صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







تصحيح النقد الخاطيء  للخطاب الشرعي تجاه المخترعات الحديثة

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

خالد بن عبدالله الغليقة

 
 من الأمور الحتمية في حياة كل دعوة ، ومن الأمور القطعية في سيرة  كل أمة ، وجود أفكار ، ووصفات ، وفهوم , تجاهها سطحية الإدراك وغير عميقة الفهم , وغير محررة النقل , وتفتقد السند وثقة المسند ..  وهذا في كل مكان وزمان لا يستثنى منه زمان ولا مكان ، ولم تسلم منه دعوة ولا أمة ؛ ولكن الذي يفرق بينها أن بعضها تعمد السطحية وتعمد خلط الأوراق لقصد الإساءة وتضليل الآخرين وتغييب الحقيقة وتزييف الوعي ، وبعضها عن غفلة وضعف في عملية تلقي المعلومة . وسبب ضلال الفريق الثاني تضليل وتلقين الأول له وتغييب الحقيقة عنه ولهذا كان لدى علماء الحديث قاعدة تقول : ( إن من علامة ضعف رأي ورواية الرجل أن يلقن فيتلقن ) من دون وعي ولا دراية ولا فكر .. وإذا كانت قضية الإيمان بالله واليوم الآخر بالنسبة للإنسان قضية مصيرية وحياة سرمدية فإن الله عز وجل ذكر عن بعض خلقه أنهم يفكرون وينظرون إليها نظرة سطحية وغير عميقة وفيها غفلة فقال : } يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون { (1).
وإذا كانت دعوات الأنبياء وهي التي تتميز بوضوحها وعقلانيتها وانسجامها مع فطرة الإنسان وطبيعته , وفصاحة النبي أو الرسول في تبليغها والدعوة إليها قوبلت من البعض بالسطحية في فهمها وعدم التحري والدقة في استيعاب مفاهيمها ومبادئها عن سوء قصد أو عن بلاهة وغفلة ؛ فمن باب أولى غيرها من الدعوات والتي لا يصل القائم بها مقام الأنبياء والرسل في الفصاحة والبيان والوضوح في التبليغ والانسجام مع الفطرة والطبيعة البشرية أن تواجه بالرفض والسطحية وعدم الدقة في فهم وإدراك واستيعاب معانيها وأبعادها ، فيقبل الإنسان كل خطأ قيل عنها .. مما هو غير صحيح فيها , ويرفض كل صحيح فيها مما هو حقيقة عنها (ومن ذلك قضية كثر الغمز وطال اللمز بها لمنهج علماء الدعوة السلفية في الجزيرة العربية تجاه ما يسمى بـ (المستجدات والمستحدثات من الآلات ووسائل الاتصال والتقنية) وأن علماء هذه الدعوة يحرمون استخدامها والتعامل معها ، فهذا يدل على ضعف تفكيرهم وعدم صحة منهجهم , وخطأ في فهمهم للعقيدة الإسلامية والأحكام الشرعية والنص الشرعي .
والرد على هذه التهم من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : من الأخطاء التي وقع فيها من يتهم علماء الدعوة السلفية بأنهم يحرمون المستجدات والمستحدثات من الآلات ووسائل الاتصال , عدم تفريقهم بين العامة والعلماء ؛ فجعلوا رأي العامي رأياً للعالم , ونسبوا للعلماء اجتهادات الدهماء الخاطئة التي كان العلماء لها بالمرصاد في ردها ونبذها وتحريم الاجتهاد في الشرع على من لم يكن من أهل الاجتهاد ويحمل أدواته . ومسألة المستجدات والمستحدثات والآلات ووسائل الاتصال والتقنية مثال على هذه الموقف من العلماء؛ فكيف يقال : إن هذا رأي أو منهج لهم ؟!  فهذه الوثائق  تبين أن العلماء أنكروا على من خاض وتكلم من ( عوام ) (2) وغيرهم  في تحريم ( آلات الاتصال  والتقنية والوسائل الحديثة ) وأنكروا عليهم الفتوى بغير علم والاجتهاد في الأحكام لمن لا يملك أدوات الاجتهاد .
ومن المعروف في أبجديات البحث الموضوعي في علم دراسة الدعوات والجماعات والطوائف أو أي مذهب من المذاهب  أن رأي الجماعة أو رأي أي دعوة من الدعوات وطائفة من الطوائف أو مذهب من المذاهب  لا يؤخذ من العامة أو من الدهماء ؛ بل يؤخذ من أهل الرأي فيهم وأهل الحل والعقد والاجتهاد منهم في رصد فتاواهم ومعرفة آرائهم وأحكامهم واعتقاداتهم , وإن لم يكن هذا هو الأسلوب والمنهج في الرصد والمعرفة , وإن لم يكن هذا هو المسلك في تلقي المعلومة ؛ فلن يسلم مبدأ على وجه الأرض . ولهذا وصل الأمر إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكامه وأقضيته , وبالذات في كتابات المستشرقين ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم من الكتاب المنتسبين للمسلمين .
مثلاً إن كون بعض الصحابة وقع منه خطأ أو ارتكب غلطاً ؛ فمن الخطأ في الفهم والغلط في الممارسة أن يقدح في دعوة كاملة ومبدأ صحيح واعتقاد سليم ، فهذا من الأخطاء الموضوعية في البحث ويقدح في منطق الباحث وتفكيره , ويشكك في نزاهته .
الوجه الثاني :  أن هذه التهمة ـ تحريم العلماء للمستحدثات والمستجدات ـ مبنية على الظن لا على الحقيقة , وقائمة على الخرص لا على التوثيق .. وقد ذم الله هذا الأسلوب في الفهم ومقت هذا المسلك في التلقي فقال :} إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس {(3) وقال سبحانه وتعالى : } يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم { (4) وقد أمر سبحانه وتعالى بالتثبت حتى لا يقع الإنسان في الظن المنهي عنه  فقال : } يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين { (5).وقال في وصف من لا يحقق ولا يوثق : } وإن هم إلا يخرصون { (6) .
فالحقائق تبين أن هذه التهم من الظن السيء ومن الجهالة المذمومة والممقوتة , ويوضح ذلك أن  أعلى مراتب التحقيق والتحقق الوثائق ؛ فالوثائق تبين حقيقة رأي علماء الدعوة السلفية في الجزيرة العربية من المستجدات والمستحدثات  وموقفهم منها , ومن تلك الوثائق وثيقة تدل على أن العلماء في بداية الأمر لم يتبين لهم حال بعض هذه المستجدات ولم يعرفوها , فتوقفوا في أمرها , فلم يقولوا بالإباحة ولا بالتحريم , وهذا دليل على صحة منهجهم القائم على الشرع في الفتوى واستجابة لقوله تعالى :( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) (7) .
واتباعاً لقوله تعالى : } قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون { (8) .
فكانت فتواهم قبل معرفة حال هذه الآلات التوقف حتى يتبين لهم ماهيتها وحقيقتها كما  قولهم (أما مسألة البرق ( التلغراف اللاسلكي ) فهو أمر حدث في آخر هذا الزمان ولا نعلم حقيقته ولا رأينا فيه كلاماً لأحد من أهل العلم ، فتوقفنا في مسألته ولا نقول على الله ورسوله بغير علم , والجزم بالإباحة أو التحريم يحتاج إلى الوقوف على حقيقته " (9) .
وقد اشتملت هذه الفتوى على بعض البنود والمسائل الأخرى التي كانت آنذاك مصدر تشويش ( بعض الإخوان ) وحررت هذه الفتوى الدينية في 8 شعبان سنة 1345هـ ووقع عليها كل من : محمد بن عبد اللطيف ، وسعد بن عتيق ، وسليمان بن سحمان ، وعبد الله بن عبد العزيز العتيقي ، وعبد الله العنقري ، وعمر بن سليم ، وصالح بن عبد العزيز ، وعبد الله بن حسن ، وعبد الله بن عبد اللطيف ، وعمر بن عبد اللطيف ، ومحمد بن إبراهيم ، ومحمد بن عبد الله ، وعبد الله بن زاحم ، ومحمد بن عثمان الشاوي ، وعبد العزيز العنقري ، وهؤلاء هم علماء ومشايخ نجد المشهورون  في تلك الحقبة . فذهب البعض إلى أن هذه الفتوى من هؤلاء العلماء تحريم لهذه المستجدات من الآلات ووسائل الاتصال والتقنية , فهذا القول والاعتقاد من الظن السيء والجهالة المذمومة لأمور عدة :
 أولاً : الجهل بمنهج علماء الدعوة السلفية في الفتوى , وهو التحري والدقة وعدم الاستعجال في إصدار الحكم حتى يتبين لهم حقيقة الشيء وماهيته ويتضح نتائجه على حياة الناس وأخلاقهم ومعايشهم ؛ فقد كان نصب أعينهم رحمهم الله مقولة السلف الصالح : ( أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار ) والقاعدة المنطقية (الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) .
ثانياً : ضعف معرفة أساليب أهل العلم في الفتوى ؛ فالتوقف عن القول بالإباحة أو التحريم ليس فتوى بالتحريم أبدًا أو فتوى بالإباحة أبدًا ولم يقل بهذا أحد من أهل العلم , بل امتدح العلماء نسبة الأمر إلى علم الله عند عدم إدراك الحكم الشرعي , وأقوالهم وحكاياتهم في ذلك كثيرة جداً .
ثالثاً : القصور في بحث المسألة وتتبع مسارها التاريخي ومعرفة ما آل إليه رأي العلماء في هذه المستجدات وتلك الوسائل بعد ما عرفوا حقيقتها وتبين لهم ماهيتها ونتائجها ، فهناك وثائق تبين بصراحة رأيهم بعد ما عرفوا حقيقتها وماهيتها وهو القول بإباحتها والاستعانة بها  والتشديد في الرد على القائلين بحرمتها؛ فمن ذلك :
 

(1) العلماء ومسألة الإتيال ( اللاسلكي )
(10) :
من محمد بن عبد اللطيف ، سعد بن عتيق ، سليمان بن سحمان ، عبد الله بن عبد العزيز العتيقي ، عبد الله العنقري ، عمر بن سليم ، صالح بن عبد العزيز ، عبد الله بن حسن ، عبد الله بن عبد اللطيف ، عمر بن عبد اللطيف ، محمد بن إبراهيم، محمد بن عبد الله ، إلى من يراه من كافة ( الإخوان ) وفقهم الله لما يحبه ويرضاه وجعلنا وإياهم ممن اتبع هداه آمين .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ذلك :
أشرفنا على بعض مكاتيب للإمام عبد العزيز ـ وفقه الله وحفظه ـ من بعض   (الإخوان) ورأينا فيها كلاماً في ( مسألة الإتيال ) وأجناسها وكان مشكلاً عليهم " توقفنا " العام الماضي عن الجزم بالتحليل , وظننتم أن عندنا أمراً قد  كتمناه عنكم , وهذا الظن ما ينبغي منكم بنا يا إخواننا ؛ لأن الواجب عليكم ألا تظنوا أننا نتوقف عن شيء ، وقد ظهر لنا حكمه مراعاة لوجه أحد من الناس ، فنعوذ بالله أن نكون كذلك ؛ وإنما توقفنا إتباعاً لأمر الله وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال سبحانه : } ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب { (11) .
ونحن ما نقول ولا نعمل إن شاء الله إلا بما ظهر لنا من كتاب الله وسنة رسوله وأقوال السلف رضي الناس أم غضبوا , وعند العلماء قاعدة مشهورة وهي أن العلماء إذا توقفوا في شيء أو اختلفوا فيه فلا يعاب على فاعله ولا يعاب على تاركه إلا بدليل شرعي , وأما " مسألة الإتيال " وأجناسها , فلا والله , ونبرأ إلى الله أن يكون قد ظهر لنا أمر محرم من كتاب الله وسنة رسوله ـ أو من أقوال العلماء أو من أهل الخبرة ممن نثق بهم ، فنقول : من تكلم في مسألة الإتيال بتحريم أو عاب على الإمام بسببها والحالة هذه فقد اخطأ وارتكب معصية وخالف أمر الشريعة ، هذا الذي ندين الله به وهو الحق ونبرأ إلى الله من غير ذلك . هذا الذي عندنا ومن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها . نرجو الله تعالى أن يلهمنا وإياكم رشدنا ويعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا والله على ما نقول وكيل وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم(12) .
 

(2) العلماء والمراصد الفلكية :

يقول مؤلف كتاب : أعلام علماء حائل عن الشيخ عبد الله بن بليهد :
واذكر أننا كنا مجموعة من الأشخاص نتابع عملية إنزال أول إنسان على سطح القمر وهو الأمريكي أرمسترنج عام 1969م وبينما كنا مستغرقين في المتابعة قال أحدنا : الله يرحم الشيخ عبد الله بن بليهد .
قلنا : آمين ، لكن ما الذي جعلك تذكر ابن بليهد في هذا الوقت بالذات ؟
قال : قبل أربعين سنة جاءت بعثة علمية أمريكية إلى المملكة , وطلبوا من الملك عبد العزيز أن يأذن لهم برصد القمر في المكان المناسب من المملكة , وأن ينتدب أحد علماء البلاد للمساعدة في ذلك فكلف الشيخ ابن بليهد .
وقال صاحبنا : إن الشيخ اقترح على البعثة أن يتم ذلك من منطقة الدوادمي لأنها مرتفعة والرؤية صافية فيها .
وقال : إن أعضاء البعثة الأمريكية ناقشوا مع الشيخ احتمال وجود حياة على سطح القمر بدليل وجود مناطق غامقة اللون , ما قد يكون بحاراً أو أنهاراً أو غابات ؛ فقال لهم الشيخ : هذا احتمال غير ممكن لأنه لا يوجد في القرآن الكريم ما يشير إلى مثل هذا الاحتمال ؛ بل الذي يشير إليه القرآن الكريم هو أن القمر يسبح ويجري في فلك الأرض ومنازله وجريانه هو لضبط الحساب الزمني القمري على الأرض . أما ما ترونه من تلوينات غامقة على سطح القمر فإنها قد تكون ناجمة عن حجب جزئي من كواكب أخرى أو من سحب فضائية لضوء الشمس فلا يصل إلى سطح القمر إلا باهتاً .
وقال صاحبنا : إنه اطلع على ذلك الذي ينسبه للشيخ ابن بليهد في التقرير العلمي للبعثة الأمريكية التي أجرت ذلك الرصد في مكتبة أرامكو (13) .
 

(3) العلماء وغزو الفضاء عن طريق المركبات الفضائية  :

أ) الشيخ عبد الرحمن السعدي :
قبل أكثر من ستين عامًا (1360هـ) تسامع الناس في ( عنيزة ) عن عمليات غزو الفضاء ومحاولات الهبوط على سطح القمر قبل أن يتم ذلك فعلياً بحوالي ثلاثين عاماً .. فلجأوا مستفهمين وربما مستنكرين إلى الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله ( 1304-1376هـ ) وأجابهم الشيخ من فوره إن ذلك ممكن بواسطة آلة ترفعهم إلى القمر أو أي سلطان آخر .
روى ذلك ابنه الشيخ محمد العبد الرحمن السعدي وأشار إلى أن الشيخ عبد العزيز التويجري قد استعاد الحكاية عام 1418هـ في فندق ( بريزدنت ) بسويسرا بحضور أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي الذي عجب من شيخ نجدي اقتنع قبل الحدث بما لم يقتنع به بعض الأمريكيين بعده (14) .
ب) الشيخ القاضي عبد العزيز الخلف :
يقول عند قوله تعالى:( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) (15)
هذا نص من الله تعالى في حكمه النافذ أن الإنسان خلق من الأرض وفيها يموت ومنها يبعث في اليوم الآخر والذي حدث الآن هو أن الإنسان قد وصل القمر ، فلو أن إنساناً مات هناك فماذا يقال في حكمه مع ما اقتضته الآية الكريمة ؟ . الجواب أن ما حدث من نزول الإنسان على سطح القمر وما جاء به العلم في نتائج هذه الرحلة عن أحوال القمر تدلنا دلالة واضحة أن جسم القمر هو من الأرض التي فتقها الله تعالى كغيره من الأجرام التي نراها من فوقنا ... .(16)
ج) الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز :
حيث قال : ( وبذلك يعلم أنه لا مانع من أن يكون هناك فضاء بين الكواكب والسماء الدنيا ، يمكن أن تسير فيه المركبات الفضائية ؛ ويمكن أن تنزل على سطح القمر أو غيره من الكواكب ، ولا يجوز أن يقال بامتناع ذلك إلا بدليل شرعي صريح يجب المصير إليه ، كما أنه لا يجوز أن يصدق من قال إنه وصل إلى سطح القمر أو غيره من الكواكب ، إلا بأدلة علمية تدل على صدقه ؛ ولا شك أن الناس بالنسبة إلى معلوماتهم عن الفضاء ورواد الفضاء يتفاوتون ، فمن كان لديه معلومات قد اقتنع بها بواسطة المراصد أو غيرها ، دلته على صحة ما ادعاه رواد الفضاء الأمريكيون أو غيرهم ، من وصولهم إلى سطح القمر فهو معذور بتصديقه ، ومن لم تتوفر لديه المعلومات الدالة على ذلك فالواجب عليه التوقف ، والتثبت حتى يثبت لديه ما يقتضي التصديق أو التكذيب عملاً بالأدلة السالف ذكرها . مما يدل على إمكان الصعود إلى الكواكب قول الله سبحانه في سورة الجن فيما أخبر به عنهم : } وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرساً شديدًا وشهبًا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رصدًا { .
فإذا كان الجن قد أمكنهم الصعود إلى السماء حتى لمسوها ، وقعدوا منها مقاعد فكيف يستحيل ذلك على الإنس في هذا العصر الذي تطور فيه العلم والاختراع حتى وصل إلى حد لا يخطر ببال أحد من الناس ، حتى مخترعيه قبل أن يخترعوه ) (17) .
  

(4) العلماء و مسألة الكهرباء وأعمالها ونتائجها :

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في قوله تعالى : } سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق { (18) .
وقال تعالى : } علم الإنسان ما لم يعلم { (19) .
لم تزل حقيقة الكهرباء ونتائجها الباهرة وأعمالها العجيبة في طي الخفاء والكتمان ولم يصل إليها في غابر الزمان علم الإنسان , حتى ترقت معارف الناس في العلوم الطبيعية والكيمياوية وعلوم الكون ، فوصلوا إلى هذا العلم العظيم والكنز الثمين , وهو استخراج الكهرباء من المواد الأرضية والمائية والنارية وغيرها من المواد المتنوعة ؛ فحققوا علمها وفرعوا أعمالها ونتائجها بعد ما أتقنوا أصولها ، فأوجدوا بها الصنائع المتنوعة والمخترعات الباهرة وأوصلوا بها الأنوار والأصوات من المحال المتباعدة الشاسعة في أسرع من لمح البصر . ومازالوا ولا يزالون في ترقية مخترعاتهم وتفريعها . أفليس الذي علم الإنسان ما كان ناقصاً في علمه ناقصاً في إرادته وقدرته وعمله وجميع أحواله . أليس الذي علمه هذه الأمور التي لم تكن تخطر ببال احد من البشر بقادر على أن يحيي الموتى وأن يجمع الأولين والآخرين بنفخة واحدة ؟
 

(5) العلماء والبطاريات :

الشيخ عبد الله بن حميد ينصح باستخدام البطارية :
من مداعباته ـ رحمه الله ـ أنه قال لشيخ كبير في السن وهو يحمل سراجاً في صلاة العشاء والفجر لإنارة طريقه قاله له : لو حملت معك بدلاً من السراج كشاف البطارية اليدوي . فرد عليه : لا أريده لأنني لا أحبه . إن الشباب يحملونه أما أنا فأحب سراجي . فقال الشيخ : هذا السراج من النار والقاز وربما يقترب من ثوبك فيحرقه , وفي المسجد إن وضعته أمامك مكروه وإن وضعته خلفك لعب فيه الأطفال وربما أطفئوه . أما هذه البطارية فيمكنك أن تضعها في جيبك عند دخولك المسجد وعند الخروج وتضيء لك الطريق (20) .
 

(6) العلماء والراديو :

يقول الدكتور عبد الرحمن الشبيلي في معرض ذكره عن أوائل من اقتنى الراديو :
ومن البيوتات التي ذكر الشيخ الجفالي والدكتور الخويطر أنها من أوائل من اقتنى الراديو : آل الشيبي وآل القطان في مكة المكرمة .
ومن المسئولين : الشيخ عبد الله بن حسن آل الشيخ رئيس القضاة , وعبد الله السليمان وزير المالية ومحمد سرور الصبان . (21)
 

(7) العلماء ومكائن ضخ المياه للزراعة :

كان الشيخ محمد بن فيصل المبارك أول من أدخل الماكينة الزراعة في بلدته حريملاء ، ذلك عام 1360هـ (22) .
 

(8) العلماء ومكبرات الصوت ( الميكروفون ) :

فقد ذكر الشيخ محمد المنجد حكاية عن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله فقال:
 أول ما جاء مكبر  الصوت ووضع في المسجد فإن بعض كبار السن لم يعجبهم ذلك وظنوا أن في المسألة بدعة وان استخدام مكبر الصوت حرام ، لكن هذا شأن كبار السن والأشخاص الذين لا يفقهون الأمر على وجهه .
أما أهل العلم الذين يسيرون على نهج السلف فلهم موقف آخر , ولذلك لما قابل الشيخ هذا الرجل اعترض على وضع مكبر الصوت ، ناداه الشيخ وقال له : هات نظارتك التي تلبسها يا أيها الرجل ، فأعطاه النظارة السميكة التي يلبسها ، فقال له: اقرأ هذه الورقة ، فلم يستطع الرجل أن يقرأ الورقة ، ثم أعطاه النظارة فلبسها فقال : أقرأ الورقة الآن ، فقرأ الورقة ، فقال : هذه النظارة تمكنك من قراءة الكلام الدقيق المكتوب , وهذا المكبر يمكنك من سماع الصوت (23) .
 

(9) العلماء والساعة :

1. الشيخ سليمان بن سحمان :
في رده على أحد العامة في تحريم الساعة حيث يقول :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد :
فقد تأملت ما ذكره الأخ المكرم ـ حفظه الله ـ من السؤال عن الساعة وعن تركيبها والموجب لذلك أن رجلين تنازعا في شأنها فقال أحدهما : هي عمل سحر وقال الآخر : صنعة من سائر الصناعات المخروقة في هذه الأزمنة . قال الآخر : أقل أحوالها أنها بدعة لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه , والبدع محظورة , ..... إلى آخر السؤال .
فاعلم وفقك الله لطاعته وأحاطك بحياطته وتولاك في الدنيا والآخرة أن أمر الساعة قد تكلم العلماء فيه قديماً , ولم تكن مما أحدث في هذه الأزمان وقد كانت موجودة على عهد مشايخ أهل الإسلام الذين هم القدوة وبهم الأسوة في مسائل الدين والأحكام , وهم يعلمون أنها موجودة في بلادهم وعند بعض الولاة والحكام , ولم ينكرها أحد منهم ولم يتكلم فيها بشيء مما يتكلم به هؤلاء المتعلمون المتنطعون الصعافقة المجان الذين تكلفوا أن اتجروا فينا   بلا أثمان
فإذا تحققت هذا وعرفته فاعلم أن قول المنكر للساعة إنها عمل سحر , وأن أقل أحوالها أنها بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه والبدع محظورة ـ قول لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول أحد العلماء الذين يقتدى بقولهم في الخلاف والوفاق ، بل هو قول مجرد عن الدليل ودعوى عارية من التأصيل , ونحن نبين ما ذكره العلماء في ذلك ليزول الإشكال واللبس ويندفع ما قصده من التمويه والتدليس .
فإذا فهمت هذا وحققته فاعلم أن المنكر للساعة لم يأت بدليل يمنع من استعمالها ولا ذكر أن أحدًا من العلماء المعتد بأقوالهم أنكرها وجعلها من قبيل السحر , وإنما ذكر أن أقل أحوالها أنها بدعة والبدع محظورة والجواب عن ذلك من وجوه :
الوجه الأول :
أن البدع لا تكون إلا في القرب والعبادات التي يتقرب بها العبد لربه لا في العادات كالصناعات والملابس والمأكل والمشرب , وغير ذلك من العادات الطبيعية, ولا يتعرض بمثل هذا إلا الجهال العوام الذين هم أشبه بسائر الأنعام .
الوجه الثاني :
 أننا لو سلمنا أنها من قبيل البدع وأنها محظورة فما الجواب عن الآلات والصناعات والملابس التي حدثت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كالمدافع والصنائع وآلات الحرب مما يستعمله الناس اليوم , إن كانت من قبيل البدع , فلم لم ينكر هذه البدع , ومن الذي سوغ له السكوت عن إنكارها , إن كان مقصوده إنكار البدع .

الوجه الثالث :

أن يقال لهذا الجاهل لابد أن تذكر شيئاً من الأدلة الشرعية على الفرق بين جواز استعمال آلات الحرب والصنائع العادية المحدثة بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنها من العادات التي يجوز استعمالها وبين الآلات صندوق الساعات وما أحدثه الناس من الملابس والمطاعم وغيرها ؛ إذ الكل من العادات المصنوعة لكن بعضها بأسباب خفية لطيفة وبعضها بأسباب معلومة ظاهرة , وأنها من قسم العبادات والبدع المحظورة المحدثة بعد عهد النبوة (24) .
 

2. الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ :

اعترض رجل من الجهمية على أهل الإسلام بمسائل يطعن بها في دينهم منها قوله: أكثر ما تستعملونه من شرب القهوة ولبس المحارم بدعة ؛ فأجابه الشيخ عبد اللطيف بقوله : وهذا من أدلة جهله وعدم معرفته للأحكام الشرعية والمقاصد النبوية أن الكلام في العبادات لا في العادات فما اقتضته العادة من أكل وشرب ومركب ونحو ذلك ليس الكلام فيه , والبدعة ما ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولم يرد بها دليل شرعي ولم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه (25) .
 

3. الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن :

الحمد لله وكفى وصلى الله على محمد النبي الهادي المصطفى وسلم تسليماً (أما بعد) فقد تأملت ما أجاب به الشيخ سليمان بن سحمان فيمن سأله عن أمر الساعة فما أجاب به هو عين الصواب وأهل الخوض فيها كاين ريس وأشياعه ممن ارتكب ما نهى الله عنه من التحليل والتحريم برأيه ممن تناولهم نص هذه الآية وهي قوله تعالى : } ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب { وهي قديمة من القرن السادس أو قبله , متداولة بين الملوك , وقد نص شيخ الإسلام على أشياء ملتحقة بالسحر لأنها بواسطة عبادة الشياطين كالسيماء والكيمياء ولم يتعرض للساعة ؛ لأنها من الصناعة المستخرجة, وهذا مشاهد أنها صناعة من قوي إدراكه أحسن تركيبها , وبالجملة من أصغى إلى هؤلاء وكلامهم فقد رضي بافتراء الكذب على الله في التحليل والتحريم وحسبنا الله ونعم الوكيل .
 

4. الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن :

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أقام من شاء من عباده لنصرة السنة والقرآن ووفقهم لكشف ما موه به أهل الزيغ والافتتان وصلى الله على أشرف الأنبياء والمرسلين وصفوة الخلق أجمعين نبينا محمد سيد ولد عدنان وآله وأصحابه الذابين عن دينه بالسيف واللسان وسلم تسليمًا كثيرًا ؛ أما بعد :
فإني نظرت فيما كتبه العالم النبيل والفاضل الجليل الشيخ سليمان بن سحمان جواباً لمن سأله عن الساعة فإذا هو عين الصواب والحق الذي لا شك فيه ولا ارتياب , إذ المجادل فيها والقائل إنها من السحر قد أضل الناس وهو أجهلهم بقواعد الشرع وبالتحريم والتحليل ؛ لأن من يحلل ويحرم بلا حجة ولا برهان , بل لمجرد رأيه فهو أضل من حمار أهله , والتحليل والتحريم مرجعهما ومأخذهما من كتاب الله وسنة نبيه , وما أجمع عليه السلف الصالح وأئمة الدين , والساعة صنعة من الصناعات التي تدرك بالحذق والفكرة , وليست من البدع ولا من السحر ؛ إذ البدع المذمومة ما كانت في القرب الشرعية , وأما العادات والصناعات فليست من قسم البدع وقد تداولها الملوك وغيرهم والعلماء من أهل التحقيق يشاهدونها ويسمعون بها , ولم يبلغنا عن أحد منهم من مضى ممن يعتد بتحريمها ولا إنكارها, ولكن إذا خاض في مسائل التحريم والتحليل من لا بصيرة ولا علم ولا دراية له بحدود الشريعة , وقلده على جهله من هو من عوام المسلمين الذين هم أشباه الأنعام وقع اللبس والتشكيك , ولا يلتفت إلى قول هؤلاء الصعافقة إلا من قل حظه وضاع نصيبه من العلم والإيمان . والله يقول الحق وهو يهدي السبيل , وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم (26) .
أملاه محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن .
 

(5) الشيخ سعد بن حمد بن عتيق :

الحمد لله الذي نورت قلوب أهل العلم والإيمان بالسنة والقرآن ... أما بعد فقد نظرت في هذا التحرير المفيد والكلام الذي كتبه الشيخ سليمان بن سحمان أيده الله بروح منه وسلطان في رد ما قاله بعض الجهالة في صندوق الساعة من أنها من السحر المحرم وأنه يحرم على المسلم اتخاذها واستعمالها فوجدت كلامه عفا الله عنه وافياً بالمرام شافياً للسقام كافياً في رد ما انتحله أولئك الجهلة الطغام , وتهجين ما توهموه واعتقدوه بآرائهم الفاسدة وعقولهم الكاسدة , فجزاه الله أحسن الجزاء , ولا يشك من له معرفة بالأحكام الشرعية وأصول الشريعة المحمدية أن هذا قول في شرعه وأحكامه بغير علم وقد قال تعالى : } قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله مالا تعلمون { وقال تعالى : } ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون {
وكيف يجترئ من له نصيب من العقل والدين الجرأة على مثل هذا القول , ومن العجب أن الرجل الذي اخترع هذا الكلام حتى اغتر به بعض جهلة العوام الذين هم أشبه شيء بالأنعام ينسب هذا القول , أعني زعم أن صندوق الساعة من السحر إلى ابن كثير على ما اعتقده برأيه الفاسد , وهذا يدل العاقل على كثافة جهل هذا الرجل وفساد تصوره لما ذكر ابن كثير فإن ما ذكره ابن كثير ونقله عن الرازي أوضح شيء في بيان أن الساعة ليست من السحر في شيء ؛ وإنما هي من الأعمال العجيبة والحرف التي لها أسباب قد تخفى على من لا يعرفها .. وقد اجتمعت بهذا الرجل وبينت له خطأه في ذلك وفساد تصوره , لما ذكره ابن كثير أنه ينادي بخلاف ما ادعاه , ويشهد بجهله وخطئه فأصر على ما انتحله وكابر وعاند ولا يغتر بما تخيله هذا الرجل ورآه واعتقده بجهله وافتراه من التحريم بغير حجة من الله ولا برهان إلا من هو من الجهالة المخدوعين , والله الهادي إلى سواء السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل , وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم(27).
أملاه الفقير إلى الله سعد بن حمد بن عتيق .
 

(10) العلماء واستخدام الأسلحة الحديثة ـ المستخدم فيها البارود ـ :

 
يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في رده على البولاقي صاحب مصر في   قوله :

وها أنتم  قـد تفعلون كغيركم  ---  حوادث قد جاءت عن الأب والجد
كحـرب ببارود وشرب لقهوة -  وكـم بدع زادت عن الحد والعد

                                       
قال رحمه الله تعالى :

وأعجـب شـيء عـددت لقهـوة   ---    مع الحرب بالبارود في بدع الضـد
وقد كان في الإعراض ستر جهالة    ---    غدوت بها من أشهر الناس في البلد
يظن بدع في الدين تلك وإنمـا     ---       يراد بها الإحداث فـي قُرَبِ العبد  (28)

                                   
(11) العلماء والدعوة لاستخدام السيارة والطيارة :

يقول الشيخ عبد الله البليهد :
لا تتعجبوا من هذا الآلة فالذي يعيش منكم سوف يراها عند باب كل بيت وسوف يرى الفلاحين ينقلون عليها الرمال لمزارعهم ، فالسيارة ما هي إلا مما يسره الله جل شأنه لخدمة الناس ، وسوف ترون ما هو أكثر فالسيارة والطيارة وغيرهما من الوسائل الجديدة ما هي إلا صنعة , وصانعها هو الإنسان (29) .
 

(12) العلماء والدعوة إلى استعمال الأجهزة الصوتية لتحديد اتجاه القبلة :

ومن ذلك صدور تعميم من نائب رئيس القضاة بتاريخ 26 / 2 /1393هـ , ورقم (56) ينص على : ( جواز استعمال الأجهزة الصوتية لتحديد اتجاه القبلة في محاريب المساجد إذا ثبت دقة هذه الأجهزة وخبرة القائمين عليها ) (30) .
 

(13) العلماء وصواريخ الفضاء :

يقول الشيخ القاضي عبد العزيز الخلف : الصواريخ هي في مسماها أرضية فضائية ونحن الآن بصدد الكلام عن الصواريخ الفضائية الجبارة , وهي في مجموعها أعظم وأضخم بكثير من الصواريخ الأرضية .
قالوا : إن أقدم صاروخ استخدم في العالم هو الصاروخ الصيني المعروض في المعرض العسكري في بكين , وقد صنعه ضابط صيني ... (31) .
 

(14) العلماء والعقل الإلكتروني :

قال الشيخ القاضي عبد العزيز الخلف : يكون العقل الإلكتروني في العادة في المقدمة عن كثب من أنف الصاروخ ، وهذا العقل الصناعي جهاز يتألف من مجموعة ضخمة من الصمامات الكهربائية والمقاومات والمكثفات ونحوها , يوصل بينها أسلاك دقيقة كأنها الشعر ، وتبدو مجموعها كأنسجة المخ ، وتقوم الصمامات الإلكترونية , والمكثفات مكان الخلايا المخية , وتؤدي الأسلاك عمل الأعصاب ... (32) .
الوجه الثالث :
منهج العلماء في الدعوة يقتضي الاستفادة من كل أصناف المخترعات الحديثة
أولاً : إظهارهم دلالة الكتاب والسنة على الفنون والمخترعات العصرية :
 يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي :  إن هذه الأدلة موجودة في كتاب الله المجيد في عدة مواقع منها :
قال تعالى : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) (33)
وقال تعالى : ( تبياناً لكل شيء ) (34)
وقال تعالى : ( والله خلقكم وما تعملون ) (35)
وقال تعالى : ( علم الإنسان ما لم يعلم ) (36)
وقال تعالى: ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) (37)
وقال تعالى : ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ) (38)
وقال تعالى : ( إن في خلق السماوات والأرض ... لآيات ) (39)
وقال تعالى : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) (40)
وقال تعالى : ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون) (41)
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على هذا الأصل .
اعلم أن علوم البشر السابقة واللاحقة وما يترتب عليها من المعارف والأعمال والنتائج والثمرات نوعان :
علوم دينية وعلوم دنيوية ، وكل رقي ديني وأخلاقي وجسدي فإنه من ثمرات العلوم , ولكن الرقي يتفاوت تفاوتاً عظيماً . فأعظم أنواع الرقي وأعلاه وأصلحه وأكمله إذا اتفق العلمان المذكوران واتفقت آثارهما وتعاونا على الخيرات كلها وعلى زوال الشرور كلها ، وكلها متفاوتات متساعدات يؤازر ويهذب بعضها بعضاً ، فمن تأمل هذا القرآن العظيم وهدي النبي الكريم وخلفائه وأصحابه عرف أنه بيَّن النوعين وحث عليهما ودعا إليهما , وأخبر أن النجاح والفلاح والسعادة والهناء متوقفة عليهما , وأنه يساير الأوقات والعصور والأحوال كلها , ويطبق تعاليمه العالية على جميع ما حدث ويحدث ويستجد مهما كان .. وإن كل علم ومعرفة وآثار ونتائج مهما عظمت إذا لم تكن مبنية على الدين فإنها ناقصة نقصاً  عظيماً , وإن شرها أعظم من خيرها ؛ بل تكون خيراتها سبباً لشرور عظيمة كما هو معروف للناظرين .
وقد أخبر في هذه الآيات أنه خلق لنا جميع ما في الأرض وسخره لنا نستمتع به , وأنه خلقنا وخلق أعمالنا بما يسر وسخر لنا من الأسباب ، وأنه علَّم الإنسان ما لم يعلم ، وأن الإنسان جعله الله قابلاً لتعلم العلوم التي جاءت بها الكتب السماوية ودعت إليها الرسل ، وللعلوم الكونية التي نبه عليها القرآن في آيات عدة ، وأنه امتن على الإنسان بهذا التعليم وأظهر آثاره ونتائجه وأمره بسلوك كل طريق لتحصيل هذه المنافع . وهذا العموم والشمول في هذه الآيات يأتي على جميع الفنون والعلوم العصرية , وما ينشأ من هذه الفنون من المخترعات الهائلة وما يترتب عليها من المنافع الحاصلة (42) .
وقال الشيخ ـ رحمه الله ـ في تأييد ذلك  :
عند قوله تعالى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) (43)
وقوله : ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون ) (44) .
وهذا شامل لكل ما خلقه الله وعلمه الإنسان من أصناف المخترعات التي لا تزال  تحدث : من المراكب البحرية والبرية والهوائية ومن المخترعات الكهربائية والمغناطيسية الحاملة للأصوات من الأماكن الشاسعة وللأنوار والأثقال المرقية للصناعات ونحوها ، فكل ما يحدث من دقيق وجليل فإنه داخل في هذه الآية ونحوها ، قال تعالى ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) (45) .
( علم الإنسان ما لم يعلم ) (46) .
( والله خلقكم وما تعملون ) (47) .
وإنما لم يصرح القرآن  بمثل أسماء هذه الأشياء وأوصافها الخاصة لأنه لا فائدة من ذلك في ذلك الوقت ، بل فيه مضرة لأن الناس لم يشاهدوا نظيره. قال تعالى :
( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ) (48) .
فانه لما أخبرهم بالإسراء إلى البيت المقدس من المسجد الحرام وبالمعراج إلى الله, وبأن الزقوم شجرة تخرج في أصل الجحيم حصل بذلك فتنة مع أنها من المعجزات , وبعضها من أمور الغيب المتقرر مخالفتها لما يعرف الناس ، فكيف لو صرح لهم وأخبرهم أن الناس سيطيرون في الهواء ويغوصون في البحار ويتخاطبون في مشارق الأرض ومغاربها , ونحو ذلك من الأمور الواقعة المدهشة.
لو أخبرهم ببعضه لسمعت من الإنكار والتكذيب شيئاً كثيراً , ولكن أتى بكلمات جوامع يدخل فيها كل ما سيحدث إلى قيام الساعة حتى إذا وقعت تبين دخولها في دلالة القرآن فازداد المؤمنون بذلك إيمانًا , وقامت الحجة على المعاندين ، ولهذا كلما توسعت معارف الناس في علوم الكون والطبيعة عرفوا من دقيق حكمة الله وعظيم قدرته وحسن خلقه ونظامه العجيب في تدبير المخلوقات , ومطابقة ذلك لما أخبر به شيئاً عظيماً , ولكن أبى المتمردون إلا عتواً ونفوراً (49) .
ثانيا : دعوة العلماء بأن المخترعات من أدلة التوحيد ودليل على قدرة الله وصدق رسوله :
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم : هذه المصنوعات من أدلة التوحيد ، فإنها مما يحقق أن الله على كل شيء قدير , وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن , وقدرته تعالى ومشيئته ليست محصورة في وقت ، بل هي دائمة باستمرار ، بل مما يحقق شهادة أن محمداً رسول الله ولكن لمن شهد أنه رسول الله حقاً بأخباره ورسالته فإنه يرى في الوجود ؛ لأنه نوع من أخبر به عن اليوم الآخر ـ لا عينه ـ فإنه أخبر بتقارب الأسواق وأن الدجال يقطع الأرض في وقت قصير , وقوله (فيبصرهم الناظر ويسمعهم الداعي ) (50) .
 

ختاماً :

فهذه الأدلة تبين غلط وخطأ من نسب تحريم الآلات والتقنية لعلماء الدعوة السلفية في السعودية , وكذلك يتضح خطأ من جعل اجتهادات بعض العامة أو صغار طلبة العلم اجتهادًا للعلماء ورأيًا لكبار أهل العلم . وهذه الأدلة تدل على عدم فهم بعض من نسب التحريم لمنهج العلماء الذي يؤسس للآخذ بالتقنية والآلات واستخدامها والاستفادة منها .
 

كتبه
خالد بن عبد الله الغليقة
 

---------------------
(1)  سورة الروم ، الآية : 7 .
(2)  بل إن مما يدل على قلة هؤلاء العوام الذين خاضوا في تحريم الكهرباء ما ذكر عن جيش الإخوان الذي يغلب عليه العوام عندما رأوا الكهرباء لأول مرة في الحرم المكي بعد دخولهم مكة  سنة 1343هـ . بالنص التاريخي التالي تقول صحيفة الرياض والتي تصدر من القاهرة : "كان المفهوم أن جنود الإخوان ستبطل إنارة الحرم الشريف إبان فتح  الحجاز ولكنهم أعجبوا بإنارة الحرم ولم يعطلوا شيئًا منه . ومما هو جدير بالذكر أن تلك القوات كانت ترسل إلينا ما يلزم للإنارة من زيت وبترول قبل وصول جلالة الملك المعظم إلى الحجاز ومباشرة شؤونه " نماذج من صحافة أبناء الجزيرة العربية في الخارج ، محمد عبد الرزاق القشعمي ، مركز حمد الجاسر الثقافي ، ط1 ، 2009م /1430هـ ، ص146 .
(3)  النجم ، الآية 53 .
(4)  الحجرات ، الآية 12 .
(5)  الحجرات ، الآية 6 .
(6)   يونس ، الآية 10 .
(7)  الإسراء ، الآية 36 .
(8)  الأعراف ، الآية 33 .
(9)  حافظ وهبة . جزيرة العرب في القرن العشرين : ط3 ، ص 290-292 .
(10)  النماذج التي سننقلها عن العلماء هي من بداية دخول الآلات في المنطقة حتى عام 1400هـ لان ما بعدها كثير جدا  يحتاج مجلدات وتلك الفترة هي محل الخطأ والغلط على العلماء .
(11)  سورة النحل ، الآية 116
(12)  النجعي ، علي بن محمد : القوة الثالثة ، الرياض ، ص 123 – 124 .
(13) العفنان ، سعد ، أعلام حائل ، ط1 1425هـ ، ص 160-161 .
(14)  المجلة العربية ، ربيع الآخر 1426هـ ، إبراهيم عبد الرحمن التركي ، ص 56
(15)  سورة طه : الآية 55 .
(16)  الأجزاء الكونية بين النقل والعقل ، عبد العزيز الخلف ، ص 256 .
(17)  مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة : عبد العزيز بن باز ، مج1 ، ص 268 .
(18)  سورة فصلت : الآية 53 .
(19)  سورة العلق : الآية 5  .
(20)  أعلام وعلماء عايشتهم ، إسماعيل العتيق ، ص 28 .
(21)  إعلام وأعلام : عبد الرحمن الشبيلي ، ص 207 .
(22)  مقال ( هكذا كان جيل الملك عبد العزيز ) محمد بن حسن المبارك ، صحيفة الرياض بتاريخ 17/6/1427هـ . 
(23)  تسجيلة صوتية .
(24)  نقل بتصرف من رسالة للشيخ سليمان بن سحمان في رده على من تكلم في الساعة  كتاب مجموع رسائل وفتاوى في مسائل مهمة تمس إليها حاجة العصر : مطبعة المنار بالقاهرة ، 1346هـ  . ص 52 . 
(25)  رسائل وفتاوى في مسائل مهمة تمس إليها حاجة العصر : مطبعة المنار بالقاهرة , ص 67 .
(26)  مجموع رسائل وفتاوى في مسائل مهمة تمس إليها حاجة العصر : مطبعة المنار بالقاهرة , ص 68 .
(27)  مجموع رسائل وفتاوى في مسائل مهمة تمس إليها حاجة العصر : مطبعة المنار بالقاهرة , ص 71 .
(28)  المرجع السابق .
(29)  أعلام علماء حائل : الشيخ عبد الله البليهد : سعد العفنان ، عبد العزيز البليهد ، 1425هـ  , ص 37-68 .
(30)  تعميمات وزارة العدل ، 1400هـ .
(31)  الأجزاء الكونية بين النقل والعقل ، عبد العزيز الخلف ، ص 227 .
(32) المرجع السابق , ص 227 .
(33)  سورة الأنعام : الآية 38 .
(34)  سورة النحل : الآية 89 .
(35)  سورة الصافات : الآية 96 .
(36)  سورة العلق : الآية 5 .
(37)  سورة البقرة : الآية 29.
(38)  سورة الجاثية : الآية 13 .
(39)  سورة البقرة : الآية 164 .
(40)  سورة الحديد : الآية 25 .
(41) سورة النحل : الآية 8  .
(42)  المرجع السابق ص 455-456 .
(43)  سورة يس الآيتان 41،42 .
(44)  سورة النحل:الآية 8
(45)  سورة الحديد : الآية 25 .
(46)  سورة العلق : الآية 5 .
(47)  سورة الصافات : الآية 96 .
(48)  سورة الإسراء : الآية 60 .
(49)  المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي ، 1412هـ ـ 1992م ، مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة ، ص 224 – 225 .
(50)  كتاب فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم : الجزء الأول ، ص 31 .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد الغليقة
  • مقالات
  • الصفحة الرئيسية