صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







واجب اتخـاذ مـكتب لائـق للمحامي

الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف

 
فرض القانون الوضعي على ممارس مهنة المحاماة أن يتخذ له مكتباً لائقاً ،بيد أنه لم يبين معنى كلمة لائق بشكل واضح وربما قصد واضع هذا التقنين ترك تفسير معنى : أن يكون المكتب لائقاً للعرف المهني للمحاماة و مكانة كل محام و ظروفه المادية و المعنوية .

نصت المادة 63 من قانون تنظيم مهنة المحاماة السوري : ( على كل محام أ ن يتخذ مكتباً لائقاً ومكرساً لأعمال المحاماة ، ولا يحق له اتخاذ أكثر من مكتب واحد إلا إذا انتخب نقيباً أو عضواً في مجلس النقابة ، فيحق له اتخاذ مكتب آخر بدمشق خلال مدة عضويته فقط ) .

التقنين السوري يفرض على كل محام أن يتخذ مكتباً ملائماً لمهنة المحاماة ، ثم نراه يشترط وحدانية هذا المكتب إلا إذا كان المحامي نقيباً للمحامين أو عضواً في مجلس النقابة عندئذ يحق له طيلة مدة عضويته اتخاذ أكثر من مكتب ، على أن يعود إلى القاعدة الأصلية فور الانتهاء من مهمته ( كعضو في مجلس النقابة أو كونه نقيباً للمحامين ) .

وبنفس مضمون المادة 63 السورية نصت المادة 84 محاماة لبناني :
( يجب أن يكون للمحامي مكتب في منطقة النقابة التي انتمى إليها ولا يحق له أن يتخذ لنفسه أكثر من مكتب واحد )( 1 ) .

على الرغم من أن القانون اللبناني لم يورد كلمة ( لائق ) بيد أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً .
وقد جرت العادة على أن يكون مكتب المحامي حسناً ملائماً لمنصبه ولظروفه المادية والاجتماعية .
فلا يصح - مثلاً - أن يكون مكتب المحامي عبارة عن دكان أو براكة أو كشك أو غرفة في قبو مظلم أو غرفة فوق سطح العمارة .
ويمكن أن يكون المكتب عبارة عن غرفة واحدة على أن تكون مستقلة أو أن يكون غرفة من شقة مؤلفة من عدة مكاتب وعيادات كأن تكون الشقة عبارة عن ست غرف ، غرفتين لطبيب وغرفتين لمهندس وغرفتين لمحام فهذا المكتب الكائن في هذه الشقة يعتبر لائقاً بالمحامي وبمهنته .

نصت المادة 43/2 محاماة أردني : ( يجب أن يكون للمحامي مكتب لائق مكرس لأعمال المحاماة ولا يحق له أن يتخذ غير مكتب واحد في بلدة واحدة ) . ونصت المادة 46 محاماة ليبي : ( لا يجوز للمحامي أن يتخذ فرعاً لمكتبه . . . ) أما المادة 126 مصري فقد نصت : ( لا يجوز أن يكون للمحامي أكثر من مكتب واحد في الجمهورية العربية المتحدة ) .
أما المادة 740 محاماة عراقي فنصت : ( يجب أن يكون للمحامي في مركز عمله مكتب خاص لأعمال المحاماة ) .

وقد نصت المادة 20 محاماة ياباني :
( 1 – إن مكتب المحامي يجب أن يسمى المكتب القانوني .
2 – يجب أن يكون مكتب المحامي في نفس المنطقة التي تقع تحت السلطة القضائية لنقابة المحامين التي ينتمي إليها المحامي .
3 – لا يستطيع المحامي فتح مكتب ثانٍ أو أكثر تحت نفس الاسم ، بل يستطيع أن يشتغل في مكتب محامٍ آخر ) .

وقد وضع العرف المهني للمحاماة شروطاً وصفات للمكتب العصري منها :
1 – شقة مؤلفة من عدة غرف ومنافع مخصصة إحداها للمحامي الأستاذ وأخرى للاستقبال وغرفة للمحامي المتدرب وغرفة لمدير المكتب .
2 – مكتبة متخصصة فيها عدد حسن من الكتب القانونية والفقهية والدوريات الهامة لمسايرة لآخر الاجتهادات والقضايا الملزمة الصادرة عن محكمة النقض .
3 - قسم السكرتاريا : يتكـون بشكـل أساسـي مـن الأدوات اللازمة لأعمـال الإدارة ( آلة كاتبة أو كومبيوتر لتخزين الدعاوى والقضايا واجتهادات المحاكم . . . الخ ) .
4 – مدير مكتب ذو مستوى ثقافي متوسط يتيح له إدراك مسؤولية الأعمال التي يؤديها ، بحيث يقوم بالإجراءات القانونية من تلقاء نفسه دون الرجوع إلى أستاذه .
ويجب أن يكون حسن الهيئة بما يتناسب وطبيعة المهنة .
5 – غرفة أو عدة غرف للمحامين المتدرجين بحيث تتسع الغرفة لمحام متدرج واحد أو أثنين – حسب القانون المتبع – على أن يتوفر فيها مكتب وعدة مقاعد للمراجعين وأصحاب الوكالات .

هذا ما نراه يشكل المكتب العصري لهذه المهنة العصرية فإذا وجدت فيه مميزات أكثر فهو حسن وإن كانت فيه مميزات أقل فهذا لا بأس به مادام لا يتعارض مع سمعة المهنة وعرفها .
ونهيب بنقابة المحامين و القائمين عليها الحرص على تطبيق هذا النص الهام بمهنة المحاماة و ذلك بسبب أن كثيرا من الزملاء لا يحترمون هذا النص مما يؤدي سلبا على مكانة المحامي في المجتمع المعاصر القائم على الإهتمام بالشكل والمضمون و الجسد و الروح .

ثانياً – في الشريعة الإسلامية :
كان الغالب على الجماعة الإسلامية الناشئة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وفي عصر الخلفاء الراشدين من بعده البساطة وخشونة العيش ، والجهاد في سبيل الله ولم يعرف عن العمارة في ذلك العهد سوى دار الرسول ، وبعض مساجد ذات جدران من لبن وأسقف من زعف النخيل بسيطة في التخطيط ، محاطة بجدران أربعة وقد تحــاط في بعض الأحيان بخندق محفور كما هي الحال في مسجدي الكوفة والبصرة.

وطبقاً لأوامر ونواهي الشريعة الإسلامية خلت جميع العمائر الإسلامية من التماثيل والصور وما إليها من الأدوات مما أدى إلى استخدام موضوعات مستمدة من الطبيعة استخداماً زخرفياً بحتاً ليس له في الحقيقة أي فعل رمزي أو مجازي ولا صلة له بأية أحداث تاريخية .

وعليه فإن نصوص الشريعة لم تفرض على ممتهن المحاماة أن يتخذ له مكتباً معيناً ضمن شروط وصفات مميزة بل تركت الأمر للعرف المنظم للمهنة .

فإذا كان العرف يسمح للمحامي بممارسة مهنته في خيمة شعر فإن الشريعة الإسلامية تسمح له بذلك .

وإذا أراد المحامي أن يمارس مهنته من خلال قصر فإن النصوص الشرعية لا تعارض في ذلك مادام الأمر لم يتعارض مع أحكام الشريعة وأوامرها ونواهيها مثل ( الاستغلال – التغرير – الغش – الاسترسال( 2 ) – الغبن . . الخ ) .

وهكذا فإن النص القانوني الذي يفرض على ممتهن المحاماة مكتباً معيناً بشروط مميزة نص غير شرعي لمخالفته روح الشريعة ونصوصها ، والله أعلم .  

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
مسلم اليوسف
  • بحوث علمية
  • بحوث نسائية
  • مقالات ورسائل
  • فتاوى واستشارات
  • الصفحة الرئيسية