صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سلسلة اركان الايمان (3) الإيمان بالكتب السماويــة

مثنى الزيدي


الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر باسا شديدا من لدنه، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا، ماكثين فيه ابدا، واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خير من صلى وسجد ،وعلى اله وصحبه عدد ما ذكر اللهَ ذاكر وعبد.
اما بعد:ايها الاحبة الكرام...
تكلمنا في الجمعة الماضية عن الركن الثاني من اركان الايمان وهو "الايمان بالملائــكة عليهم السلام" واما اليوم فنتكلم عن الركن الثالث من اركان الايمان الا وهو "الايمان بالكتب السماوية" .
فالكتب السماوية – اخوة الايمان – تنقسم الى قسمين ، منها ماذكرها الله تعالى في كتابه وذكرها نبينن صلى الله عليه وسلم في سنته باسمائها ، ومنها ما لم تذكر باسمائها وانما ذكرت بالجملة ، فاما القسم الاول فهي خمسة كتب :-
1- التــوراة : قال تعالى: { انا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء } المائدة: 44.
والتوراة انزلت على موسى عليه السلام.
2- الانجيـل : قال تعالى: { وقفينا على اثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة واتيناه الانجيل فيه هدى ونور } المائدة :46.
والانجيل انزلت على عيسى عليه السلام.
3- الزبور : قال تعالى : { واتينا داود زبورا } الاسراء: 55.
والزبور انزلت على داود عليه السلام.
4- الصحف :قال تعالى: { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى{18}صحف ابراهيم وموسى } الأعلى:18-19. والصحف انزلت على نبيين اثنين هما ابراهيم وموسى عليه السلام.
5- القرآن الكريم: وهو الذي انزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
واما القسم الثاني فهي الكتب السماوية التي نزلت مع كل نبي ولم يسمها سبحانه وانما ذكرها بجملتها مجتمعة كما قال سبحانه: { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } البقرة :213 .
فكلمة : وانزل معهم الكتاب ،دلت على جميعهم دون ان يستثني منهم احدا.
فالواجب على المؤمن الايمان بهن جملة وتفصيلا ، فان ذلك ركنا من اركان الايمان ، وعدم الكفر ببعضها بحجة الايمان ببعض، ولا الشك فيها فان هذا مقتضى ما يخرج من الملة .
ويامن امنت بذلك ، واعتقدت به خالصا من قلبك ، ان كمال الايمان ان تعتقد انه لم يبق كتابا صحيحا منهن الا القران الكريم ، واما الكتب التي سبقته فقد بدلت ، وغيرت، وزيدت ،وانقصت ، وحرفت .
فاليهود حرفوا التوراة ،والنصارى حرفوا الانجيل ، والباقيات لم يبق منهن شيء ، وكل هذا من حكمة الله تعالى ، فبقاء القران الكريم جامعا ومحفوظا هو المعجزة الخالدة.
فاخبر الله عن اليهود انهم حرفوا التوراة ، فقال : {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء :46.
واخبر عن النصارى ايضا انهم حرفوا الانجيل ، واخفوا اكثره ، فقال : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة:15.
ثم ضرب الله تعالى بعض الامثلة عن تحريفهم ، كقول اليهود عزير ابن الله وقول النصارى المسيح ابن الله ، وغيرها من الامثلة على تحريفهم مما لم يكن له في الواقع ما يقرره ويؤكده .
ثم انك لو فكرت مليا لوجدت ان الكتب التي نزلت قبل القران قد ضاعت نسخها الاصلية ،ولم يبق لها اصل ، بل اختلطت هذه الكتب بكلام الناس فلا تميز بين قول الله وقول سواه ، فكيف تصح نسبتها للرسل ؟ .
قال العلماء : مما اثبت ذلك ان التوراة دونت بعد موسى بقرون عديدة ، وهذا كلام دائرة المعارف في لاروس .( )
كيف لا وقد اختلفت نسخ الانجيل؟ فاليوم هناك 4 اناجيل اختصرت من 70 انجيل ، كلها مكتوب عليها اسم مؤلفيها ، وسبحان الله العظيم لو قرأت فيها واطلت التامل لوجدت ان كل هذا يثبته ما جاء فيها من التصورات الفاسدة والعقائد الباطلة ، ولكن القرآن – المعجـز - وضَّح وأبَان .
فهو المهيمن على جميع الكتب ، لتميزه بكفالة الله تعالى بحفظـه ، وهذا هو السر في حفظه ودوامه ، دون حفظ الكتب السابقة ، فان الله لم يتكفل بحفظها ، قال تعالى : {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة:44.
(استحفظوا) استودعوه أي استحفظهم الله إياه (فلا تخشوا الناس) أيها اليهود في إظهار ما عندكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم (واخشونِ) في كتمانه (ولا تشتروا) تستبدلوا (بآياتي ثمنا قليلا) من الدنيا تأخذونه على كتمانها (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) به.( ).
فأوكل الله الحفـظ لهم فأنَّى يستطيعون ... لكن كلام الله تعالى " القران الكريم " قد تكفل سبحانه بحفظـه ، فقال : {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر:9 ، حافظون : من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان ، فالحمد لله الذي حفظه لنا ، ولو لم يحفظه لنا لما بقي من القران شيء ، فلله الحمد والمنــة .
اخوة الايمان ,,, القران كلام الله ، حفظه الله ، وجمعه ، وبينه ، واعجزه ، كل ذلك لانه الجامع لما جاء في الكتب السابقة كلها ، والمحتوي لاوامرها ونواهيها ، والمستوعب لمقاصدها ومعانيها ، فسماه الله تعالى بانه المهيمن عليهن " الشاهد لما فيهن " {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }المائدة :48.
فجعل الله القران الكريم { تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ }النحل:89 .
فما من خير الا ودل عليه ،ولا شر الا ونبه عليه ، فهو المنهج الحقيقي للحياة كلها ، مهما اختلفت الازمنة ودارت ، وتغيرت الامكنة وصارت !!!
فهو المنهج لعلاقتك مع ربـك ، وهو المنهج لعلاقتك مع الكون الذي يحيط بك ، ثم لعلاقتك مع نفسك ، وحتى في علاقتك بمجتمعك ، بل امتك ، وهو المنهج في العلاقة بالامم الاخرى جميعا ، هو المنهج في كل شيء ، وجامع هذه الكلمات انه "منهج حياة".
ومن هنا تجد انه الدستور الوحيد الصالح لحكم الارض واستعمارها ، والموصل للعزة والكرامة فيها ، كرامة الدنيا والاخرة .
ولهذا شدد تعالى على الحكم فيه ، ووصف المعرضين عنه بابشع الاوصاف وما عدهم من اهل الايمان ، فتارة يقول { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة:44 ، وتارة يقول " { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة :45 ثم يقول : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }المائدة:47.
وسبحان من رتَّــبهن واحدة بعد اخرى ، فالابتعاد عن الحكم فيه على درجات ،وكل درجة منهن تقتضي وصفا مطابقا .
واما الخطاب الالهي لحبيبه صلى الله عليه وسلم فقد اثبت هذا، اثبته بنفي الايمان عنهم نفيا قاطعا فقال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء:65.
نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المتبعين لكتابه، المؤمنين باركان الايمان به ،الساعين لتطبيقه والعمل به ، انه ولي ذلك والقادر عليه .

الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وجنده وبعد:
ايها الاحبة الكرام: الايمان قول ... وعمل ، وليس القول دون العمل الا من خصال المنافقين "رحمنا الله واياكم " فالايمان بالقران الكريم يؤكد عليك العمل به والامتثال بامره ، والانتهاء بنهيه ، عند ذلك بالقران تحيا حياتنا ، وتعود كرامتنا.
نسأل الله تعالى ان يجعل القران العظيم ربيع قلوبنا وجلاء احزاننا وسائقنا ودليلنا ، اليه ، الى جنات النعيم ، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا ،وارزقنا تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا ،،، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.


سلسلة اركان الايمان 3 الشيخ مثــنى الزيدي القيت في 29/10/2010 / بغداد

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
مثنى علوان الزيدي
  • مقالات
  • الفقه الميسر
  • صوتيات
  • كتب
  • تراجم
  • لقاءات
  • خطب
  • محاضرات
  • الصفحة الرئيسية