صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







رهاط
مقتطفات من السيرة النبوية

د. نزار محمود قاسم الشيخ

 
بسم الله الرحمن الرحيم



 

 
رهاط وما حولها البلد الذي يعود بتاريخه إلى ما قبل الإسلام، وله ذكر في السيرة النبوية، بل تعددت مواطن آثاره، وأحداث تواريخه، فصار لها من الطابع التاريخي والجمالي ما يميزها.
ومما يزيد من مكانة رهاط أن موقعها ضمن أرض المواقيت المكانية للإحرام بالحج أو العمرة، فمن أراد من أهلها النسك، وجب عليه الإحرام منها، ولو أخر الإحرام عنها وهو مريد للحج أو العمرة كان آثماً، وعليه الدم للإساءة.
وفي الأسطر الآتية أحببت ذكر أهم الأحداث التي مرت بها من خلال السيرة النبوية حولها والله الموفق.

1_ موقع رهاط

تقع رهاط شمال مكة المكرمة على بعد نحو 130 كم.
على خط طول  40° 3.792'شرق
وخط عرض    22° 6.035'شمال
وهذا هو باركود الموقع تستطيع الوصول إليه عن طريق برنامج كيوآر ديرويد

 
2_ وفد بني سليم وإسلامهم ومشاركتهم في فتح مكة

بعد صلح الحديبة وقبيل فتح مكة، جاء الكثير من الوفود تعلن إسلامها، وتأييدها للدين الحنيف، ومن هؤلاء وفد بني سليم فكان واحدهم من رهاط ومن غيرها من المناطق التي كانت تسكنها بنو سليم.
قال ابن سعد وغيره رحمه الله: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ: قَيْسُ بْنُ نُسَيْبَةَ فَسَمِعَ كَلَامَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ فَأَجَابَهُ وَوَعَى ذَلِكَ كُلَّهُ، وَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُ تَرْجَمَةَ الرُّومِ وَهَيْمَنَةَ فَارِسَ وَأَشْعَارَ الْعَرَبِ وَكَهَانَةَ الْكَاهِنِ وَكَلَامَ مَقَاوِلِ حِمْيَرَ فَمَا يُشْبِهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِمْ فَأَطِيعُونِي وَخُذُوا بِنَصِيبِكُمْ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ خَرَجَتْ بَنُو سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَلَقُوهُ بِقُدَيْدٍ وَهُمْ تِسْعُمِائَةٍ، وَيُقَالُ: كَانُوا أَلْفًا فِيهِمُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ رِعْلٍ وَرَاشِدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ فَأَسْلَمُوا، وَقَالُوا: اجْعَلْنَا فِي مُقَدِّمَتِكَ، وَاجْعَلْ لِوَاءَنَا أَحْمَرَ، وَشِعَارَنَا مُقَدَّمًا فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ، فَشَهِدُوا مَعَهُ الْفَتْحَ وَالطَّائِفَ، وَحُنَيْنًا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم رَاشِدَ بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ رُهَاطًا..([1])، كما سيأتي في الحديث عن عين النبي في رهاط.
 
3_ سرية عمرو بن العاص رضي الله عنه لهدم سُوَاع.

بعد فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجاً بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى سُوَاع ليهدمه، وهو صنم لهُذَيلٍ بن إلياس بن مدركة بْنِ مُضَرَ، وكانت سدنته من بني لحيان، وكان ذلك في رمضان سنة 8 للهجرة في شهر رمضان.
 قال عمرو رضي الله عنه: فانتهيت إليه وعنده خادم الصنم، فقال: ما تريد؟
 قلت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن أهدمه.
 قال: لا تقدر على ذلك.
قلت: لِمَ؟
 قال: تُمْنَع.
 قلت: حتى الآن أنت في الباطل! ويحك وهل يسمع أو يُبصر، قال: فدنوت منه فكسرته، وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته، فلم يجدوا فيه شيئاً، ثم قلت لخادم سواع: كيف رأيت؟
قال: أسلمت لله([2]).
قال الشاعر:

إِن أَنْت جِئْت إِلَى هُذَيْل قل لَهُم ... يَا وَيْح شخص للحجارة راكن
أضحى سواع بالمعاول داثرًا ... خربًا وَلم يَنْفَعهُ ود السادن([3])


4_ عين النبي في رهاط:

تلك العين لها ذكرى متوارثة بين بعض أهل المنطقة، فهم يَرْوُونها من ذكريات آبائهم وأجدادهم، مما تناقلوه، ومما يروونه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ما بَوَّبَ عليه أحد أئمة السيرة النبوية وهو صاحب كتاب "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي([4]) وهذه العين قد جاء ذكرها عند أبي نعم في كتابه "دائل النبوية" وغيره في حديث إسلام راشد بن عبد ربه الصحابي رضي الله عنه.
فعَنْ حَكِيمِ بْنِ عَطَاءٍ الصَّقْرِيِّ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مِنْ وَلَدِ رَاشِدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رَاشِدٍ بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ: كَانَ الصَّنَمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سُواعٌ بِالْمَعَلَّاةِ مِنْ رُهَاطٍ يَدِينُ لَهُ هُذَيْلٌ، وَبَنُو ظُفُرٍ مِنْ سُلَيْمٍ، فَأَرْسَلَتْ بَنُو ظُفُرٍ رَاشِدَ بْنَ عَبْدِ رَبِّهِ بِهَدِيَّةٍ مِنْ سُلَيْمٍ إِلَى سُوَاعٍ، قَالَ رَاشِدٌ: فَأَلْفَيْتُ مَعَ الْفَجْرِ إِلَى صَنَمٍ قَبْلَ سُوَاعٍ، وَإِذَا صَارِخٌ يَصْرُخُ مِنْ جَوْفِهِ: الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ، مِنْ خُرُوجِ نَبِيٍّ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، يُحَرِّمُ الزِّنَا، وَالرِّبَا، وَالذَّبْحَ لِلْأَصْنَامِ، وَحُرِسَتِ السَّمَاءُ وَرُمِينَا بِالشُّهُبِ، الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ، ثُمَّ هَتَفَ صَنَمٌ آخَرُ مِنْ جَوْفِهِ: تُرِكَ الضِّمَارُ، وَكَانَ يُعْبَدُ، خَرَجَ أَحْمَدُ، نَبِيٌّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ، وَيَأْمُرُ بِالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْبِرِّ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، ثُمَّ هَتَفَ مِنْ جَوْفِ صَنَمٍ آخَرَ هَاتِفٌ:
إِنِّ الَّذِي وَرِثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى ... بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِي
نَبِيٌّ يُخْبِرُ بِمَا سَبَقَ، وَبِمَا يَكُونُ فِي غَدِ.
 قَالَ رَاشِدٌ: فَأَلْفَيْتُ سُوَاعًا مَعَ الْفَجْرِ، وَثَعْلَبَانِ يَلْحَسَانِ مَا حَوْلَهُ، وَيَأْكُلَانِ مَا يُهْدَى لَهُ، ثُمَّ يَعْرُجَانِ عَلَيْهِ بِبَوْلِهِمَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ رَاشِدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ:
أَرَبٌّ يَبُولُ الثَّعْلَبَانِ بِرَأْسِهِ ... لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعَالِبُ
وَذَلِكَ عِنْدَ مَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَجَازِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَسَامَعَ النَّاسُ بِهِ.
 فَخَرَجَ رَاشِدٌ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَمَعَهُ كَلْبٌ لَهُ، وَاسْمُ رَاشِدٍ يَوْمَئِذٍ ظَالِمٌ، وَاسْمُ كَلْبِهِ رَاشِدٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: ظَالِمٌ، قَالَ: «فَمَا اسْمُ كَلْبِكَ؟» ، قَالَ: رَاشِدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْمُكَ رَاشِدٌ، وَاسْمُ كَلْبِكَ ظَالِمٌ» وَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقَامَ مَعَهُ، ثُمَّ طَلَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطِيعَةً بِرُهَاطٍ، وَوَصَفَهَا لَهُ فَأَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَعْلَاةِ مِنْ رُهَاطٍ شَأْوَ الْفَرَسِ، وَرَمْيِة ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَجَرٍ، وَأَعْطَاهُ إِدَاوَةً مَمْلُوءَةً مَاءً، وَتَفَلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ: «فَرِّغْهَا فِي أَعْلَى الْقَطِيعَةِ، وَلَا تَمْنَعِ النَّاسَ فُضُولَهَا». فَفَعَلَ، فَجَاءَ الْمَاءُ مَعِينًا مُجِمَّةً إِلَى الْيَوْمِ، فَغُرِسَ عَلَيْهَا النَّخْلُ، وَيُقَالُ: إِنَّ رُهَاطًا كُلَّهَا تَشْرَبُ مِنْهُ، وَسَمَّاهَا النَّاسُ مَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْلُ رُهَاطٍ يَغْتَسِلُونَ مِنْهَا، وَيَسْتَشْفُونَ بِهَا، وَبَلَغَتْ رَمْيَةُ رَاشِدٍ الرُّكَيْبَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ رُكَيْبُ الْحَجَرِ، وَغَدَا رَاشِدٌ إِلَى سُوَاعٍ، فَكَسَرَهُ"([5]).
 
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 
 
المصادر والمراجع

الأحاديث المرفوعة والموقوفة في كتاب «حياة الحيوان الكبرى» للدَّمِيري، من بداية حرف (التاء) إلى نهاية حرف (الجيم)، تخريجاً ودراسة، رسالة: مقدمة لنيل درجة الماجستير، قسم السنة وعلومها، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض، إعداد: إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن المديهش، إشراف: عبد الله بن ناصر الشقاري، الأستاذ المشارك، العام الجامعي: 1431هـ /1432هـ.
البداية والنهاية، المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1407 هـ - 1986 م.
دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني، المؤلف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (المتوفى: 430هـ)، حققه: الدكتور محمد رواس قلعه جي، عبد البر عباس، الناشر: دار النفائس، بيروت
السيرة النبوية (من البداية والنهاية لابن كثير)، المؤلف: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت – لبنان، عام النشر: 1395 هـ - 1976 م، الطبعة: الثانية، 1406 هـ - 1986 م.
الطبقات الكبرى، المؤلف: أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد (المتوفى: 230هـ)، المحقق: إحسان عباس، الناشر: دار صادر – بيروت، الطبعة: الأولى، 1968م.
كتاب سبل الهدى والرشاد - طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – مصر.
المغازي، المؤلف: محمد بن عمر بن واقد السهمي الأسلمي بالولاء، المدني، أبو عبد الله، الواقدي (المتوفى: 207هـ)، تحقيق: مارسدن جونس، الناشر: دار الأعلمي – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1409/1989.
المقتفى من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، المؤلف: الحسن بن عمر بن الحسن بن حبيب، أبو محمد، بدر الدين الحلبي (المتوفى: 779هـ)، المحقق: د مصطفى محمد حسين الذهبي، الناشر: دار الحديث - القاهرة – مصر، الطبعة: الأولى، 1416هـ - 1996م.
 

-------------------------------------
([1]) الطبقات الكبرى ط دار صادر (1/ 307)، السيرة النبوية لابن كثير (4/ 176)، البداية والنهاية (5/ 92).
قال في كتاب "الأحاديث المرفوعة والموقوفة في كتاب «حياة الحيوان الكبرى» للدَّمِيري، من بداية حرف (التاء) إلى نهاية حرف (الجيم)، تخريجاً ودراسة" عن هذا الحديث (ص: 238)
الحديث ضعيف جداً.
([2]) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (6/ 198)، مغازي الواقدي (2/ 870).
([3]) المقتفى من سيرة المصطفى (ص: 205).
([4]) سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي (18/ 227).
 
([5]) دلائل النبوة رقم الحديث 68، (ص: 121)، الطبقات الكبرى ط دار صادر (1/ 307)، البداية والنهاية ط (5/ 92)، وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى، (2/ 54)، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (4/ 85).
قال في كتاب "الأحاديث المرفوعة والموقوفة في كتاب «حياة الحيوان الكبرى» للدَّمِيري، من بداية حرف (التاء) إلى نهاية حرف (الجيم)، تخريجاً ودراسة" عن هذا الحديث: ((إسناده ضعيف جداً)) (ص: 236).
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د. نزار الشيخ
  • مقالات
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية