اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/mashal/100.htm?print_it=1

حدث في رمضان (9)

د.مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي
@Malfala7i


بسم الله الرحمن الرحيم


الخلاف
في البخاري من حديث عبادة بن الصامت قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى ( تخاصم ) رجلان من المسلمين فقال : ( خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت ) رفع علم ليلة القدر بعد أن كادت الأمة ترتع في مساحات أثرها ما بقيت الحياة . وكان المانع من هذا الخير خلاف بين اثنين وخصام بين طرفين ونزاع على مساحات من الدنيا ! ولا تزال الأمة إلى يومها هذا تعاني أثر هذا الخلاف وتكتوي بناره وتصطلي بمساحاته وتفوتها خيرات بنزاع ذلك اليوم . يا الله كم يفوت الأمة من خير بنزاع بعض أفرادها ! وقد قرر الله تعالى أن أقرب النتائج وأسرعها من الخلاف : الفشل وذهاب اللحمة وضياع المقاصد الكبرى ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) فهل وعت الأمة الدرس ! واستوعبت ضياع أعظم مقدراتها من هذا الخلاف ( ضياع هويتها وذهاب رسمها ) من التاريخ ! جاء رمضان اليوم يعلمنا أن درس الوحدة من أعظم مقاصده ، وهذه الجموع التي تلتقي على صفرة واحدة عند الإفطار والسحور وتتعبّد لله تعالى على مدار شهر كامل وتتوجه إلى قبلة واحدة في التراويح والقيام في صف واحد لا تختلف وجهته حقيقة بأن تعي هذا الدرس وتفقه مضامينه وتعي آثاره وتطبّق مفاهيمه في واقعها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً . إن الخلاف شر وقد فقه ابن مسعود هذا الدرس فكان يتم الصلاة الرباعية مع الخليفة عثمان رضي الله عن الجميع في منى ولما سألوه عن ذلك قال : الخلاف شر .
إن الأمة اليوم تعاني تخلّفاً في جملة من مشاريعها النهضوية وقاعدة هذا التخلّف هو النزاع والشقاق الذي بلغ مداه وتوسّع بشكل ملحوظ على مستوى الأفراد والأسر والمجمتعات
ولعل سؤالاً لأقرب محكمة ستعرف من خلالها أن أكثر معاملاتها ما يتعلّق بالنزاعات الأسرية ( نموذجاً ) فإذا ما توسّعت قليلاً ادركت أن خلافات يتقد فتيلها بسبب نعرات قبلية على أراضي أو عادات أو وقائع وأحداث كانت يوماً ما ! فإذا ما وسّعت الدائرة قليلاً وجدت خلافاً بين أصحاب الحق الواحد وأكثره على الفاضل والمفضول ، وجله على الوسائل ! وربما خرجت الأمة من شهر رمضان ولم تضيق هذه المساحة فضلاً أن يتم إغلاق جزء كبير من ملفاتها . إنني أؤكد في هذه المساحة على دور الفرد وأن يبدأ كل واحد منا من دائرة تأثيره ويتنازل هو أولاً عن الخلافات التي يعيش واقعها ويسد فرجها ثم يتوسّع قدر جهده في المساحات الممكنة . وعلى الجهات ذات العلاقة بالإصلاح أن تتبنى هذا المشروع وتدعمه وتحاول جاهده في مد آثاره قدر وسعها ، وعلى الدعاة على وجه الخصوص أن يرتفعوا قليلاً عن هذا الوحل ، وأن يتعاملوا مع كل مجتهد كما تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع حاطب في قصة خطابه الذي كتبه لقريش في مكة . والله المسؤول أن يصلح قلوبنا ويرزقنا الاجتماع والائتلاف إنه ولي ذلك والقادر عليه .


د/ مشعل عبد العزيز الفلاحي
الأربعاء ١٤٣٧/٩/١٠
 

مشعل الفلاحي
  • الكتب والبحوث
  • رسائل موسمية
  • رسائل
  • تنمية الذات
  • للتواصل مع الشيخ
  • الصفحة الرئيسية