اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/nizar/12.htm?print_it=1

الترابي والرابطة وعثمان ميرغني

نزار محمد عثمان


أفلح الترابي في أن يحتل صدارة الأخبار بعد طول غياب؛ فها هو يكرر تصريحاته التي خالف بها نصوصاً صريحة في الكتاب والسنة؛ فيثير استياءًا عريضاً وسط الإسلاميين، ويجد تعاطفاً (كبيراً) من العلمانين واليساريين!!.. وقد لفت نظري في ما اطلعت عليه من شأن الترابي أمران: أولهما ما كتبه الصحفي المعروف عثمان ميرغني في عموده (حديث المدينة) بصحيفة (السوداني) قبل أيام، وثانيهما البيان الذي أصدرته الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة أمس الأول.
وصف الصحفي عثمان ميرغني الترابي بأنه (صاحب فاتورة كبيرة من الأخطاء القاتلة التي لا يزال يدفعها السودان وشعبه!!.. لكنه في المقابل عالم لا يشق له غبار!!.. وبحر مترع بالعلوم، وذكي قادر على الاستنباط).. وقد بدا لي أن الأمرين لا يستقيمان؛ فكيف يستقيم وصفه بالاتّراع بالعلوم، والذكاء، والقدرة على الاستنباط مع الإقرار بالفاتورة الكبيرة من الأخطاء القاتلة؟!؛ فالعالِم (بكسر اللام) بعيد عن فواحش الخطأ؛ فكيف بقائمة كبيرة من الأخطاء القاتلة؛ كما كما ذكر الكاتب؟!.. لا يستقيم الأمر إلا إذا كان الكاتب يرى أن أخطاء الترابي الكبيرة والعديدة تصنف في باب آخر غير باب علمه!!.. بمعنى أن أخطاءه في أمور السياسة كما يوحي السياق، بينما ذكاؤه وقدراته فهما في علوم الدين.. وهذه لا شك علمانية بينة.
وقد يزول شيء من عجب إن علمنا أن الكاتب ينظر للدين في حياة الناس نظرة لا تختلف كثيرا عن نظرة الترابي لتاريخ الإسلام والمسلمين؛ يقول الكاتب: (فالدين تحول في ضمائر الناس إلى قائمة تعليمات.. يبتلعها الناس - قهرا - كالدواء المر)!!.. وهذا تعميم لا يسنده منطق فضلاً عن واقع؛ لأن المنطق يقول: إن ضمائر الناس ليست واحدة؛ ليعمها حكم واحد.. كما أن الواقع يقول: إن الدين هو المحرك الأول للشعوب، وهو الذي يدفع الشعوب - طوعا - لاستساغة كأس الموت - المرة - في صفوف المقاومة في العراق، وفلسطين، وغيرها.. فانظر كيف تحول الموت المر إلى شهد حلو بسبب الدين؟!.
وفي الجانب الآخر أعجبني الكتاب الذي أصدرته الرابطة الشرعية للعلماء والدعاة، وناقشت فيه أفكار الترابي باختصار، ودعت ولي الأمر إلى تقديم الترابي لمحكمة شرعية عادلة.. غير أن الرابطة لم تلبث إلا قليلا حتى أصدرت حكمها على الترابي.. وللمراقب أن يتساءل: ما الذي حدا بالرابطة إلى قطع الطريق على دعوتها لمحاكمة الترابي بإصدار حكم من جانبها؟!.. هل تعجلت الرابطة الأمر، أم أيقنت أن ولي الأمر لن يفعل شيئاً؟!.


 

نزارمحمدعثمان
  • البحوث
  • المقالات
  • الردود الصحفية
  • قصائد وأشعار
  • في الأدب الإسلامي
  • برامج إذاعية
  • الخطب المنبرية
  • الصفحة الرئيسية