اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/nizar/43.htm?print_it=1

الدولة الفاشلة رقم 3

نزار محمد عثمان


احتل السودان الترتيب الثالث في قائمة الدول الأكثر فشلاً في العالم، حسب التقرير الذي أصدرته مجلة الـ FOREIGN POLICY الأمريكية، و صندوق السلام the Fund for Peace ، ونشر في عدد المجلة الصادر مطلع الشهر الجاري.
ويلاحظ أن السودان سبق كل الدول العربية والإسلامية في الفشل ـ حسب رأيهم ـ ولك أن تعجب كيف يسبق السودان العراق التي غاب عنها القانون والنظام واستشرى فيها القتل؟ وأفغانستان التي لا يستطيع أن يتنقل فيها (كارزاي) نفسه خارج كابول إلا وسط حشد عسكري يتوسطه ـ ولا يتقدمه ـ الجنود الأمريكيون؟
لقد وضع معدو التقرير أثني عشر مؤشراً لقياس فشل الدولة، منها ستة مؤشرات سياسية، وأربعة اجتماعية، واثنان اقتصاديان، ويلاحظ أن المؤشرات السياسية نالت العدد الأكبر، مما يوحي بأن الجانب السياسي أولى من الاجتماعي والاقتصادي، وهذا ليس صحيحاً دائماً، فارتفاع أو تدني مستوى دخل الفرد للسودانيين ـ مثلاً ـ أهم من وحدة الحزب الحاكم أو انشقاقه.
الخلاصات التي انتهى إليها التقرير تثير العديد من الأسئلة مثل: لماذا اختيرت هذه المؤشرات فقط دون غيرها؟ لماذا لم يؤخذ التغيير في مستوى التضخم ـ مثلاً ـ كمؤشر للتنمية الاقتصادية، وقد نجح السودان في تقليل هذا التضخم لدرجة أشاد بها البنك الدولي، لماذا لم تؤخذ نسبة انتشار العنف والجريمة أو جنوح الأحداث أو انتشار اللقطاء كمؤشرات لاستقرار المجتمعات؟
كذلك يلاحظ أن المؤشرات ـ على تحيُّزها ـ أعطيت وزناً واحداً، فصار الانحطاط الاقتصادي الحاد ـ الذي يؤثر على كل فرد في الدولة بتأثيره على الدخل القومي، وسعر الصرف، والميزان التجاري، والشفافية، والفساد ... الخ ـ صار مثله في الوزن مثل الحركة العشوائية لللاجئين، التي قد تؤثر على قطاع محدد من المواطنين.
كذلك لم تدرج التبعية السياسية ضمن مؤشرات التقرير، وأعني بها مدى ارتهان القيادة السياسية للدولة؛ لإرادة خارجية، وهذه مهمة في معرفة أصالة الدولة في التعبير عن شعبها وحضاراته، بل أزعم أن في التقرير مؤشراً ضمنياً سلبياً يفيد أن الدول المحتلة أمريكياً ـ دعك من الدائرة في فلك سياستها ـ أكثر استقراراً ، (فالعراق ترتيبها الرابع، وأفغانستان الحادي عشر).
كذلك لم يعر واضعو التقرير التطورات السياسية على الساحة السودانية أدنى اعتبار إذ لم يسهم توقيع اتفاقية السلام في رفعنا من القاع في نظرهم.
إن أداء دولتنا يعتوره الكثير من أوجه القصور، لكنه ليس ثالث أسوأ أداء في العالم بحال من الأحوال.


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية