صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عمل برامج تستخدم لأغراض محرمة

د. سعد بن مطر العتيبي

 
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم لي صديق يعمل بإحدى شركات صناعة البرمجيات العربية،حيث تقوم الشركة بتصنيع البرمجيات لخدمة شركات ومؤسسات أخرى، حيث يطلب منها العميل-الشركة أو المؤسسة الأخرى-القيام بعمل برنامج كمبيوتر لخدمة أغراضها.وتختلف أغراض كل عميل(شركة)كل حسب طبيعة عمله.وشركات تصنيع البرمجيات عادة ما تكون مقسمة مجموعات كل مجموعة مبرمجين يقومون بعمل جزء معين من البرنامج كل حسب اختصاصه؛فمنهم من يقوم بعمل واجهة البرنامج ومنهم من يقوم بعمل لب البرنامج الداخلي وهكذا.ومن البرامج التي يقوم بالعمل فيها هو موقع على الإنترنت، هذا الموقع يعمل برعاية قناة روتانا.هذا الموقع مقسم لعدة أقسام، منها:قسم يبث أخبار وصور الفنانين.قسم يبث أغانٍ منقولة من قناة روتانا وغيرها، حيث تستطيع من خلال الموقع سماعها.قسم للأخبار العامة،قسم لتنزيل بعض برامج الكمبيوتر العامة.وبالطبع إن الهدف الرئيس للموقع ليس نشر الأخبار، ولكن الموقع يروج لنفسه بالأغاني وأخبار وصور المغنين.ابتعد صديقي عن العمل في أجزاء الأغاني و الصور، والتحق في العمل بجزء تنزيل البرامج وبعض من الأخبار ، ولكنه في الوقت نفسه لم يستطع ترك العمل في الموقع ككل (والسبب كما أسلفنا أن نظام العمل بالشركة مقسم لمجموعات، ومجموعته هي المخولة بإنهاء هذا المشروع)، ولكنه يعاني دوماً من تأنيب الضمير ويخشى مشاركتهم في الإثم.1- يسألني هل يترك العمل في جزء نقل الأخبار( أو تنزيل البرامج) في هذا الموقع ، و في حالة عدم وجود مهمة له أخرى في الشركة هل يتركها ؟2- وكتعميم للسؤال السابق ، من يعمل في شركة أو منظومة وبعض المشروعات بها فاسدة أو موجه توجيه غير صحيح ، هل نترك هذا العمل ؟ (فعلى سبيل المثال، فالشركة تقوم بعمل برامج تتعارض معنا، ولكن مجموعتنا تعمل في مشروع لموقع إسلامي بالشركة ذاتها ، فما هو الوضع؟) وبالطبع نحن نعلم أن الشركات الكبرى شغلها الشاغل هو الماديات، وقد يقل التفكير (بتفاوت من شركة لأخرى) في مدى صحة المشاريع .3- ومن نفس المنطلق ما هو الحكم في الاشتراك في برنامج للإشراف على الموظفين – مراجعة الانضباط والمواعيد... إلخ )، وكذا ( برنامج لمراجعة الإمضاءات للعملاء لتجنب التزوير) في بنك ما ؟4- وما هو الموقف إن كان هذا البرنامج (الإشراف على الموظفين) قد تم برمجته من قبل وبيعه عدة مرات من قبل لجهات عدة (ليست بنوك) ، وهناك بنك يريد إعادة شرائه للإشراف الداخلي على الموظفين به؟

الجواب
الحمد لله رب العالمين ،اللهم صل على محمد وعل آل محمد ، أما بعد:
فينبغي أن أضع بين يدي الجواب مبادئ يفهم من خلالها جواب هذه المسائل ، وينبغي أن تكون حاضرة في أذهاننا :
الأول : أنَّ الله _عز وجل_ إذا حرم شيئاً حرم ثمنه .
الثاني : أن حكم المحرم يمتد إلى ما يتخذ من وسائل للوصول إليه وما يكون عوناً لمرتكبه أو للآخرين عليه ؛ فإثم ارتكاب المحرم يشمل المباشر له والمعين عليه مع علمه به .
الثالث : أن الغناء المذكور وما يصحبه من آلات اللهو من المحرمات لو كان كل منهما مفرداً ، وأن الحرمة تشتد مع اجتماعهما .
الرابع : أن المسلم ينبغي له الابتعاد عن مواطن الشبهات فضلاً عن المحرمات التي يلزمه الابتعاد عنها ، وما سألت عنه فأقل أحواله شر ، فيه من الإشكال والمخالفات الشرعية ما فيه ، مما جرى عليه واستمرأه من يعرفون بأهل الفن .
الخامس : أن من صفات العمل في البرمجيات أنه عمل جماعي تكاملي ؛ يتم العمل فيه بجهد مجموعة دون أخرى ، ومن ثم يكون كل عامل فيه مشارك في قيامه معين على ذلك ؛ فإما له إن كان مشروعاً أو عليه إن كان محرماً ممنوعاً .
السادس : أن الموقع الذي يستمد منه الموقع المسؤول عنه ويرعاه ، موقع أسس على الفساد والإثم ؛ فقد جاء في تعريف الموقع المذكور لنفسه ما يلي : " تأسست روتانا عام 1987م بهدف دعم الفن العربي ونشره عالمياً، ومتعاقدة مع أكبر نجوم العالم العربي" ، وفيه : " تختص القناة ببث الفيديو كليب والحفلات والمهرجانات الفنية " .
كما جاء في وصف الخدمة المضافة لروتانا ما يلي : " من خلال خدماتها ذات القيمة المضافة أصبحت روتانا أكثر من مجرد منتج للموسيقى العربية، بحيث وسَعت نطاق عملها لمواكبة التطور الحاصل في عالم التكنولوجيا والاتصالات، تهتم إدارة الخدمة ذات القيمة المضافة بالآتي: إعطاء ترخيص استغلال محتوى روتانا عبر خدمات الهواتف اللاسلكية كخدمة الرسائل القصيرة وخدمة الرسائل المتعددة الوسائط وخدمة المجيب الصوتي وخدمات الإنترنت. إبرام عقود لتقديم الخدمات الهاتفية عبر قنوات روتانا والمعروفة بـ(قناة روتانا الموسيقى، قناة روتانا كليب، قناة روتانا طرب، قناة روتانا سينما) " .
سابعاً : من المعلوم أن مواقع شبكة الانترنت لا تخلو من دعايات متبادلة ، تتضمن روابط وإيقونات تدل على بقية الأقسام وما يعرف بالمواقع الصديقة ؛ فهي تتضمن الدعاية للموقع بعامته ، ويرشد بعضها إلى بعض ، وتتضمن الدعاية إلى غيره مما يتفق معه في الغالب .
وبما سبق يتبين لك الجواب على ما ذكرت من تفاصيل :
فأما مباشرة الحرام فحكمها ظاهر ؛ إذ لا يجوز الإقدام على فعل المحرم ومباشرة ذلك ؛ فلا يجوز العمل في البرامج الغنائية والموسيقية والفيديو كليب وغير ذلك من المحرمات، ولا سيما في الموقع المذكور .
وأما الإعانة عليه بما يعين على ظهوره وبقائه وتيسير الوصول إليه وتحميله في المواقع وتنزيله ونحو ذلك ؛ فلا شك أنه من الإعانة على الإثم والعدوان ؛ وقد قال الله _عز وجل_ : " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " .
ويبقى ما أشرت إليه في سؤالك من الأعمال التي ليست محرمة في ذاتها ، ولا هي من الوسائل المؤدية إلى الحرام بطبيعتها ، ولكن القيام بها ينافي ما يجب على المسلم تجاه المنكرات ؛ وذلك لأنها تؤدي إلى استقرار المنكر وبقائه مدة أطول ، مع أن الواجب في شأن المحرم تغييره أو السعي في ذلك بما يمكن ، وأقل الواجب تجاه المحرم إنكاره بالقلب ؛ لقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه" ؛ كما ورد الأمر بالبعد عن أهل المنكر ومنع مجالستهم ، في مثل قول الله _عز وجل_ : " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً" ، و من يعينهم على منكرهم ويساهم في نموه أو بقائه أشد خطراً وأعظم وزراً ؛ وفي العمل المسؤول عنه ما ينافي الواجب تجاه المحرم وأهله ، من التغيير والنصح والبعد عنه ؛ بل عدَّ العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله - العملَ في المؤسسات الربويَّة ولو كان العامل سائقاً أو حارساً ؛ وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربويَّة يستلزم الرضا بها ؛ لأن من أنكر شيئاً لا يمكن أن يعمل لمصلحته ، فإذا عمل لمصلحته كان راضياً به ، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه .
وأما المخرج الشرعي من ذلك فممكن بحمد الله ؛ وذلك بأمور منها: أن يعتذر الموظف عن الفعل المحظور وما يعين عليه أو يساهم في بقائه واستقراره ، ويطلب نقله إلى عمل لا حرمة فيه ولا شبهة ، وينصح القائمين عليه بالوسائل المشروعة التي يرجى نفعها ، وذلك بالتي هي أحسن ؛ فإن أصروا على إلزامه بالعمل أو كانوا ممن يقتحمون الحرمات ولا يقبلون النصح ، فإن رجي انتهاء العمل المحرم أو تغير الحال ؛ فله أن يحتال حيلة مشروعة ، بنحو : طلب إجازة مدة تنفيذ المؤسسة لهذا المشروع ، أو الانتقال إلى عمل آخر مباح ولو كان أشق ؛ فإن لم يرج شيئاً من ذلك ، فينصح بترك هذا العمل ، ويظن بربه خيراً ؛ فقد قال الله _عز وجل_ : " من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " وفي الحديث :" من ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه" . وهذا النوع من العمل كثيرة مجالاته وفرص العمل فيه في مجال المباح بحمد الله .
أسأل الله _عز وجل_ أن يوفقنا وإياك لما فيه رضاه . هذا والله _تعالى_ أعلم .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.سعد العتيبي
  • مقالات فكرية
  • مقالات علمية
  • أجوبة شرعية
  • الصفحة الرئيسية