اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/nizar/69.htm?print_it=1

المرجِفون يرجُفون

نزار محمد عثمان


سوّد المرجفون في المدينة صفحات يسخرون فيها من حرق العلم الدنماركي، ومقاطعة الجبنة الدنماركية!، وينددون بعقلية المؤامرة التي سيطرت على العالم الإسلامي؛ فكل الأمر - عندهم - هو حرية تعبير لا تنفع معها المقاطعة؛ بل حلها في تعميق (الحوار).. الحوار الذي يشعر الغرب معه برغبتنا في التواصل، وقدرتنا على التعايش، وقابليتنا للتطور!.
ما أجرأهم!، وما أسخف عقولهم!؛ إذ يريدوننا أن نصدق أن عداء الغرب لنا ليس إلا خيالات وأوهام، وأن ما حدث في عام واحد وهو عام 2005م - من قيام المذيع الأمريكي (مايكل غراهام) بوصف الإسلام بأنه منظمة إرهابية، وأنه في حالة حرب مع الولايات المتحدة، ثم تحريضه للولايات المتحدة بهدم الكعبة، وضرب مكة المكرمة بالسلاح النووي، وقيام الممثل الكوميدي الأميركي (جاكي ميسون) بالسخرية من الإسلام، ووصفه بأنه منظمة تشجع على القتل، والكراهية، والإرهاب، ثم قيام الصحيفة الدانماركية Jyllands-Posten؛ بنشر رسوم كاريكاتير تسخر من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ثم الهجوم على المصلين في أحد مساجد فيينا بالنمسا، ثم تصريح مذيع محطة شيكاغو الإذاعية (الأميركي بول هارفي) على مسمع من العالم بأن الإسلام يشجع على القتل - يريد المرجفون منا أن نصدق أن حدوث هذا كله في عام واحد ليس إلا (نيرانا صديقة)!!.. ما أسخف عقولهم!، وما أضعف منطقهم!، ثم ما أشد تناقضهم؛ إذ ينعقد لسانهم، وتضيع الكلمات منهم عندما يُسَبّ الإسلام، وتظهر فصاحتهم، وتبدو بلاغتهم عندما تُهَدَّد مصالح الغرب!.. لذا قامت قائمتهم عندما قال عالم جليل: إنه لا حرمة لدم شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسلام؛ فتساءلوا: وأين مراعاة حال ضعف الأمة؟!، ولماذا الافتيات على أصحاب الأمر من الحكام؟!، وكيف تتجاهلون فقه الموازنات، والمصالح؟!.. حرَّكوا أبواقهم، وتناسَوا أن ذلك العالِم لم يُصدر فتوى بعينها في واقعة بعينها؛ وإنما قال حكماً عاماً قال به جمهور العلماء من قبله.
إن الخوف من الهلاك قد يبيح أكل الميتة، لكنه لا يبطل قول الله (حرمت عليكم الميتة)؛ فالأصل أنها حرام!.. وكذلك حكم من سب الرسول صلى الله عليه وسلم! الأصل هو أن يقتل، وإن أفتى بعضهم لسبب أو لآخر بغير ذلك.
وليعلم المرجفون أن تحسين صورة الإسلام تكون بتجلية حقيقته؛ لا بوضع المساحيق، وتغيير الملامح!؛ لأن هذه تفقد الإسلام هويته التي تميزه عن غيره؛ وتحوله إلى شيء آخر؛ غير الدين المرضي عند الله.
ثم ليعلم المرجفون أن المقاطعة سلاح تتجاوز آثاره الأبعاد الاقتصادية؛ لتشمل الأبعاد الفكرية، والثقافية، والاجتماعية، والنفسية؛ فهي تشيع جوًّا من التناصر العام، وتستثير الشعور بالجسد الواحد الذي يتجاوز نطاق الفرد والأسرة والدولة، وتشحذ الهمم للمقاومة، واستنكار الظلم، وللتصدي للعدوان، وتُرِي العدو منا قوة، وهي من قبل ترجف المرجفين!.

 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية