اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/naseralsaif/75.htm?print_it=1

أهمية الدعوة إلى الله تعالى عند السلف الصالح

ناصر بن سعيد السيف
@Nabukhallad


 قامت الدعوة إلى الله تعالى على أصول راسخة ومنطلقات ثابتة وملامح وسمات بينة، يهتدون بهدي الأنبياء في الدعوة عامة، ويقتفون أثر المصطفى ﷺ وأصحابه خاصة، يحققون توحيداً وإخلاصًا، وينشرون علمًا وفقهًا، ويتبعون أسلافًا وآثاراً، وعلى أساس من ذلك كله يربون جيلاً، ويقيمون معروفاً، ويهدمون منكراً، ويجاهدون عدواً، ويجمعون الدين علماً وعملًا. ([1])

 وقد فهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى أجمعين مدلول النصوص الشرعية الواردة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ التي تدعو إلى بذل الجهد في الدعوة إلى الله تعالى وتحمل المسؤولية الدعوية في إبلاغ رسالة دين الإسلام للناس في مشارق الأرض ومغاربها، ومن الأمثلة على فهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى وتجسيدهم للدعوة العملية في منهجهم الدعوي ما فعله الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله تعالى عنه بعدما دخل على كسرى ملك الفرس، فقال له كسرى: (ما الذي جاء بكم؟) فقال: (جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؛ ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة؛ ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام). ([2])

     وأقوال السلف الصالح الدالة على أهمية الدعوة لله تعالى كثيرة، منها:


1.
قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (لاخير في قوم ليسوا بناصحين، ولاخير   في قوم لايحبون الناصحين). ([3])

2.
قال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: (مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن يسلط عليكم شراركم، ويدعو عليهم خياركم فلا يستجاب لهم). ([4])

3.
قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: (يا حملة العلم، اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل، ووافق علمه عمله. وسيكون أقوام يحملون العلم لايجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانينتهم، ويخالف عملهم علمهم، يقعدون حلقاً، فيباهي بعضهم بعضًا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه. أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله عزوجل). ([5])

4.
قال عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: (مثل علم لايظهره صاحبه، كمثل كنز لاينفق منه صاحبه). ([6])

5.
قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: (لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن المنكر). ([7])

6.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: (لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لايستند إلى أصل الدين). ([8])

7.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم، لكنها فرض على الكفاية، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه، إذا لم يقم به غيره). ([9])

8.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: (فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرسل في أممهم، والناس تبع لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلغ ما أنزل إليه، وضمن له حفظه وعصمته من الناس، وهكذا المبلغون عنه من أمته لهم من حفظ الله وعصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه وتبلغيهم لهم، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثاً، وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو؛ لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن لا نقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاءهم في أممهم، جعلنا الله منهم بمنه وكرمه). ([10])

9.
قال أبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى: (أوجب النبي ﷺ الإيمان به على من سمع بأمره ﷺ، فكل من كان في أقاصي الجنوب والشمال، والمشرق، وجزائر البحور والمغرب، وأغفال الأرض من أهل الشرك، فسمع بذكره ﷺ، ففرض عليه البحث عن حاله، وإعلامه، والإيمان به، أما من لم يبلغه ذكره ﷺ، فإن كان موحدًا فهو مؤمن على الفطرة الأولى، صحيح الإيمان، لا عذاب عليه في الآخرة، وهو من أهل الجنة، وإن كان غير موحد، فهو من الذين جاء النص بأنه يوقد له يوم القيامة نار فيؤمرون بالدخول فيها، فمن دخلها نجا، ومن أبى هلك). ([11])

10. 
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }   [آل عمران: ١٠٤] المقصود في هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان). ([12])


@  @  @
أسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والقبول
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
ناصر بن سعيد السيف
24 شعبان 1441 هـ
 

-------------------------------------
(1) انظر: معالم في أصول الدعوة، محمد يسري، ص6.
(2) انظر: البداية والنهاية، الحافظ ابن كثير، (7/46).
([3]) انظر: رسالة المسترشدين، المحاسبي، ص71.
([4]) انظر: كنز العمال في سنن الأقوال والأعمال، المتقي الهندي برقم (8451).
([5]) انظر: جامع بيان العلم وفضله، ابن عبدالبر، 2/9.
([6]) انظر: جامع بيان العلم وفضله، ابن عبدالبر، 1/148.
([7]) انظر: الجامع لأحكام القرآن، الإمام القرطبي، 1/367.
([8]) انظر: فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، 13/288.
([9]) انظر: مجموع فتاوى، شيخ الإسلام ابن تيمية، 15/166.
([10]) انظر: جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام، ابن قيم الجوزية، 339.
([11]) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم الأندلسي، 5/117.
([12]) انظر: تفسير القرآن العظيم، الحافظ ابن كثير، 2/91.

 

ناصر  السيف
  • كتب
  • مقالات
  • تغريدات
  • فيديوهات
  • الصفحة الرئيسية