صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







دفاعا عن النبي صلى الله عليه وسلم

مبارك عامر بقنه

 
 قد يستغرب المرء لماذا الصحافة الدنمركية تسعى جاهدة لاستفزاز المسلمين بنشرها صورا تسيء لجناب النبي صلى الله عليه وسلم مع أن المسلمين لم يؤذوا الدنمرك؟ والمرء يتساءل: هل هناك تحالف ضمني بين الغرب في حمل لواء التصادم مع الإسلام وتبادل الأدوار في الإساءة للمسلمين؟ فالظاهر أنه لا يقصد من الصور الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقدر ما هي إساءة إلى المسلمين فهي تحمل رسالة مضمونها مزيداً من الاحتقان والتصادم وصنع حالة مستمرة من التنافر والتباغض بين الغرب والمسلمين.

ولا يظن ظان أن الدافع من وراء ذلك هو حرية التعبير، فتجريح الأمم والإساءة للشعوب ليس من باب حرية التعبير، فإن أقل أدبيات الصحافة وأخلاقيات الكلمة أن يكون لدى الصحافة نوعا من التقدير للشعوب مع احترام للأقليات الموجودة لديها فهذه أدنى درجات الوعي الصحفي، وخصوصاً في هذا العصر، عصر التداخل بين الأمم والتي كادت تلغى فيه الحواجز الجغرافية.

وهنا قد يتساءل المرء: ما دوري تجاه هذه القضية؟


إن ما رأيناه من صور احتجاج ومظاهرات استنكار في العالم الإسلامي هي تعبير صادق عن مدى رفض المسلمين لهذه الأعمال الطفولية التي تقوم بها الصحافة الدنمركية. فالسكوت قد يدل على عدم مبالاتنا بذلك.إلا إن الأمر الأهم أن لا يقتصر الأمر على المظاهرات بل يجب أن يصاحب ذلك رفع شكوى واحتجاج واستنكار إلى جميع سفارات الدنمرك نطالب منها الاعتذار عما بدر من صحافتهم من استهزاء لنبينا صلى الله عليه وسلم.

علينا ونحن ننكر أن يكون إنكارنا منضبطاً بالضوابط الشرعية بعيداً عن السلوكيات والأخلاقيات غير الإسلامية فلا يصاحب المظاهرات والاحتجاجات تخريب أو إفساد وتدمير للممتلكات فنقع في محظور شرعي ونسئ من حيث أردنا الإحسان. فمن أدبيات الإنكار أن يكون الإنكار برفق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ما نزع الرفق من شيء إلا شانه" فنضبط أعصابنا ونظهر أخلاقيات المسلم في حالة الرضا والغضب، فالصور وإن كانت منكرا كبيرا إلا إننا لا نرد جهلهم بجهل بل بعلم وفقه واتزان وروية.

هذا المنكر هو فرصة لنا أن نظهر للغرب حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار للبشرية سيرته العطرة وأنها هي الصور المثلى للكمال البشري وأنهم مطالبون بالاقتداء به عقيدة وسلوكاً وأخلاقاً. هي فرصة لنا أن نؤلف ونناقش ونحاور الغرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالغرب الآن متلهف ـ بعد هذه الهجمة الوقحة ـ لمعرفة حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم فلا نضيع هذه الفرصة دون استثمارها بتصحيح مفهوم الغرب عن النبي صلى الله عليه وسلم.

علينا أن نستغل هذا الحدث ونمد جذور التواصل بيننا نحن المسلمين، فالحدث أظهر أننا أمة واحدة، عقيدتها واحدة، فهي فرصة أن نتغلب على خلافاتنا الجانبية ونرمم ما أحدثته الفرقة من شحناء زرعها الأعداء بيننا وأصبحنا أمما متناحرة مع أن ديننا واحد فلنجتمع ونتحد كما أجتمع الغرب وأتحد مع اختلاف عقائدهم ولغاتهم وشعوبهم.

إن الرد الحقيقي لهذه الهجمة النكراء على جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم هي أن نمتثل سلوكيات وأخلاقيات المصطفى ونطبق شريعته ومنهاجه بيننا ونحيي سنته في حياتنا فهذا هو أقوى رد نواجه به الأعداء، فأكثر ما يغيظهم أن يكون المسلم متمسكاً بدينه " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق "

وأخيراً لابد أن يكون لعلماء الأمة دوراً واضحاً وقوياً في هذا الأمر فلا يكفي الاستنكار بل لابد من مخاطبة الرؤساء والمنظمات والهيئات الأممية ومطالبتهم بوقف هذا الأمر وتقديم اعتذار للمسلمين لما أساءوه للمسلمين. ومطالبة بوضع قوانين ونظم تمنع وتجرم من يسئ إلى الأديان ومعتقدات الشعوب وعاداتها وتقاليدها؛ فلا يقتصر التجريم على الانتهاك الجغرافي للدول بل حتى على الانتهاك الأخلاقي، كما يكون ذلك مع قضية الهلوكوست والتي يعد إنكارها محاربة للسامية وجريمة، فما بالنا بالإساءة إلى عقيدة مليار ومائتين مسلم والاستخفاف بنبيهم ألا يعد جريمة يعاقب عليها القانون. والله المستعان.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مبارك عامر بقنه

  • مقالات شرعية
  • مقالات تربوية
  • مقالات فكرية
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية