صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







"أتواصوا به" التنوير المزعوم

د.مازن بن صلاح مطبقاني
‏@mazinmotabagani


بسم الله الرحمن الرحيم


دأبت جريدة "الشرق الأوسط" منذ عدة شهور على نشر مقالات ولقاءات عن أهم خمس كتب أسهمت في تنوير العالم العربي –حسب زعمهم- ومن هذه الكتب الخمسة التي تكررت على ألسنة هؤلاء الكتّاب والمفكرين وأقلامهم كتابي على عبد الرازق (الإسلام وأصول الحكم) وكتاب طه حسين (في الشعر الجاهلي) وكتب أخرى على شاكلتها وقد شذ قليل ممن استكتبتهم الشرق الأوسط فذكر كتباً أخرى لا يمكن تصنيفها مع هذين الكتابين ، ولكن الأعم الأغلب ممن تحدث وكتب لم يخرج في فهمه للتنوير عن الخط الذي رسمته الصحيفة.

وقد تفضل أستاذنا المبدع الدكتور مصطفى عبد الواحد بالكتابة حول هذه القضية في أكثر من مقال موضحاً خداع المصطلحات ، وبيّن أن استخدام "الشرق الأوسط"ومن سار على دربها لمصطلح التنوير مخالف تماماً لمعنى التنوير الحقيقي الذي يفهمه المسلم ولا يرضى به بديلاً، وذلك هو المفهوم الذي نأخذه من آيات الذكر الحكيم كقوله تعالى( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يُخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)

ومن المؤكد جداً في أي مقياس عقلي منطقي وإيماني في أن الكتب التي زعمت "الشرق الأوسط" أنها كتب تنوير ،إنما هي كتب جهل وتجهيل وظلام وإظلام. وإلّا كيف تجتمع الأمة على فساد كتاب طه حسين (في الشعر الجاهلي- في الأدب الجاهلي) وتعقد لمؤلفه المحاكمة ويتراجع عنه –ولو ظاهرياً- ويأتي اليوم من يعدّه كتاب تنوير. وكذلك كتاب على عبد الرازق (الإسلام وأصول الحكم) الذي طرد الأزهر مؤلفه من صفوفه، وعدّ ما في كتابه كفراً بواحاً وكتب علماء أفاضل ردوداً شافية على هذا الكتاب بينوا عيوبه ومثالبه حتى قضوا عليه قضاءً مبرما ، ولكن تلقفته جهات مشبوهة في بلد عربي آخر –سوى مصر- ونشرته في الآفاق وهو مع ذلك ليس الكتاب الجذّاب في عرضه وإخراجه
وليت الأمر قد اقتصر على ما فعلته "الشرق الأوسط" (الجريدة) وهو خطير ولكن قرأت قبل أيام مقالة للكاتب عبد الله الجفري في جريدة "الحياة " يشير فيها إلى أن الهيئة العامة المصرية للكتاب قد أهدته مجموعة من الكتب التي أخرجت من أجداثها زاعمين أنها كتب تنويرية وإذ من بينها كتاب على عبد الرازق وكتاب طه حسين وغيرهما وقد طبعت هذه الكتب طبعة شعبية ليكون توزيعها سهلاً وميسورا.

وهنا تبدى لي بعض خيوط الضلال والتضليل... جريدة تروّج ومؤسسة للنشر والعلم تطبع وتنشر، وكتّاب يكتبون ويتكلمون، فقلت سبحان الله كيف يجتمع أهل الباطل على باطلهم ويختارون كتباً من أشد كتبهم انحرافاً وفساداً وبهتاناً وزوراً فيعملون بشتى الوسائل لنشرها وترويجها
ليس غريباً أو عجيباً أو يكيد الشيطان للإنسان فقد به الوقاحة وسوء الأدب أن تجر في خطابه لمولانا الحق سبحانه وتعالى متوعداً بني آدم بالغواية والفساد (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلّا عبادك منهم المخلصين ) (ص 82) ولا شك أن مثل هذا العمل من "الشرق الوسط| و "الهيئة العامة" من وسائل الغواية والضلال. فلا عجب أن تصدر هذه الكتب وأن تنبري الأقلام لتروج لها وتصنع لأصحابها هالة من المجد (الزائف)على حساب عقيدة الأمة وتراثها الفكري والعلمي.

ليس العجب ما ذكرت وإنما العجب أن لا يجتمع أهل الحق والفكر الصحيح المستقيم فيختارون خمسة كتب أو أكثر من الكتب التي أسهمت في توير الأمة والدفاع عن عقيدتها وترايخها وتراثها فينشرونها ويتخذون جميع الوسائل الممكنة للترويج لها ومنها مثلاً كتاب "العدالة الاجتماعية في الإسلام" فهذا الكتاب تولّت بعض الجهات الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية ترجمته فور صدوره ليقوموا باللازم للوقوف في وجه هذا الفكر الإسلامي المستنير، ومن هذه الكتب أيضاً كتاب (الحجاب) لأبي الأعلى المودودي رحمه الله فهذا الكتاب يتضمن تصويراً رائعاً لمسيرة الحضارة البشرية ودور المرة في فترة ازدهار الحضارة وانحدارها.

وأضيف من هذه الكتب كتاب الفقيه المجاهد الشيخ الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله (المرأة بين الفقه والقانون) وأعده مرجعاً أساسياً في فهم التحولات العجيبة في فكر الأمة بخصوص المرأة وتأثير الغرب وقوانينه التي ابتلينا بها. والعجيب أنني زرت العديد من المراكز الاستشراقية فلم أجد هذا الكتاب ولا ترجمة له بينما يهتمون بخرافات وهذيان نوال السعدني ومن على شاكلتها.

لا شك أن بعض هذه الكتب تحتاج إلى جهد علمي رصين في تحديث معلوماتها وتوثيقها وربما اختصارها وما زلت أذكر أن هناك خيوطاً خفية تسعى لترويج فكر معين في عالمنا العربي بل حتى في الغرب فقد ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات مجموعة من الكتب تدعو إلى الإباحية واستغلت كتب اليوناني كازنتكاسي (زوربا اليوناني ) وغيره، وكتب هرمان هسه الألماني وغيرها.
آمل من كتابنا الأفاضل الإسهام في هذه القضية إضافة وتصحيحاً وتجلية وتوضيحاً والله الموفق.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د. مازن  مطبقاني
  • الكتب والبحوث
  • المقالات
  • مقالات حول الاستشراق
  • تقارير المؤتمرات
  • دراسات الغرب - الاستغراب
  • للتواصل مع الدكتور
  • الصفحة الرئيسية