صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







علوم المتقدمين أم المتأخرين: أيُّهما الأعلم ؟!

خبَّاب بن مروان الحمد
@khabbabalhamad


أيـهـا الراضـعُ من ثـدي الدَّعـاوى * إنما تـرضـعُ وهـمـاً واحتـيالا
عُد إلى الروضة إنَّ الغيث يهمي * في روابيها ويكسوها جمالاً


ما زلتُ أشجب وأستنكر دعوى دعيَّة أنّ المُعاصرين مِمَّن اشتغل بالعلم الشرعي،أعلمُ من العلماء المتقدمين بالعلم الشرعي؛ لأنَّ العلم بالشرع يتراكم ويزداد بتقدُّم الزمان؛ ومزيد من الاطِّلاع؛ ولا إخالها إلاّ دعوى خالية عن الحقيقة !
من خالطت أنفاسهم أنفاس رسول الله؛ ومن خالطت أنفاسهم أنفاس الصحابة وآل البيت الكرام؛ ومن خالطوا أهل العلم الذين كان العلم لهم هو الأنيس والجليس؛ وقد ألٌّفوا كُتُباً يعجز المرء أن يؤلِّف جزءاً منها مع توفر أدوات العلم، وتكاثر قطارات المعرفة؛ وانتشار أجهزة الابتوب والآيباد والآيبود والآيفون والجالكسي بجميع إسّاتِه وما فيها، مع ما تحمله من مكتبات شاملة وضخمة وعارمة وعامرة، ومع ذلك ترى الأغلب يشتكي من وقته!!

من نافلة القول أن نُدرك أنّ العلم الشرعي أصوله ثابتة ومعروفة؛ كالقرآن الكريم والسنَّة النبويَّة؛ و كل الصيد في جوف الفرا؛ و ما يقوم به بعض الباحثين المتأخرين والعلماء المتأخرين الرائعين من بحوثات وكتابات؛ فمع أهمّيتها وحُسن نتائج كثير منها إلاّ أنّها قد قام ساقها على علوم السابقين؛ وإذ نجمعها مع ما كتبه من قبلهم نراها كهوامش وحواشٍ على متن الأسبقين وجهودهم العملاقة العظيمة في حفظ أصول الدين.

ولئن انبتر المتأخر عن أصول المتقدمين؛ فلن يكون لعلمه قيمة؛ لأنَّ كافَّة العلوم والمناهج المُعاصرة شرقية كانت أو غربية تعتني بالتراث والأصول والجذور؛ ولن تُورق ورقة بنضج إلاَّ إن كان أصلها في الأرض ضارباً...

وكلُّ شخص استنكر أو قلَّل أو حقَّر من علم من كان قبله فاعلم أنَّه يخبط خبط عشواء ويمشي مشية عرجاء؛ وتأبى السلاحف أن تطول القِمما؛ وليس لكلامه خطام ولا زمام؛ وما من أمَّة عملاقة إلاَّ وشدَّتها أصولها الأوائل فهي الأسس والأعمدة؛ وما علاها فهو قائم عليها؛ وما علاها محتاج إليها.

إنّه مِمّا لا شكَّ فيه فضل علم السلف الصالح على علم الخلف؛ وأنَّ علم السلف الصالح كثير وكثير البركة؛ وعلم الخلف الطالح كثير جداً و منعدم البركة؛ إلاَّ بوجود خلف صالح لسلف صالح ففي علومهم بَرَكة - بإذن الله - .

إنَّ التراكم المعرفي لمن لم يعتمد على أصول علم المتقدمين؛ ويشهد بعلو كعبهم وسعة اطلاعهم، وغزارة علومهم؛ فإنَّه قد يُسبِّب تحيُّر وقلَّة تمييز الحق من الباطل؛ فيعيش في اضطراب فكري؛ وفوضى علمية؛ واختلالات منهجية ولقد صدق الإمام ابن تيمية حين قال:"فمن نَوَّر الله قلبه هداه الله من العلم ومن أعماه لم تزده كثرة الكتب إلا حيرة وضلالاً؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي لبيد الأنصاري: " أو ليست التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى؟ فماذا تغني عنهم"مجموع الفتاوى 10 /665).
فَكَمْ جامعٍ للكُتْبِ في كُلِّ مذهبٍ * يزيدُ مع الأيَّامِ في جمعهِ عمى !

إنّ مقولة أنَّ تزايد العلم يعني زيادة علم اللاحقين عن السابقين؛ ليست على إطلاقها صحيحة؛ وها نحن نرى أنَّ الضوء إن كان شديداً ستقلُّ شدَّته كلَّما ابتعدنا عن مصدره؛ ونعلم أنَّ الصوت إن ابتعدنا عن مصدره لن نسمعه بالدرجة المناسبة؛ بل نحن نرى أنَّ اليهود والنصارى قد كثرت علومهم ولكنَّهم في العلم بالله تعالى واتباع ما كان عليه رسول الله موسى وعيسي ابن مريم - عليهما الصلاة والسلام - ليس لهم به نصيب سوى الكفر والشرك.

بقي أن أقول:
صحيح أنَّ بعض المعلومات التي كانت لدى المتقدمين لم تكن واضحة كما هي لدى المتأخرين؛ ولربما علم المتأخر شيئاً لم يعلمه المتقدم؛ فكما يُقال: قد يوجد في الأنهار ما لا يُوجد في البحار؛ لكنَّ العلم كلَّه والأصول والزخارة المعرفية؛ وصدق المنهج في منهجية العلوم والنظر فيها كامنة في البحر الزخّار من علماء الأمَّة المتقدمين الأخيار؛ فهم البحار وقد قيل: اقصد البحر وخلِّ القنوات.
ومن الله الحول والطول...

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خباب الحمد
  • مقالات شرعية
  • حواراتي معهم
  • حواراتهم معي
  • وللنساء نصيب
  • تحليلات سياسية
  • مواجهات ثقافية
  • تحقيقات صحافية
  • البناء الفكري والدعوي
  • رصد الاستراتيجية الغربية
  • رمضانيات
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • قراءة في كتاب
  • بريد الكاتب
  • الصفحة الرئيسية