صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الأجوبة الرائدة على الأسئلة الواردة

التنبيه على حديثين ضعيفين مشهورين
في الحث على الصيام في شدَّة الحر

خبَّاب بن مروان الحمد


السلام عليكم
الشيخ خباب الحمد حفظه الله
نسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد آمين.

نود سؤالكم عن مدى صحَّة بعض الأحاديث التي تحث على الصيام في شدَّة الحر، وما في ذلك من أجر جزيل وحسنات جزيلة.

والحديث الأول : حديث أبي ذر ، قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : لو أردت سفرا أعددت له عدة ؟ قال : نعم، قال : فكيف سفر طريق القيامة ألا أنبئك يا أبا ذر بما ينفعك ذلك اليوم ؟ قال بلى بأبي أنت وأمي قال: صم يوما شديد الحر ليوم النشور وصل ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وحج حجة لعظائم الأمور، وتصدق بصدقة على مسكين أو كلمة حق تقولها أو كلمة شر تسكت عنها .

والحديث الثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على سرية في البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف فوقهم يهتف يا أهل السفينة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه فقال أبو موسى أخبرنا إن كنت مخبرا قال: إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش.

ننتظر منكم الجواب .
والله يحفظكم ويرعاكم

...........................


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ السائل:
أشكركم على حسن الظنِّ بتوجيه السؤال، وأرجو من الله تعالى لي ولكم التوفيق والهدى والرشاد.
كلا الحديثين اللذين سألت عنهما ضعيفين بمرَّة!
فأما حديث أبي ذر، فقد أخرجه الحافظ ابن أبي الدنيا في كتاب "التهجد وقيام الليل" ص32 تحقيق: مسعد السعدني، طبعة: مكتبة القرآن.
حيث قال: حدثني محمد بن العباس بن محمد، حدثنا عبد الله بن كريم، حدثنا إلياس الضحاك، عن عثمان بن سنان، عن السري بن مخلد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: «يا أبا ذر لو أردت سفرا لأعددت له عدته ، فكيف بسفر طريق يوم القيامة ؟ ألا أنبئك يا أبا ذر بما ينفعك ذلك اليوم ؟» قال: بلى بأبي وأمي، قال:« صم يوما شديداً حره ليوم النشور، وصل ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وحج حجة لعظام الأمور، وتصدق بصدقة على مسكين ، أو كلمة حق تقولها ، أو كلمة سوء تسكت عنها».
قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (1/ 466) :(أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التهجد من رواية السري بن مخلد مرسلا والسري ضعفه الأزدي).
والحديث فيه عدَّة علل وظلمات بعضها فوق بعض:
1) فهو منقطع الإسناد كما قال الإمام العراقي.
2) وفي رجاله (السري بن مخلد) قال الأزدي: ضعيف جداً، وقال الذهبي : لا أعرفه. ينظر لسان الميزان : (1/ 423).
3) وفي رجاله إلياس بن الضحاك، بحثت عمَّن ترجمه فلم أجد له ترجمة، فهو مجهول لا يُعرف!
4) وفيه عبد الله بن كريز الحدسي وهو مجهول الحال كذلك.

وأمَّا الحديث الآخر فهو حديث ابن عباس ، وقد أخرجه البزار في " مسنده " ( 1/ 488/ 39 0 1 - موارد ) برقم : ( 4974) قال: حَدَّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حَدَّثنا موسى بن داود، قال : حَدَّثنا عَبد الله بن المؤمل عن عطاء، عَن ابنِ عباس ، رَضِي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى في سرية في البحر فبينا هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف من فوقهم يهتف بأهل السفينة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه فقال أبو موسى : أخبر إن كنت مخبرا ، قال : إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش.
وقال البزَّار بعد أن أورده : (وهذا الحديث لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن ابنِ عباس إلاَّ مِن هذا الوجه ، وقد روى ، عَن أبي موسى من قوله وفيه زيادة كلام من قول أبي موسى).
وقد قال الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 186) : رجاله موثقون!!
وقال المنذري في الترغيب والترهيب : (2/108) : إسناده حسن إن شاء الله!!
وقال السيوطي في البدور السافرة: 178 : (إسناده جيد)!
وحسّنه الألباني في صحيح التّرغيب : (1 / 412)!!
وهذا تساهل مِمَّن حسَّن أو جوَّد إسناد الحديث، فالصحيح ضعف إسناد هذا الحديث ففيه عبد الله بن المؤمل المدني وقد نقل الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه تهذيب التهذيب : (2/440)، أقوال أئمة الحديث، وعلماء النقد والجرح والتعديل، وسأورد شيئاً مِمَّا نقله عنهم:
قال الإمام أحمد: أحاديثه مناكير.
وقال ابن معين: صالح الحديث، وقال عنه مرَّة: ليس به بأس، وقال عنه مرَّة: ضعيف!
وقال النسائي: ضعيف.
وقال أبو داود : منكر الحديث.
وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: ليس بالقوي.
وقال ابن عدي: أحاديثه عليها الضعف بيِّن.
وقال الدار قطني: ضعيف.
وقال العقيلي: لا يُتابع على كثير من حديثه.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (ص: 384): "ضعيف الحديث " كما في ترجمته برقم (3648)، وقال عنه كذلك في مختصر البزَّار: (1 / 404) : ضعيف جداً.
وقد ذكره ابن حبَّان في (المجروحين) : (2/27-28) وقال: "عبد الله بن المؤمل المخزومي شيخ من أهل مكة كان قليل الحديث، منكر الرواية، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد ...".
ثم ذكر من رواياته هذا الحديث الضعيف !
ولأجل ذلك يبدو أنَّ الشيخ المحدِّث الألباني تراجع عن تحسين هذا الحديث فضعَّفه في السلسلة الضعيفة برقم : (6748)، وضعَّفه كذلك في ضعيف الترغيب برقم:( 577 ) فقال: ضعيف.
فالحديث هذا ضعيف كذلك.
وقد جاء هذا الحديث كذلك في مستدرك الحاكم من طريق عبد الله بن المؤمل عن عطاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – "أن النبي – صلى الله عليه وسلم – استعمل أبا موسى على سرية البحر، فبينما هي تجري بهم في البحر في الليل، إذ ناداهم مناد من فوقهم: ألا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، أنه من يعطش لله في يوم صائف، فإن حقاً على الله أن يسقيه يوم العطش الأكبر".
ثم قال الحاكم في المستدرك "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" لكنَّ الذهبي تعقَّبه في التخليص، وقال: "إن المؤمل ضعيف" وهو كما قال. يُنظر مستدرك الحاكم: (3/530).
فالحديث ضعيف لأنَّ من رجال سنده: (عبد الله بن المؤمل) وهو ضعيف.
والحديث أخرجه كذلك ابن المبارك في الزهد (ص461) وعبد الرزاق في المصنف (4/308) برقم : (7897) ، وابن أبي شيبة في المصنف (2/273) برقم (8901)، وابن أبي الدنيا في الهواتف (ص23) والروياني في مسنده (1/374) والبيهقي في " الشعب " ( 3/ 1 41/ 3922)، وأبو نعيم في حلية الأولياء (1/260) وابن عساكر في تاريخ دمشق : (32/ 86 ـ 87)، كلهم من طريق واصل مولى أبي عيينة عن لقيط بن المغيرة عن أبي بردة أن أبا موسى سمع هاتفا في البحر يقول: ( إن الله قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر كان حقيقا على الله أن يرويه يوم القيامة. فكان أبو موسى الأشعري يتبع اليوم المعمعاني الشديد الحر فيصومه ).
فأمَّا (واصل مولى أبي عيينة ) فهو من رجال البخاري ومسلم.
وقد نقل الإمام ابن حجر في تهذيب التهذيب : (4/ 302 ـ 303) عدداً من أقوال أئمة الحديث في واصل مولى أبي عيينة، فقد قال فيه الإمام أحمد: ثقة، ووثَّقه كذلك ابن معين، وقال أبو حاتم : صالح الحديث، وقال البزَّار ليس بالقوي، وقد احتمل حديثه.
وحينما ذكره ابن حجر في تقريب التهذيب برقم : (7386) ص579 حَكَمَ عليه ابن حجر فقال: صدوق عابد.
وأمَّا (لقيط) فإنَّه يكنى : (أبو المغيرة) فهو مجهول لا يُعرف!
ذكره الدولابي في (الكنى والأسماء) ص:(144) فقال: أبو المغيرة لقيط، عن أبي بردة بن أبي موسى ، يحدث عنه : واصل مولى أبي بن عيينة .
وذكره مسلم في الكنى والأسماء برقم (3098) وقال: أبو المغيرة لقيط عن أبي بردة بن أبي موسى، روى عنه واصل مولى ابن عيينة.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير، في باب لقيط: برقم : (1060) وقال:لقيط أبو المغيرة عن أبي بردة بن أبي موسى روى عنه واصل مولى أبي عيينة.
وكل هؤلاء الثلاثة (البخاري ومسلم والدولابي) ذكروه ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً!
وقد ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وسكت عنه. (الجرح 2/3/177).
قال الألباني في الضعيفة: ( لقيط ) هذا، ويكنى بـ ( أبي المغيرة )، لا يعرف إلا برواية (واصل) هذا، كذلك ترجمه البخاري في "التاريخ "، وابن أبي حاتم في " الجرح "، وابن حبان في " الثقات " ( 7/ 362 ) ؛ فهو مجهول، وذكره الأزدي في " الضعفاء " وقال:" لا يصح حديثه ".
ولأجل ذلك قال الشيخ الألباني في الضعيفة : وهذا إسناد ضعيف .
وضعَّفه في ضعيف الترغيب والترهيب (1/ 578).

والخلاصة كما ذكرنا في البداية أنَّ كلا الحديثين ضعيفين، ولا يتقوَّى أحدهما بالآخر لعدَّة علل في الأحاديث الواردة، والله تعالى أعلم.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية