صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الليبرالية السعودية.. إلى أين؟!

إبراهيم بن محمد الحقيل


بسم الله الرحمن الرحيم


من المتفق عليه أن الليبرالية السعودية تقوم على أشخاص يعدون على أصابع اليد الواحدة، فمنهم من مضى إلى قبره -عامله الله تعالى بعدله- ومنهم من لا يزال يصارع مجتمعا كاملا، يريد فرض رؤيته الضيقة عليه، قبل أن يُطوح به في مزبلة التاريخ كما طوح بمن كانوا قبله.

هذه الشرذمة القليلة استغلت نفوذها، وسخرت مقدرات البلاد في شراء بعض الذمم الشرعية، وكثيرًا من الذمم الإعلامية -كما قد كشف ذلك مستشار في الديوان الملكي- وهي تسعى لفرض أقذر ما في الليبرالية الغربية على المجتمع السعودي، وحجب محاسنها عنه؛ لأنها تُطيح بهم، وتحد من نفوذهم.

هذه الشرذمة الليبرالية المتنفذة التي اشترت بعض من يبيعون لحاهم بعرض من الدنيا، ومكنت لهم؛ ليكذبوا على الله تعالى، ويتقولوا على شريعته؛ شرَّعوا بهذه اللحى الآثمة الاختلاط ثم فرضوه بقوة القرار، وآن الأوان عندهم لتجاوز ذلك إلى القضاء الشرعي لإفساده كما قد فعلوا ذلك من قبل بالإعلام والتعليم والعمل. وما كانوا يظنون أن ثورة مضرية من بعض القضاة ستصليهم بنارها، وتكشف الفشل الإداري الذريع، والفساد المالي المستشري عند من يرفعون لافتات الإصلاح والتحديث والتطوير، ويخدعون الناس بمعسول الكلام، ويتوقع أن تزداد مقالات القضاة الفاضحة لمدعي الإصلاح خلال الأيام القادمة إن لم يكف المفسدون عن إفسادهم. وصاحب ذلك أيضا كشف مستشار الديون الملكي لكثير من الحقائق التي كان يقرؤها الناصحون في القرارات التغريبية المتسارعة إلى حد التهور والجنون، ولكنها كانت غائبة عن العامة.

وإزاء هذه الأحداث المتسارعة ألفت انتباه القارئ الكريم إلى ما يلي:


أولاً:
أن من رحمة الله تعالى بالمملكة ولطفه بأهلها أن الليبرالية الاستئصالية المتطرفة لم تتمكن من مفاصل القرار في البلاد إلا في وقت متأخر جدًا، لن يمكنها من التغيير كثيرًا، ولا من الاستمرار في ظل تنامي الخيارات الشعبية، وضعف السطوة الرسمية.
وقد تسلقت الليبرالية السعودية على أحداث سبتمبر وغزو العراق وأحداث العنف؛ لفرض التغيير على المجتمع بدعوى دفع الغضبة الأمريكية، التي دُفنت فيما بعد على أرض أفغانستان والعراق، ولم يعد لها وجود إلا في أذهان من يريدون بقاءها، والتخويف بها.

ثانيا:
سعت الليبرالية السعودية الاستئصالية بكل قوة لإنزال الناس إلى الشوارع عبر إجراءات عدة كان أهمها الاستفزازات المتكررة للناس بالنيل من دينهم، والطعن في علمائهم، والكذب على دعاتهم، وتكميم أفواههم، ومحاولة اختراق نسيجهم الاجتماعي المحافظ، والزج برهبان المعبد الليبرالي ليبيحوا المحرمات بالمتشابهات من النصوص.
ولسائل أن يسأل: ما دام أن أزلام الليبرالية السعودية الاستئصالية متنفذون فلماذا يسعون لإنزال الناس للشوارع، وإحداث فوضى في البلاد، وذلك ليس في صالحهم؟!
وللإجابة على هذا السؤال: لا بد أن نعي أن الليبرالية في السعودية طارئة ومؤقتة، وليس لها رسوخ كما في تونس ومصر، وقد اقتلعها الشعبان التونسي والمصري، فمصير الليبرالية السعودية إلى الأفول والاضمحلال. والمتنفذون من ربانها يعلمون أن بقاءهم في النفوذ لن يستمر، وأنهم قد يُحاسبون فيما بعد على تجاوزاتهم؛ ولذا يريدون حرق المراحل بأسرع وقت ممكن، وإحلال الفوضى في البلاد لإفسادها على من بعدهم.

ثالثا:
كان من توفيق الله تعالى للعلماء والدعاة والمصلحين والمحتسبين تعاملهم مع هذه الهجمة الليبرالية الشرسة بنفس طويل، وصبر جميل رغم الاستفزازات الليبرالية المتكررة. والاحتساب عليهم قدر المستطاع بالطرق السلمية، وقد يعد البعض هذا تخاذلا أو ضعفا، لكنه على المدى البعيد كان الأنجع أسلوبا؛ وذلك أن الليبراليين انكشفوا لعامة الناس، وظهر أنهم مفسدون، وما عادت تنطلي حيلهم الإعلامية، وكذبهم المتكرر على أبسط الناس. وكانت أُمنية الليبراليين ضرب التيار الديني بالسلطة؛ ليقطفوا هم والرافضة الثمرة، ولكن الله تعالى خيب مساعيهم، وأبطل كيدهم.

رابعا:
من المتقرر أن التغريب حين فُرض على دول العالم الإسلامي خلال القرن الماضي إنما فرض بقوة القرار السياسي، وهو كذلك في السعودية بعد نفوذ بعض الليبراليين، لكن مدافعة العلماء والدعاة، وفضح مخططات التغريب ستعرقل مشروعهم ثم تقوضه بإذن الله تعالى، ولا سيما أنه جاء في وقت أصبح للشعوب كلمتها وقوتها، وفي وقت يتصاعد فيه الإسلام بقوة في شتى الدول. وأما مظاهر التغريب التي بدأت تتسرب للمجتمع بتخفف النساء من الحجاب، وانتشار ظاهرة التعري بين النساء، والتسامح في الاختلاط فهي في ظني نزوة عابرة يمر بها المجتمع تحت التزيين الإعلامي، والضغط المتواصل لتطبيع التغريب. وقد عادت شعوب إسلامية أخرى إلى دينها، وعاد نساؤها إلى حجابهن، وهي بلاد غمست في التغريب عشرات السنين، حتى مضى زمن أضحت شعائر الإسلام فيها غريبة.
وهذا يحتم على العلماء والدعاة والداعيات والمصلحات الاستمرار في الدعوة والإصلاح، وعدم اليأس بسبب بعض المظاهر السلبية، أو بسبب النفوذ الليبرالي، فكل ذلك سيزول بإذن الله تعالى. وأيضا نحن مكلفون بدفع الباطل ما استطعنا، والنتائج بيد الله تعالى، والعاقبة للتقوى.

خامسا:
من خلال ما كشفه المستشار في الديوان الملكي ظهر أن الإعلاميين المتحمسين للتغريب قد اشتريت ذممهم، وأنهم يبيعون مبادئهم لمن يدفع لهم، يعني باختصار: هواتف عملة. وهذا يدل على أن نسخة الليبرالية السعودية نسخة مزورة، وأن مبادئ دعاتها تشترى اليوم بالريال السعودي. ومن يدري فقد تُشترى غدا بالريال الإيراني، أو الشيكل الإسرائيلي، أو الدولار الأمريكي، فسحقا لوطنية يغرد بها من هذه حقيقتهم.

أخيرا:
سمعت عن احتفاء الليبراليين السعوديين باختيار السابع من مايو يوما عالميا لليبرالية السعودية، واعتراف منظمة الليبرالية العالمية بذلك، وبغض النظر عن كون هذا اعترافا بالعمالة للخارج؛ لكون الليبرالية في أصولها تتعارض مع النظام الأساسي للحكم في السعودية... أقول بغض النظر عن ذلك أتساءل: هل كانت المنظمة الليبرالية العالمية ستعترف بهذا اليوم لليبرالية السعودية، وتجعله يوما عالميا لو علمت أن الليبراليين السعوديين لو جمعوا في حافلة نقل عمال لما ملؤها؟!

الاثنين 16/6/1433

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
إبراهيم الحقيل
  • مقالات
  • كتب
  • خطب
  • الصفحة الرئيسية