اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/musleh/125.htm?print_it=1

الهمة العالية في الدعاء

مصلح بن زويد العتيبي
@alzarige

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
كيف تكون الهمة العالية في الدعاء ؟

الهمة العالية في الدعاء يمكن أن ينظر لها من ثلاثة جوانب :


الجانب الأول :

بماذا تدعو ؟
فليس معنى الهمة العالية في الدعاء أن تدعو بالأمور العظيمة والكبيرة فقط .
بعض الناس يفهم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس أن الدعاء ينبغي أن يكون في الأمور الأمور العظيمة فقط .
وهذا مخالف لفهم الصحابة رضوان الله عليهم فإنهم كانوا يسألون الله ملح الطعام وشسع النعل .
ولكن يعني أن لا يتعاظم في نفسك شيء تريده وتظن أنك لا يمكن أن تحصل عليه لقصور عملك أو قصور إمكانياتك .
فليست الأمور على ما نتصورها بحسب ما يحيط بها من صعوبات وعقبات وإنما الأمر لله وحده إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ؛ فالله على كل شيء قدير.
فالفردوس هو أعلى الجنة ووسطها ولذلك قد يظن البعض أنه لا يبلغه فيعرض عن سؤاله فوجههم النبي صلى الله عليه وسلم لسؤاله وطلبه ولعل هذه إحدى الحكم المستفادة من هذا الحديث.
وإذا كان حصول النتائج متعلق بطلب الأسباب فإن الدعاء من أعظم الأسباب .
ومما لا يتوافق مع الهمة العالية في الدعاء الاقتصار في الدعاء على طلب الدنيا والإعراض عن الآخرة ؛ قال تعالى :( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في وماله في الآخرة من خلاق ).
وأما أهل الهمة العالية فبين الله حالهم بقوله :( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة وقنا عذاب النار ).
فالهمة العالية في الجانب الأول تعني أن تسأل الله ما تريد من خيري الدنيا والآخرة موقنا بالإجابة.

الجانب الثاني :

لمن تدعو ؟!
بعض الناس لا يدعو إلا لنفسه فقط ، فهو نادرا مايذكر حتى أقرب الناس إليه من والد وولد وزوج وأخ .
وهو من باب أولى لن يذكر غيرهم من المسلمين ؛ وهذا مخالف لمنهج الرسل والصالحين في الدعاء الذي قصه الله علينا في كتابه .
فعلى سبيل المثال :
نوح عليه السلام دعا بقوله :( رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ).
وإبراهيم عليه السلام دعا بقوله :(رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر ).
حتى حملة العرش من الملائكة ومن حوله تأمل في دعائهم :( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ... إلى آخر الآيات .
والأمثلة كثيرة وإنما فقط أردت لفت الانتباه إليها .
فلا يكن أحدنا بخيل في الدعاء فلا يفكر إلا في نفسه بل ليكن ممن يصل خيره بالدعاء لأمته وقرابته وإخوانه بل يذكر الأحياء والأموات .

الجانب الثالث:

حتى متى تدعو ؟
العبد المؤمن يلح في الدعاء ويستمر عليه فالله يحب الملحين في الدعاء .
والدعاء كأي عمل آخر وكأي حقل من حقول النجاح إنما يفوز فيه من يستمر عليه فلا يمل .
ولما قال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم إذا نكثر ؛ قال صلى الله عليه وسلم : الله أكثر .
فلا تترك الدعاء تقول دعوت ودعوت فلم يستجب لي فإن الله لا يمل حتى تملوا .
خاتمة : اللهم ارزقني وقارئ هذه الأحرف وناشرها همة عالية في الدعاء وأجب دعائنا وأعطنا سؤلنا إنك سميع عليم قريب مجيب .

مصلح بن زويد العتيبي .
١٤٣٦/٩/١١هـ .


 

مصلح العتيبي
  • مقالات تربوية
  • كتب وأبحاث
  • قواعد التطوير والسعادة
  • الصفحة الرئيسية