اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/khabab/208.htm?print_it=1

صلاة العيد في جائحة كورونا: كيف تكون في البيوت؟

خبَّاب بن مروان الحمد
@khabbabalhamad


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والاه واتبع هداه         أمّا بعد:
صلاة العيد فرض كفاية، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة، وتظهر فيها أبّهة الإسلام، ولهذا يُشرع له الاجتماع العام، وشرط صحّتها أن تكون بأربعين رجلاً.
وإذا لم يتمكن المسلم من أداء صلاة العيد مع المسلمين فإنّه له أن يصليها في البيت سواء أكانوا جماعة أو فرادى، ويصليها بعد طلوع الشمس قيد رمح ويبقى موعد صلاتها إلى الزوال.

وهل يُصليها ركعتين أو أربعاً؟

في المسألة تخيير في مذهب الحنابلة بيّنه ابن قدامة في المغني إما أن يصليها ركعتين أو يصليها أربع ركعات.
واختار أن تكون أربعاً الشعبي والثوري وأحمد في رواية عنه، ونص أحمد في رواية أن الأربع بلا تكبيرات زوائد. وقال الزركشي: "هذه المشهورة من الروايات اختارها الخرقي والقاضي والشريف وأبو الخطاب في خلافاتهم وأبو بكر فيما حكاه عنه القاضي والشريف"([1]).
ويبدو أنّ صلاتها ركعتين أقرب للسنة؛ وهو الذي نصّ عليه المرداوي في الإنصاف واعتبره المذهب فقال مُعلقاً على قول صاحب المقنع: "وإن فاتته الصلاة، استحب له أن يقضيها على صفتها" قال المرداوي: "هذا المذهب"([2]).
وقال في المبدع شرح المقنع: "( وإن فاتته الصلاة استحب له أن يقضيها على صفتها ) قدمه في " المحرر "، و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " وهو الأصح لفعل أنس ، ولأنه قضاء صلاة ، فكان على صفتها كسائر الصلوات ، وظاهره : متى شاء"([3]).

وهذا القول أقرب للسنة لعدّة أسباب:

أولا:
الأصل الثابت في السنة النبوية أنّ صلاة العيد ركعتان، وأنها تمام غير قصر. فقد ثبت من حديث ابن عباس – رضي الله عنه - : "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يُصلّ قبلها ولا بعدها " [ رواه البخاري (945) ومسلم (884)]
وثبت من قول عمر بن الخطاب : " صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [ أخرجه ابن ماجه في سننه (1067) وأحمد في المسند (258 ) وفي سنده انقطاع، وصححه جماعة من المُحدّثين].

ثانياً:
أنها صلاة قضاءٍ تحكي الأداء. وقد فعل ذلك أنس بن مالك، كما رواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم قال: " وَأَمَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ مَوْلاَهُمْ ابْنَ أَبِي عُتْبَةَ بِالزَّاوِيَةِ فَجَمَعَ أَهْلَهُ وَبَنِيهِ".
ويبدو أنّ صلاة أنس لم تكن على سبيل القضاء بل كانت أداء، ولهذا قال ابن رجب: " وأنس لم يفته في المصر، بل كان ساكناً خارجاً من المصر بعيداً منه، فهو في حكم أهل القرى، وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد -في رواية عنه"([4]) وأنس بن مالك كان يسكن خارجاً من البصرة على أميالٍ منها كما قرّره ابن رجب.
وذكر الحافظ ابن حجر أن أثر أنس المذكور قد وصله ابن أبي شيبة في المصنف، وقولـه: "الزاوية" اسم موضع بالقرب من البصرة، كان به لأنس قصر وأرض وكان يقيم هناك كثيراً"([5]).

· مناقشة قول أنّ صلاة العيد تُصلى أربعاً:

الراوية الأخرى في مذهب الحنابلة أنّه في حال فوات صلاة العيد عمّن حضر فإنّها تُصلّى أربعاً لفعل علي بن أبي طالب حين استخلف على الضعفاء من يصلي بهم العيد أربعاً، ولفعل ابن مسعود حيث صلّى العيد أربعاً كما رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه فيُقال:
أولا:
أنّ فعل الصحابي الجليل علي بن أبي طالب؛ خولف بفعل أنس بن مالك الذي صلاها ركعتين؛ لحديث عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله فصلّى بهم مثل صلاة الإمام في العيد" [ رواه البيهقي، والأثر علقه البخاري مجزوما به ووصله ابن أبي شيبة وهو صحيح ].
ثانياً:
أنّ الأثر الوارد عن ابن مسعود في صلاتها أربع ركعات ضعيف منقطع.
ثالثاً:
أنّ الأثر الوارد عن علي أخرجه الشافعي في الأم والبيهقي في سننه : "أنّ علياً رضي الله عنه أمر رجلاً أن يُصلي بضعفة الناس يوم العيد أربع ركعات في المسجد"([6]) فإنّ في سنده أبو قيس الأودي : قال البيهقي: مختلف في عدالته، وقال ابن حنبل: لا يُحتج بحديثه.
ثم قد روى الشافعي في الأم عن علي بن أبي طالب كذلك أنّه قال: "صلوا يوم العيد في المسجد أربع ركعات ركعتان للسنة وركعتان للخروج".
وورد عن ابن أبي شيبة في مصنفه : (5813) قيل لعلي بن أبي طالب : " إن ضعفة من الناس لا يستطيعون الخروج إلى الجبانة فأمر رجلاً يصلي بالناس أربع ركعات: ركعتين للعيد وركعتين لمكان خروجهم إلى الجبانة".
ومن هنا نلحظ أنّ في سياقة الأثر عن علي بن أبي طالب اختلافاً ولهذا نبّه الشافعي أنهما حديثان مختلفان.

لهذا اختلف العلماء في أثر علي بن أبي طالب على ماذا يُحمل؟
قال البيهقي في سننه: "ويُحتمل أن يكون أراد ركعتين تحية المسجد ثم ركعتي العيد مفصولتين عنهما، وذكر بعدها أثر ركعتان للسنة وركعتان للخروج"([7]).
لكن تعقَّبه ابن التركماني في الجوهر النقي وقال: "الظاهر أن البيهقي فهم من قوله ركعتان للسنة أنه أراد تحية المسجد ومن قوله ركعتان للخروج أنه أراد ركعتي العيد، والظاهر أن الأمر ليس كذلك، وإنما أراد بقوله ركعتان للسنة ركعتي العيد وأراد بقوله وركعتان للخروج أي لترك الخروج إلى المصلى. ويدل على ذلك أن ابن أبي شيبة أخرج في مصنفه هذا الحديث ولفظه قيل لعلي: إن ضعفة من الناس لا يستطيعون الخروج إلى الجبانة فأمر رجلاً يصلي بالناس أربع ركعات ركعتين للعيد وركعتين لمكان خروجهم إلى الجبانة فظهر بهذا ضعف ما تأوله البيهقي"([8]).
وقال المهدي الوازني في المعيار المُعرب: "أصل فعلها في المساجد إنما كان في ابتداء الأمر للضعفة وأرباب الأعذار"([9]).
وبهذا يتبين أنّ الأثر عن علي له سببٌ في كونها صُلّيت أربعاً، وهو اجتهادٌ منه وسواءٌ أكان ذلك تحية للمسجد على قول البيهقي، أو لترك الخروج إلى المصلى كما فهمه ابن التركماني وهو ظاهر أثر ابن أبي شيبة؛ فإنّ الأصل في صلاة العيد أنّها ركعتان.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنّ صلاة العيد تُصلى أربع ركعات بدون جهرٍ في الصلاة ولا تكبيرات للعيد؛ وجعل ذلك بمنزلة من استخلفه عليُّ بن أبي طالب فيصلي بهم جماعة وفرادى؛ فقد قال : " وأما من كان يوم العيد مريضاً أو محبوساً وعادته يصلي العيد فهذا لا يمكنه الخروج فهؤلاء بمنزلة الذين استخلف عليٌ من يصلي بهم فيصلون جماعة وفرادى ويصلون أربعا كما يصلون يوم الجمعة بلا تكبير ولا جهر بالقراءة ولا أذان وإقامة لأن العيد ليس له أذان وإقامة فلا يكون في المبدل عنه بخلاف الجمعة فإن فيها وفي الظهر أذانا وإقامة والجمعة كل من فاتته صلى الظهر؛ لأن الظهر واجبة فلا تسقط إلا عمن صلى الجمعة فلا بد لكل من كان من أهل وجوب الصلاة أن يصلي يوم الجمعة إما الجمعة وإما الظهر ولهذا كان النساء والمسافرون وغيرهم إذا لم يصلوا الجمعة صلوا ظهرا "([10]).
لكن يُمكن نقاش ذلك بأنّ العيد لها هيئة محددة بالصلاة من حيث الجهر بالقراءة، واختيار مواطن القراءة من القرآن، وصفة التكبيرات، وحين تصلى أربعاً صامتة فإنّها أشبه بصلاة الظهر وليست بصلاة العيد.
رابعاً:
أنّه إذا قيل بأنّ صلاة العيد أربع ركعات على فرض أنها بدل عن صلاتها في المصلى أو أنها لأجل صلاة ركعتين تحية المسجد؛ أو لأنها لأجل الضعفة الذين يأتون المسجد؛ ففي كل هذه الأحوال يلزم منه أن الناس حالما تصلي في المساجد فتكون صلاتهم أربع ركعات؛ فإذا لم يلتزموا ذلك وهو الواقع أصلاً؛ فليس لهم إلا العود إلى ما كانت عليه وهي صلاتها ركعتين.
خامساً:
أن كثيراً من التابعين رأوا أنّ من فاتته صلاة العيد صلاها ركعتين.
وقد أورد ابن أبي شيبة في مصنفه قول طائفة منهم في صلاتها ركعتين مثل عطاء ومجاهد وحمّاد ومحمد بن الحنفية والحسن البصري والنخعي وقتادة .
وقد ورد في مصنف عبد الرزاق (5716) بسندٍ صحيح قال قتادة: من فاتته الصلاة يوم الفطر صلى كما يصلي الإمام، قال معمر: إن فاتت إنسانًا الخطبة أو الصلاة يوم فطر أو أضحى ثم حضر بعد ذلك فإنه يصلي ركعتين".
وقد بوّب البخاري في صحيحه: "باب: إذا فاتته صلاة العيد يصلي ركعتين، وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "هذا عيدنا أهل الإسلام".
وقال عكرمة: أهل السواد يجتمعون في العيد يصلون ركعتين كما يصنع الإمام.
سادساً:
لا يصح قياس قضاء صلاة العيد على الجمعة؛ لأن من فاتته الجمعة صلّاها ظهراً فيصليها أربع ركعات؛ ومعلومٌ أنَّ الجمعة تفوت إلى بدل بصلاة الظهر؛ وصلاة العيد ركعتان لا بدل عنهما إلا بالقضاء كما كانت.
قال ابن رجب: "وليست العيد كالجمعة؛ ولهذا يصليها الإمام والناس معه إذا لم يعلموا بالعيد إلا من آخر النهار من غد يوم الفطر، والجمعة لا تقضى بعد خروج وقتها، ولأن الخطبة ليست شرطاً لها، فهي كسائر الصلوات، بخلاف الجمعة "([11]).
ولا يُشترط لصلاة العيد إذن الإمام وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة؛ لأنّها تصح من الواحد في القضاء؛ فلا يُشترط ذلك لصحتها.
وصلاة العيد تُصلى بدون أذان ولا إقامة ، ويصليها ركعتان جماعة وفرادى كهيئتها المعروفة ويجهر بالقراءة فيها، حتى لو لم تُصلّى مع الإمام، يُكبر في الأولى سبع تكبيرات عدا تكبيرة الإحرام، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات عدا تكبيرة الانتقال.
قال المرداوي في " الإنصاف " : " وإن فاتته الصلاة (يعني : صلاة العيد) استحب له أن يقضيها على صفتها (أي كما يصليها الإمام)"([12]).
قال ابن قدامة في "المغني": "وهو مخير ، إن شاء صلاها وحده ، وإن شاء صلاها جماعة"([13]).
ولا يلزم أن يكون المصلون لصلاة العيد أربعين شخصاً؛ لأنها صارت تطوعاً لسقوط فرض الكفاية بأي طائفة صلّت في المسلمين ولو في المسجد الأقصى.
والأصل السعي إلى صلاتها أداءً إذا كانت مدةً يُمكن أداء صلاة العيد فيها؛ لأنه لما فاتت الرسولَ وأصحابَه صلاة العيد أمرهم بالاجتماع لها اليوم التالي.

وإذا لم تُصلّى العيد في أي مسجد أو مصلى ولم يجتمع لها أربعين رجلاً؛ بسبب فتنة أو جائحة مرضية؛ فيُستحب للمسلمين أن يُصّلوها في بيوتهم؛ لأمور:

1.    أنّهم يقومون بصلاتها على سبيل القضاء، والقضاء يحكي الأداء في الهيئة والصفة، وإذا تعذر الأصل يُصار إلى البدل.
2.    نحن في زمنٍ لا يُدرى متى ستنفرج به الأمور؛ ولا يُمكن للمرء أن يُصليها أداءً إذا لم يقم بذلك أحد.
3.    أن صلاة العيد فرض على الكفاية عند الحنابلة؛ فتكون على أفراد المكلّفين على الاستحباب، وما كان مستحباً فإنّ قضاءه مستحب.
4.    أنّ القضاء إذا كان مستحباً لمن فاتته الصلاة مع الإمام؛ فمن باب أولى تُشرع إقامتها لمن لم يصلِّ العيد بسبب جائحة كورونا ، طبقاً لآية: { فاتقوا الله ما استطعتم} وأخذاً بحديث : " إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منها ما استطعتم".
5.    أنّ الفقهاء من الحنابلة قالوا : إنّه إذا فاتت المرء صلاة العيد فإنّه يُسن لمن فاتته الصلاة أو بعضها أن يقضيها في يومها قبل الزوال أو بعد الزوال ولو في جماعة ولو دون الأربعين لأنها صارت تطوعاً، وأنها تقضى على صفتها أفضل، وكسائر الصلوات كمن يدرك الإمام في التشهد لعموم حديث : " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا".

لكن مما يُفهم من مشهور كلام الأصحاب الحنابلة أنّ صلاة العيد إذا لم تؤدَّ فإنّها تبقى في ذمّة الناس حتى ينتهي العذر ويتمكّنون من أدائها لأنها من الشعائر الظاهرة؛ ويُمكن مناقشة ذلك بالآتي:

1. أنّ الحنابلة صحّحوا قضاء صلاة العيد، وبعيدٌ عقلاً أنّ صلاة العيد لا تؤدى في كافة أمصار الإسلام؛ بل الغالب أن صلاة العيد ستصلى في بعض المساجد الجامعة في كل بلد؛ وإذا لم يتمكن الجميع من الأداء في المصليات والجوامع؛ فكان لابد من الأداء في البيوت؛ ذلك أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور؛ ولهذا تؤدى على هيئتها في البيت، ولا تسقط.
2.أنّ الجمعة لها بدل حيث يُمكن أداء صلاة الظهر عنها؛ والقول بسقوط صلاة العيد إلى أن ينفكّ العذر وقد يطول العذر فتؤدّى كما كانت؛ قول بعيدٌ تطبيقه على أرض الواقع؛ ذلك أنّ خروج الناس مرة أخرى لأداء صلاة العيد ما بعد وقت العيد بكثير ليس مما يُناسب حاله الزمان؛ فضلاً عن ذهاب وقته الأصيل.
3. أنّ صلاة العيد فرض كفاية وهذا الفرض إذا تركه الناس جميعاً أثموا؛ والناس لم تتركه رغبة عنه بل هي راغبة أن تؤديه؛ لكنها عذرت بعدم إمكانها جميعاً من الخروج للصلاة، ولو أنّ هذا العذر كان لمحبوس لم يتمكن من الأداء لكان حقيقٌ بالعمل؛ لكنه عذر على الكافة فإذا كانت الكافة يلزمها فرض كفاية الأداء لصلاة العيد، ولم تستطع لما يمنعها بشكل عام؛ فكان من فعل الكافة أن تؤدي صلاة العيد ليقوم بذلك فرض الكفاية؛ لا أن يسقط .

ولا يُتفق مع من يقول إن صلاة العيد تسقط قضاء إذا لم يحصل لها الأداء العام؛ بحجّة أنّ صلاة الجمعة تسقط إذا لم تُصلّ في المساجد بسبب جائحة كورونا؛ لأمور:

1.    أنَّ صلاة العيد تُقضى وصلاة الجمعة لا تُقضى وهذا من الفروق بين صلاتي العيد والجمعة.
2.    أنّ صلاة العيد لا تتكرر في السنة إلا مرتين فإذا كان كذلك فكان لابد من قضاء الصلاة، وصلاة الجمعة لها بديل عنها وهو صلاة الظهر أما صلاة العيد فلا بديل عنها.
ومن جميل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: " بخلاف العيد فإنهم إذا فوتوه إلى غير بدل فكان صلاة العيد للمسافر والمرأة أوكد من صلاة يوم الجمعة والجمعة لها بدل بخلاف العيد . وكل من العيدين إنما يكون في العام مرةً والجمعة تتكرر في العام خمسين جمعة وأكثر فلم يكن تفويت بعض الجمع كتفويت العيد"([14])

والأصل أن يكون للعيد خطبتان وهو قول جمهور الفقهاء، لكن في حكم صلاتها في البيت فتكون بدون خطبتين؛ لأمور:

1.    أنّ خطبة العيد في الأصل سنةٌ وهو قول جمهور المذاهب الفقهية الأربعة.
2.    أنّ حضور وشهود خطبة العيد سنّةٌ وليست فريضة؛ وقد ذكر ابن قدامة: أنَّ تأخيرَ الخُطبةِ عن صلاةِ العيدِ يدلُّ على عدمِ وجوبِها؛ فقدْ جُعِلتْ في وقتٍ يَتمكَّن مَن أراد تَرْكَها من تركِها، بخلافِ خُطبةِ الجُمُعةِ.([15]).
3.    أنّ خطبة العيد لأجل شهود الناس واجتماعهم واحتشادهم وهذا غير متوفر في صلاة العيد في البيوت؛ فهي سنةٌ قد فات محلّها.
4.    أنّ خطبة العيد شأن الإمام أو ولي الأمر المسلم أو من يُنيبه من الأوقاف.
5.    أنّ المرء يصلي ركعتي العيد بدون خطبة لأنها حالة عجز.
6.    أنّ أنس بن مالك كانت إذا فاتته صلاة العيد مع الامام جمع أهله وصلّى بهم، ولم يذكر أنه يخطب وهو اختيار الإمام البخاري، وقد نبّه على ذلك الإمام ابن تيمية.
 
 

-------------------------------------------------
[1] ) حاشية الزركشي على مختصر الخرقي: ( 1 / 291).
[2] ) الإنصاف مع الشرح الكبير والمقنع : ( 6 / 364 )
[3] ) المبدع شرح المقنع : (2 / 189).
[4] ) فتح الباري، ابن رجب : ( 9 / 76).
[5] ) فتح الباري، ابن حجر: ( 2 / 551).
[6] ) الأم ، الشافعي : ( 7 / 325) ، سنن البيهقي : (3 / 434)
[7] ) سنن البيهقي: (3 / 434).
[8] ) الجوهر النقي، ابن التركماني: ( 3 / 311).
[9] ) النوازل الجديدة الكبرى فيما لأهل فاس وغيرهم المسماة (المعيار الجديد الجامع المُعرب ) : ( 1 / 759).
[10] ) مجموع الفتاوى، ابن تيمية: ( 24 / 181 – 182)
[11] ) فتح الباري، ابن رجب: ( 9 /80)
[12] ) الإنصاف مع الشرح الكبير والمقنع : ( 5 / 364).
[13] ) المغني ، ابن قدامة : ( 2 / 79)
[14] ) مجموع الفتاوى : (24 / 182).
[15] ) المغني: ( 3 / 278).

 

خباب الحمد