صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اللقيط

الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف

 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الكبير ومعلمي الفاضل، فضيلة الدكتور مسلم اليوسف.
أسعدني وشرفني أن أتعرف على رجل مؤمن مكافح داعٍ مثلك.
وأسأل الله تعالى ان يرزقني همتك وعلمك.
وأن يعلي في البرايا شأنك.
وأن يغدق عليك من فضله وعلمه.
 أستاذي الفاضل.
في المكتب سألتك عن موضوع اللقيط وحكم تسجيله على اسم ملتقطه.
وما هو التكييف الشرعي والقانوني لحالته.
فأخبرتني أنك ستجيبني لاحقاًَ.
فهل لديك أي علم عن الأمر؟؟؟
أكرر شكري وسروري للتعرف عليك.
وأسأل الله أن يجمعنا في خانة المتحابين في الله.

 

اللقيط
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على إمام المرسلين محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم .
و بعد :
 
اللقطة لغة بسكون القاف أو فتحها : ما وجد بعد طلب أي ما يلتقط ,  وهي بهذا المعنى اللغوي العام تشمل ما يلتقطه الإنسان من بني أدم أو الأموال , أو الحيوان أو غير ذلك .
وعرفاً : هو الطفل المفقود المطروح على الأرض عادة , خوفاً من مسؤولية إعالته , أو فراراً من تهمة الريبة أو الزنا فلا يعرف أبوه ولا أمه , أو لسبب آخر .
 
أحكامه :
الالتقاط عند السادة الحنفية مندوب إليه ، وهو من أفضل الأعمال ؛ لأنه يترتب عليه إحياء النفس , ويكون فرض كفاية إن غلب على الظن هلاك الولد لو لم يأخذه , كأن وجد في مغارة ونحوها من المهالك , لحصول المقصود بالبعض وهو صيانته .
وقال جمهور أهل العلم : التقاط الولد فرض كفاية إلا إذا خاف هلاكه ففرض عين .
 
وهناك أحكام فرعية أخرى تتعلق باللقيط منها :
1- إن الملتقط أولى بإمساك اللقيط من غيره : فإن شاء تبرع بتربيته والإنفاق عليه , وإن شاء رفع إلى القاضي , ليأمر أحداً بتربيته على نفقة بيت المال ؛ هذا إذا لم يكن للقيط مال , فإن كان له مال , بأن وجد الملتقط معه مالاً , فتكون النفقة من مال اللقيط ؛ وهذا الحكم مجمع عليه بين العلماء .
أما لو أنفق عليه الملتقط من مال نفسه : فإن أنفق بإذن القاضي , فله أن يرجع على اللقيط بعد بلوغه , وإن أنفق بغير أذن القاضي يكون متبرعاً , ولا يرجع على اللقيط بما أنفق عليه بعد استكماله البلوغ .

2-  إن الولاية على اللقيط في نفسه وماله للقاضي :
أي بالنسبة للحفظ والتعليم والتربية ، والتزويج والتصرف في ماله , لقوله عليه الصلاة والسلام : { السلطان ولي من لا ولي له } وليس للملتقط ولاية التزويج أو التصرف في المال .

3-  إن اللقيط حر مسلم : إذا وجد اللقيط مسلم في بلد إسلامي يكون مسلماً , حتى لو مات يغسل ويصلى عليه , ويدفن في مقابر المسلمين , أما إذا وجده ذمي أو مسلم في بيعة اليهود أو كنيسة النصارى ، أو في قرية ليس فيها مسلم يكون ذمياً تحكيماً للظاهر .
ولو وجده ذمي في بلد إسلامي يكون مسلماً , أي أن العبرة للمكان .
قال الإمام الكاساني عليه رحمة الله : والصحيح هذه الرواية , فإذا وجده مسلم في بلد إسلامي كان مسلماً تبعاً للدار , وإذا وجده كافر في دار الإسلام كان مسلماً , أو وجده ذمي أو مسلم في كنيسة كان ذمياً .
وقال جهور العلماء من الشافعية والحنابلة و المالكية : إذا وجد لقيط بدار الإسلام فهو مسلم , وإن وجد بدار الكفار فكافر إن لم يسكنها مسلم كأسير وتاجر , فأن سكنها مسلم فهو مسلم في الأصح تغليباً للإسلام , بدليل ما روى أحمد والدار قطني : { الإسلام يعلو ولا يعلى عليه } .

4-  حكم النسب :

يعتبر اللقيط مجهول النسب , حتى لو ادعى إنسان نسبة اللقيط تصح دعوته , ويثبت النسب منه . وبناء عليه : لو ادعى الملتقط أو غيره أن اللقيط ابنه تسمع دعواه من غير بينة والقياس ألا تسمع إلا ببينة .
وجه القياس ظاهر , وهو أنه يدعي أمراً يحتمل الوجود وعدمه , فلا بد من ترجيح أحد الجانبين على الأخر بمرجح , وذلك بالبينة . ولم توجد .
ووجه الاستحسان : أن هذا الادعاء إقرار بما ينفع اللقيط ؛ لأنه يتشرف بالنسب ويعير بفقده , وتصديق  المدعي في مثل هذا لا يتطلب البينة . لكن لو ادعى نسبه ذمي تقبل دعواه , ويثبت نسبه منه , لكنه يكون مسلماً ؛ لأن ادعاء النسب يقبل فيما ينفع اللقيط لا فيما يضره , ولا يلزم من كونه ابناً له أن يكون كافراً , كما لو أسلمت أمه مثلاً , فيلحق الولد خير الأبوين ديناً , كما هو معروف .
ولو ادعاه رجلان أنه ابنهما , ولا بينة لهما , فإن كان أحدهما مسلماً , والآخر ذمياً , فالمسلم أولى بثبوت نسبه منه ؛ لأنه أنفع للقيط .
وإن كان المدعيان مسلمين حرين : فإن وصف أحدهما علامة في جسد الولد , فهو أحق به عند الحنفية ؛ لأن ذكر العلامة يدل على أنه كان في يده , فالظاهر أنه له , فيترجح بها , بدليل قوله تعالى مخبراً عن أهل امرأة عزيز مصر : { إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين , وإن كان قميصه قد من دبر , فكذبت وهو من الصادقين } .
وإن لم يصف أحدهما علامة , أو أقام كل منهما البينة , يحكم بكونه ابناً لهما , إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر , وقد روي عن سيدنا عمر في مثل هذا أنه قال : { إنه ابنهما يرثهما ويرثاه } .
وإن ذكر أحدهما بينة , والآخر علامة , فصاحب البينة أولى ؛ لأنه ترجح جانبه بمرجح .
وقال الشافعية : إن ادعى اللقيط اثنان ولم يكن لأحدهما بينة , عرض اللقيط على القائف[1] فيلحق من ألحق به ؛ لأن في إلحاقه أثراً في الانتساب عند الاشتباه .
وإن ادعت امرأة أن اللقيط ابنها : فإن لم يكن لها زوج , لا يصح ادعاؤها ؛لأن فيه حمل نسب شخص على الغير وهو الزوج , وهو لا يجوز . وإن كان لها زوج فصدقها في ادعائها أو شهدت لها القابلة , أو شهد لها شاهدان , ثبت النسب منها .
ولو ادعته امرأتان , وأقامت إحداهما البينة فهي أولى به , وإن أقامت كل منهما البينة , فهو ابنهما عند أبي حنيفة .
 وعند أبي يوسف : لا يكون لواحدة منهما .
 وعن محمد روايتان : في رواية يجعل ابنهما , وفي رواية : لا يجعل ابن واحدة منهما .

هذا في الفقه الإسلامي أما في القانون فقد نصت المادة 24 تعليمات المادة 29 – التعليمات التنفيذية لقانون الأحوال المدنية قرار وزاري رقم 579 / 52 تاريخ 6/6/ 2007م .
1- يسجل اللقيط بناءا على شهادة تنظم من قبل المؤسسة التي تعتمدها وزارة الشؤون الاجتماعية و العمل و يودع إليها اللقيط و يقوم أمين السجل المدني بتسمية المولود و انتحال اسم والديه و اسم جد له ليكون اسم الجد نسبة للقيط، و تسجل هذه الشهادة في السجل المدني في المنطقة التي وجد فيها و تبدأ المدة القانونية للتسجيل من تاريخ العثور إليه.
2- يحق للمؤسسة اقتراح اسم اللقيط فقط دون اسم والديه و اسم الجد.
3- يسجل اللقيط في مسكن خاص به بعد تسميته أصولا.
و نصت مادة 29 - قانون الاحوال المدنية - مرسوم تشريعي رقم (26) تاريخ 12/04/2007
آ- في حال عثر على لقيط يجب على من يعثر عليه تبليغ الشرطة او المختار فور عثوره عليه بغية تنظيم المحضر اللازم بذلك وتسليمه الى احدى المؤسسات او الاشخاص الذين تعتمدهم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التى تنظم له شهادة ولادة ويسجل فى السجل المدني بعد ان يقوم امين السجل المدني باختيار اسم له ولكل من والديه واسم جد نسبة له او ما تقترحه دور الرعاية بالنسبة لاسم اللقيط فقط دون ان يذكر انه لقيط فى الوثائق التى تمنح له.
ب- يعتبر اللقيط عربيا سوريا مسلما ومولودا في سورية في المكان الذي عثر عليه فيه ما لم يثبت خلاف ذلك.
ج- يعتبر بحكم اللقيط:
1)- الطفل المجهول النسب ولا يوجد من يقوم باعالته شرعا.
2)- الطفل الذي يضل الطريق ولا يملك المقدرة للارشاد عن ذويه لصغر سنه او ضعفه العقلي او لانه اصم ابكم ولا يحاول اهله استرداده.
و الله أعلم


د . مسلم اليوسف
حلب – سورية
هاتف :  009963955453111
 

---------------------
[1] - شخص يعرف الأنساب بالشبه .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
مسلم اليوسف
  • بحوث علمية
  • بحوث نسائية
  • مقالات ورسائل
  • فتاوى واستشارات
  • الصفحة الرئيسية