اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/nizar/27.htm?print_it=1

دروس من اغتيال الشيخ أحمد ياسين

نزار محمد عثمان


الحمد لله رب العالمين: الموجب لقضائه نفاذا، ومتخذ الشهداء اتخاذا، ناصر المؤمنين، وقاصم الجبارين، والصلاة والسلام على قائد المجاهدين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..أما بعد…
فمع أول خيوط إشراق اليوم: الاثنين 22/3/2004، طرق قلوب المؤمنين خبر تقطعت له حسرات، وصعّدّت له الزفرات، وتشتت له أشتات، وهي التي لم تجزعها الخطوب، ولم تنل منها المعاناة غير أنها جزعت لفقد شيخ المجاهدين.. أحمد ياسين، نسأل الله أن يجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. آمين.
والمؤمن له في كل حدث عبرة، وفي كل واقعة عظة، ومن أهم العظات في حادثة اغتيال شيخ المجاهدين أحمد ياسين مايلي:

أولاً: قوة الروح أمضى سلاح

فشيخنا رحمه الله قارب السبعين من عمره، مقعد، لا يتحرك منه إلا لسانه، ولم يكن قائدا عسكرياً، لكن مع ذلك لم يطق العدو الغاشم عليه صبراً، واختاره من بين القيادات السياسية اختيارا، لأنه يعلم أن روح الشيخ المجاهد قد امتلأت إيماناً، حتى فاضت وأثرت على من حوله، وأثمرت شباباً مجاهدا، فهي بذلك أخطر عليه من أسلحة الدمار الشامل.

ثانياً: الجماعة .. الجماعة

إن اغتيال الشيخ وهو عائد من صلاة الفجر في المسجد، لتحمل دلالة عظيمة على أهمية الجماعة والصلاة في جماعة، ولو صلى الشيخ في بيته، لكان له من الإقعاد، وعدم الأمن ألف عذر وعذر، ولكن ما كان لأمثال الشيخ المربي أن يدَعوا الأخذ بالعزيمة، وما كان لنا أن نغفل الدلالة الرمزية للحدث دون أن نذكر بأهمية الجماعة والتوحد حولها، ولعل أول تصريح للأستاذ خالد مشعل يؤكد هذا الفهم، فقد قال الأستاذ: "إن دم الشيخ المجاهد أحمد ياسين إنما هو رسالة لأن يكون الشعب صفا متراصا في مواجهة الغطرسة الصهيونية" وهذا التصريح هو عين الصواب فاستهداف الشيخ أحمد ياسين إنما هو محاولة لاستهداف وحدة المقاومة الفلسطينية، وذلك عبر تغييب الشخصيات السياسية ـ التي صقلتها الأيام والتجارب، وأثبت الواقع صدقها ونضجها؛ مما حدا بالناس أن تجتمع خلفها ـ، ومحاولة لعزل الجناح العسكري عن الجناح السياسي عبر إحلال قيادات سياسية ليس لها من رصيد التاريخ ما يضمن توحد الشعب خلفها، لكنها محاولة بائسة، مكتوب عليها الفشل لأن العمل الجهادي لا يصبر عليه إلا الصادقون المستبصرون، وهؤلاء ليس أقل حرصاً على توحد الأمة من أسلافهم، وما أنسب أن نستعير ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي عقب إعدام المجاهد عمر المختار:

يأيها الشعب القـــريب أسامع فأصوغ في الشيخ الشهيد رثاء
ذهب الزعيم وأنت باق خـــالد فانقد رجـالك واختر الزعماء
وأرح شيوخك من تكاليف الوغى واحـمل على فتيانك الأعـباء

وحركة الجهاد قادرة بإذن الله على أن تعجم أعوادها فتختار أنسبها، وتنقد رجالها فتختار أصلحهم.

ثالثاً: استدامة الجهاد

لقد كانت حياة الشيخ جهاداً متصلاً، وبذلا متتابعاً، كيف لا وهو القائل عقب فشل محاولة اغتياله العام الماضي: "طريقنا ينتهي بنهايتين أما النصر أو الشهادة وسنبقي على طريقنا مجاهدين ولن يستسلم شعبنا ولن يرفع إلا رايات الانتصار وسيزول هذا الكيان الغاصب".
وقوله: "نقول للعالم العربي والإسلامي ولأمريكا وأوروبا إن شعبنا هو شعب مجاهد لن يستسلم مهما بلغت قوتهم مهما بلغت طائراتهم ودبابتهم نحن لن نستسلم ولن نركع إلا لله تعالى".

رابعاً: العدو خائف مرعوب

عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين تبين مدى التخبط والضياع الذي تعيشه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ذلك لأن اغتيال شيخ، أعزل، مقعد، محبوب من قبل شعبه، لا يصب في مصلحة العدو بحال، وذلك ما أكده الشيخ خالد مشعل بقوله: "إن هذه الحماقات الصهيونية إنما هي إثبات واضح أن الكيان الصهيوني فقد عقله بالإمعان في الجريمة".
خامساً: خيبة المكر العالمي المتزايد
يقول المحللون إن اغتيال الشيخ أحمد ياسين جاء عن قصد وتربص بعد الحصول على الضوء الأخضر من أمريكا، التي تسعى هذه الأيام إلى توطيد مفهوم الشرق الأوسط الكبير الذي يكون الاعتراف بالعدو الصهيوني والتسليم له بالسيادة الاقتصادية والثقافية أحد أهم أركانه، فعلى الشعوب أن تستيقظ وتعرف حقيقة ما تريده أمريكا لها، فهي العدو فلنحذرها، وعلى الشعوب أن تعمل على تحويل هذا الحدث الأليم إلى رصيد ضخم من الحرص على الوحدة ومواصلة الجهاد، والله الموفق.



 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية