اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/hasn/174.htm?print_it=1

السياسة النقدية

محمد حسن يوسف
مدير عام - بنك الاستثمار القومي
ماجستير الإدارة والسياسات العامة


كانت السياسة النقدية في ظل قاعدة الذهب ترتبط في المقام الأول بحماية احتياطيات البنك المركزي من الذهب. ومن ثم فعندما كان ميزان المدفوعات الذي ليس في صالح دولة ما يؤدي إلى تدفق الذهب للخارج،كان يتم رفع سعر البنك والشروع في عمليات السوق المفتوحة وذلك لتخفيض الأساس النقدي لسياسة الائتمان التي تتبعها البنوك التجارية، ومن ثم يتسبب ذلك في تقليل الكمية الكلية للنقود في الدولة. ومع تدفق الذهب للداخل فقد يتم تطبيق السياسة العكسية. وفي ظل نظام اقتصادي معقد، تتم فيه عمليات الادخار والاستثمار من خلال مجموعات مختلفة من الأفراد، تقوم النقود بوظيفة ديناميكية بالإضافة إلى وظيفتها كوسيط للتبادل. فهي تصبح قادرة على التأثير على حجم الدخل القومي ومستوى التشغيل ومدى الطلب على كل من السلع الاستهلاكية والسلع الإنتاجية، ومن ثم حجم كل من الادخار والاستثمار.

وعلى ذلك فعندما يوجد مستوى من التشغيل أقل من التشغيل الكامل، فإن الهدف من السياسة النقدية يكون حفز الطلب والإنتاج، ومن ثم محاولة تشجيع الطلب على العمل. أما عندما يتحقق مستوى التشغيل بأكثر من المتوقع – وتسود نتيجة لذلك حالة تضخمية – يصبح الهدف هو تقليل الطلب ومحاولة الحفاظ على استقرار الأسعار تماما. وتتمثل واحدة من أكبر الصعوبات عند تحديد طبيعة الشكل الذي تتخذه السياسة النقدية في أن الأوضاع الخارجية – ميزان مدفوعات في غير صالح الدولة على سبيل المثال – قد تتطلب إتباع سياسة تقييدية، ويعتبر هذا النوع من السياسات غير ملائم دائما بالنسبة للأوضاع الداخلية. وغالبا ما تتعارض الأهداف الأخرى كذلك. ومن ثم يُنظر إلى سياسات توسع الدخل القومي الحقيقي على أنها سياسة مرغوبة للغاية لكي تعمل على زيادة مستوى المعيشة، وهو ما يقل أثره عن طريق إتباع سياسة مضادة للتضخم تنتوي الحفاظ على استقرار قيمة النقود بدرجة معقولة. وبالمعنى الضيق للكلمة، فإن السياسة النقدية يتم تنفيذها من خلال الوسائل النقدية، أي أدوات السياسة التقليدية، وهي بالتحديد سعر البنك وعمليات السوق المفتوحة، بالإضافة إلى تعديل نسب الاحتياطي القانوني ( وإن كانت على نطاق أضيق ).

وفي الوقت الراهن تنوعت أهداف السياسة النقدية لتشمل وسائل الرقابة الكيفية والرقابة المباشرة علاوة على وسائل الرقابة الكمية التي سبق بيانها. ولعل أكثر التطورات الحديثة أهمية، تلك التي تمثلت في تكملة السياسة النقدية بالسياسة الضريبية من خلال ميزانية الدولة. وهذا ما يعني زيادة أو تخفيض الضرائب بهدف حفز الطلب الاستهلاكي أو كبحه.

وفي مصر، يقوم البنك المركزي المصري بوضع السياسة النقدية وتنفيذها، وذلك بموجب القانون رقم (88) لسنة 2003 بشأن تنظيم البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد. وينص القانون على أن الهدف الرئيسي للسياسة النقدية هو استقرار الأسعار أو محاربة التضخم. ولتسهيل مهمة البنك المركزي المصري في اتخاذ القرارات الصائبة بشأن السياسة النقدية، فقد أُعلن في الثاني من يونيه عام 2005 إتباع العمل بإطار تشغيلي جديد يتمثل في نظام الكوريدور Corridor System. ويشمل هذا النظام تحديد سعرين متقاربين للعائد لليلة واحدة على تعاملات البنك المركزي المصري مع غيره من البنوك، يكون أحدهما للإيداع والآخر للإقراض. ويمثل سعر عائد الإيداع الحد الأدنى لسعر الفائدة وفقا لنظام الكوريدور، في حين يمثل عائد الإقراض الحد الأقصى لهذا السعر.

ويناط تحديد أسعار العائد لنظام الكوريدور وغيرها من القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية في مصر إلى لجنة السياسة النقدية Monetary Policy Committee (MPC). وتتكون لجنة السياسة النقدية من تسعة أعضاء من مجلس إدارة البنك المركزي المصري. وتتم اجتماعات اللجنة بصورة دورية في يوم الخميس من كل ستة أسابيع.

mohd_youssef@aucegypt.edu
30 من صفر عام 1431 من الهجرة ( الموافق 14 من فبراير عام 2010 ).

 

محمد حسن يوسف
  • كتب وبحوث
  • مقالات دعوية
  • مقالات اقتصادية
  • كيف تترجم
  • دورة في الترجمة
  • قرأت لك
  • لطائف الكتاب العزيز
  • الصفحة الرئيسية