صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حلب تباد
(كلمة حول الأحداث والكوارث)

أبو أنس العراقي ماجد البنكاني

 
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: ماحصل ويحصل في أمتنا من قتل وكوارث، حصل في زمان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وحصل في الأزمان السابقة .

أنظروا ماذا حل بالصحابة وماذا طلبوا من نبينا صلى الله عليه وسلم:

روى البخاري رحمه الله: عن خبَّابِ بن الأرتِّ قال: "شكَوْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّدٌ بردةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصرُ لنا، ألا تدعو الله لنا، قال: ((كان الرجلُ فيمن قبلكم يُحفَرُ له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار، فيُوضَع على رأسِه، فيُشقُّ باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينِه، ويُمشَط بأمشاطِ الحديد ما دون لحمِه من عَظْم أو عصَب، وما يصدُّه ذلك عن دينِه، والله ليُتمنَّ هذا الأمرَ حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللهَ أو الذئبَ على غنمِه، ولكنكم تستعجلون)).
•• متوسِّد: ملتفٌّ بثيابِه، أو عَباءته.
تستنصرُ لنا: تطلب لنا النُّصرةَ من الله، عن طريق الدعاء والابتهال.

قال ابن حجر:
"إنَّ طلَبَ خباب الدعاءَ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم على الكفار، دالٌّ على أنهم كانوا قد اعتدَوا عليهم بالأذى ظلمًا وعدوانًا؛ قال ابن بطَّال: "إنما لم يُجب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سؤالَ خبَّاب ومن معه بالدعاء على الكفارِ مع قوله - تعالى -: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، وقوله: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ﴾ [الأنعام: 43]؛ لأنه علِم أنه قد سبق القدرُ بما جرى عليهم من البَلوى؛ ليُؤجروا عليها كما جرت به عادةُ الله - تعالى - في مَن اتَّبع الأنبياء، فصبروا على الشدةِ في ذات الله، ثم كانت لهم العاقبةُ بالنصرِ، وجزيلِ الأجر، قال: فأما غيرُ الأنبياء، فواجبٌ عليهم الدعاءُ عند كل نازلةٍ؛ لأنهم لم يطَّلعوا على ما اطلع عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم؛ انتهى ملخَّصًا.

وقصة خبَّاب هذه توضِّح لنا تحمُّلَ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأذى والاضطهادَ في البدايات الأُولى للدعوة الإسلامية؛ ليعلمَ الخلَفُ أن هذا الدينَ إنما جاء إلينا بجهدٍ واجتهادٍ وصبر ومثابرة من السلف".
وقد ذكر أصحاب السِّيَر جُملاً من ألوان العذابِ التي تعرَّض لها الرعيلُ الأول من الصحابة؛ أمثال: بلال بن رباح، وعمَّار بن ياسر، وخبَّاب بن الأرتِّ، وخُبيب بن عَديٍّ.
وماحصل لامتنا أيام احتلال التتار للعراق والشام، على المسلمين أشد من هذه الأيام.
فإلى الله المشتكى، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
اللهم فرج عنا ما نحن فيه، ونفس كرب المسلمين، وأبعد عنهم شر الأشرار وكيد الفجار. ثم أعزي نفسي والمسلمين بان من قتل من المسلمين ظلما وعدواناً فهو في الجنة ومن الشهداء باذن الله
اللهم فرج عن المسلمين، اطعم جائعهم، واكس عريانهم، واشف مرضاهم، وتقبل قتلاهم، وابدل حزنهم فرحا، وضيقهم فرجا، وازل همهم، واعزهم بعزك ياعزيز، وذل أعدائهم.
ادعو المسلمين الى ضبط النفس وفق شريعتنا الغراء، والرجوع الى الله، والتمسك بدينه، واتباع سنة نبيه، في أيامنا العصيبة، والرجوع الى العلماء في المحن والمصائب.

أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
نصر الله للمسلمين وعدُ حقٍّ، وقولُ صدقٍ، فقد وعد الله تعالى به المؤمنين، وأخبرهم أنه قريب، وإنما يؤخره تعالى لحكَم جليلة ، ومن كان قوي الإيمان ، صادق اليقين فسيعلم أن ذلك يكون قريباً كما أخبر به الرب تعالى .
قال الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَاإِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)البقرة
أم حسبتم أنكم أيها المؤمنون بالله ورسله تدخلون الجنة ولم يصبكم مثلُ ما أصاب مَن قبلكم مِن أتباع الأنبياء والرسل من الشدائد والمحن والاختبار ، فتُبتلوا بما ابتُلوا واختبروا به من " البأساء " ، وهو شدة الحاجة والفاقة ، " والضراء " ، وهي العلل والأوصاب ، ولم تزلزلوا زلزالهم ، يعني : ولم يصبهم من أعدائهم من الخوف والرعب شدة وجهدٌ ، حتى يستبطئ القومُ نصرَ الله إياهم ، فيقولون : متى الله ناصرنا ؟ ثم أخبرهم الله أن نصره منهم قريبٌ ، وأنه مُعليهم على عدوِّهم ، ومظهرهم عليه ، فنجَّز لهم ما وعدهم ، وأعلى كلمتهم ، وأطفأ نار حرب الذين كفروا " انتهى . تفسير الطبري (4/288) .
من أعظم وأقوى عوامل النصر: طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة بالله، وكثرة ذكره ؛ لأنه القوي القادر على نصر أوليائه .
والحمد لله رب العالمين، وصلى اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أبوأنس العراقي
  • الكتب
  • مقالات ورسائل
  • الصفحة الرئيسية