل من الجنابة ، وإزالة ما تعافه النفس من الوسخ والدرن ، وتقليم الأظفار ، وكذا طاعته في ما يشرع من أمور الزينة في البدن واللباس . (ينظر للمزيد والتفصيل : المغني :10/ 222 وما بعدها . وأحكام أهل الذمة ، لابن القيم :436-442)

وعليك الاجتهاد في إنقاذها من النار ووقايتها منها ، قياما بواجب الدعوة المعروف ، و امتثالا لأمر الله عز وجل في قوله _سبحانه_: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " (التحريم6) ، وذلك بدعوتها المتكررة للإسلام بالطرق المحببة للنفوس ، وتأليفها بشريعة الإسلام : أخلاقا ومعاملة .

وأما جواب قولك : " كيف أتصرف بهذا الأمر بشكل عام , من فقه لباس الزوجة الكتابية للمسلم " ، فلعل من المناسب تلخيص ذلك في ثلاث نقاط :

الأولى : تأكيد حقك في الطاعة في غير معصية الله . وتأكيد حقها في الحفاظ على دينها لنفسها ، لكن دون محاولة منها للتأثير على الذرية بتنفيرهم من دينهم أو ترغيبهم في دينها .

الثانية : مراعاة المجتمع المسلم الذي تسكن فيه - كما ظهر لي من بياناتك - من حيث الأنظمة والأعراف والعادات المعتبرة شرعا وما يعرف بالنظام العام .

و نص بعض الفقهاء في كتب الحسبة على أن تتميز في لباسها بما يفيد عدم إسلامها منعا لها من استغلاله فيما يخص المسلمين ، أو ما جرى عليه العمل في بلد من بلاد الإسلام ، كالأخذ برأي بعض الفقهاء في ستر المسلمة عورتها عند غير المسلمة كما هو الشأن مع الرجال الأجانب ، وهي قضية فرعية محل خلاف فقهي .

الثالثة : مراعاة أثر لباس امرأتك الكتابية في تربيتها لأولادك ولاسيما البنات ، لأنَّ ذريتك منها ذرية مسلمة ، يجب عليك تقوية صلتهم بدينهم كما يجب عليك الحفاظ عليهم من سوء التربية لتنشأ ذريتك على الحشمة والعفاف والفضيلة ، كما هو الحال في منعها من تعويدهم على عوائد أهل الكفر المخالفة للشرع ، ومراعاة أثره أيضا على بنات المسلمين إن كان لها صلة بهم في عمل أو نحوه .

وهذا كله في شأن من تزوج بكتابية .

وفي الختام فإن من لم يتزوج بكتابية بعد ، فإنّه لا ينصح بالزواج بها، لما له من مفاسد لا تخفى في هذا العصر ، حتى لربما كان القول بالتحريم في بعض الحالات واردا ، كما نص عليه بعض الفقهاء ، وهو في عصرنا أمر ظاهر الخطورة وخاصة عندما يتزوج المسلم كتابية تحمل جنسية بلد ذا غلبة على أهل الإسلام في الوقت الحاضر ، . وأحيل في بيان أسباب ذلك في هذا العصر إلى كتاب : أحكام الأحوال الشخصية للمسلمين في الغرب ، للدكتور/ سالم بن عبد الغني الرافعي ، وهو من الفقهاء الذين عاشوا في الغرب زمنا يزيد على العقد .

ولعل في هذا ما يكفي في بيان ما سألت عنه .

والله تعالى أعلم .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.سعد العتيبي
  • مقالات فكرية
  • مقالات علمية
  • أجوبة شرعية
  • الصفحة الرئيسية