صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الصلاةُ متكررة.. فلِمَ أخطاؤها (٢)..!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


ثم إذا فرغَ من الركوع المعتدل رفع قائلا ( سَمِع الله لمن حمده ) ويقول المأموم :( ربنا ولك الحمد ) وهذا من واجبات الصلاة وفيه عدة صفات :

الأولى : رَبَّنا ولك الحمد .
الثانية : رَبَّنا لك الحمدُ، بدون الواو.
الثالثة : اللَّهُمَّ رَبَّنا لك الحمدُ.
الرابعة :اللَّهُمَّ رَبَّنا ولك الحمد ، بالواو . وكلها مجزئة ، ويكفي واحدة ، والسنة فيها التنويع بينها .

وإنْ زاد عليه قوله:( حمدًا كثيرًا..) فقد سمعها من رجل :( ربَّنا ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيه، فلمَّا انصرَف، قال: مَنِ المتكلِّمُ؟ قال: أنا، قال: رأيتُ بِضعَةً وثلاثينَ مَلَكًا يبتَدِرونها، أيُّهم يكتبُها أولُ). ويضيف :( مِلْءَ السَّمواتِ ومِلْءَ الأرضِ، ومِلْءَ ما شِئْتَ مِن شيءٍ بعدُ ) .

ويُسَنُّ له أنْ يقولَ: ( ربَّنا لك الحمدُ مِلْءَ السَّمواتِ والأرضِ، ومِلْءَ ما شِئتَ مِن شيءٍ بعدُ، أهلَ الثناءِ والمجدِ، أحقُّ ما قال العبد،ُ وكلُّنا لك عبدٌ، اللهمَّ لا مانعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطيَ لِمَا منَعتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ ). وزاد مسلم:( اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ، اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الْوَسَخِ ).

وعليه أن يخشعَ ويعتدل في هذا القيام بلا عجلة ولا إسراع ، حتى يعودَ كل فَقار مكانه...! وهنا سؤال : أين يضع يديه في هذا الموضع من الصلاة ؟! قيل يقبصها كما هو اختيار العلامة ابن باز رحمه الله وكتب رسالة في ذلك، بدليل أنه في القيام بقبض اليدين، وقال المحدث الألباني رحمه الله: يرسلها وشدد في ذلك مدعيًا عدم ورود نص في ذلك، والمسألة فيها احتمال ونرى التوسيع في الأمر، وأن المصلي مخير في ذلك، إن شاء قبض أو أرسل، وهو مروي عن الإمام أحمد كما في الإنصاف :( إذا رفع رأسه من الركوع إن شاء أرسل يديه، وإن شاء وضع يمينه على شماله ). وهذا هو الفقه السليم من دون تثريب أو تبديع، لاحتمالية الأدلة، وهي من مستحبات الصلاة، فلا ترفع لها عصا النقد والاعتراض المغلَّظ ..!

ثم بعد ذلك يَهوي ساجدا مكبرًا، الحركة مع الصوت، ولا يرفع يديه كما قال ابن عمر ( وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ ). ويَخِر على يديه أفضل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، ( إذا سجدَ أحدكُم فلا يبركْ كما يبرك البعير ، وليضعْ يديه قبل ركبتيه ) . وهو أقوى وأحسن من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه ( رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ). فهو أصح هنا سندًا وقولًا ، إذ القول مقدم على الفعل .

ومن الأخطاء فيها أيضًا: تضليلُ الآخرين أو تبديعهم، فهي من المستحبات ، وقد انعقد الإجماعُ على صحة الصلاة، بأي الأعضاء نزل إلى الأرض، واختلفوا في الأفضل، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . وحصلت في ذلك ردود ومناظرات، والأمر واسع، وكلُّه منقولٌ عن السلف ، منهم من رأى تقديم الركبتين ، وآخرون فضّلوا اليدين ، والله تعالى أعلم .

فإذا بلغَ السجود، كانت صورتُه على هيئة التنكس، تكون أعاليه للأسفل، وأسافله للأعلى ، ويسجد على السبعة الأعضاء لحديث :( أُمرتُ أن أسجدَ على سبعة أعظُم، على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين) . متفق عليه عن ابن عباس .

وفي السجود يسبّح الله بما ورد ويُكثر الدعاء، ( فإن أقرب ما يكون العبدُ من ربه وهو ساجد )، وقد صحت أدعية وأذكار متنوعة منها:

( سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، ربُّ الملائكةِ والرُّوحِ ) . وقولُ: ( سُبحانَك اللهمَّ ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي ). ويُكثِرُ أنْ يقولَ في ركوعِه وسجودِه: ( سُبحانَكَ اللهمَّ ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي، يتأوَّلُ القُرآنَ ) .

وقولُ: ( اللهمَّ لك سجَدْتُ، وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، سجَد وجهي للذي خَلَقَه وصوَّرَه، وشَقَّ سَمْعَه وبصَرَه، تبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخالقينَ ).

والسنةُ فيه الاجتهاد في الدعاء، والاعتدال في السجود، برفع الذراعين عن الأرض، مخالفة للكلاب، وضم أصابع الكفين، ومجافاة الأعضاء عن بعض ، فيرفع بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه ويجافي عضديه عن جنبيه، ويعتدل في السجود، وقد وصفوا سجوده صلى الله عليه وسلم أنه ( يجافي بين يديِهِ، حتَّى لو أنَّ بَهمةً أرادَت أن تمرَّ تحتَ يديِه لمرَّتْ ). كما في صحيح مسلم .

فمن الخطأ: عدمُ الالتصاق وترك المجافاة، والانبساط كالحيوان ، وكذلك مدُّ الجسم بحيث يشق على نفسه ولا يكون منكسا .

ومن الخطأ أيضا: الاكتفاء بالجبهة عن الأنف، بل الصحيح أنه عضوٌ مستقل . ومن الخطأ: رفع القدمين كما يفعل بعض الصغار ، وكذلك حرمة النقر الشديد كما تقدم في كل الأركان .

ثم بعد ذلك يرفع من السجود مكبرًا بدون رفع للجلوس بين السجدتين مفترسا اليسرى ، وناصبا اليمنى، ويقول فيهما الثابت عند النسائي مرفوعا :( رب اغفر لي رب اغفر لي ) أو :( اللهم اغفر لي وارحمني، وعافني وارزقني ) وفي رواية ( واجبرني ) من جبر الكسر، وهو وأن يردَّ عليه ما ذهب من خير، وأن يعوّضه، ويصلح ما نقص منه . وقول المغفرة واجب عند الحنابلة، مستحب عند الجمهور .

وهذا الموضعُ كان يطيله عليه الصلاة والسلام حتى يقال " إنه قد نسي " كما في الصحيح ، خلافا لصنعنا هذه الأيام من النقر الشديد، والاستعجال الباهض ..!

ويُسنُّ فيه الإقعاء بعض الأحيان لحديث عن طاووس رحمه الله قال: ((قُلنا لابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما في الإقعاءِ على القدَمَيْنِ، قال هي: السنَّةُ، فقُلْنا: إنَّا لنراه جَفاءً بالرَّجُلِ، قال: بل هي سنَّةُ نبيِّكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ) رواه مسلم .وصفته: أن ينصب رجليه ويجلس بإليته على العقبين .

وأما حديثُ مسلم عن عائشة رضي الله عنها ( نهى عن عُقبة الشيطان ) فهو أن يلصق أليته بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يفرش الكلب وغيره من السباع، وليس هو الإقعاء المسنون بين السجدتين .

ويكثر من دعاء المغفرة ويجعل يديه على فخذيه، ومرفقيه يمدهما كذلك ، ولا يشرع تحريك الأصابع هنا .

ثم يكبرُ للسجدة الثانية ، الصوت مع الحركة كما قلنا في تكبيرات الانتقال، ولا يرفع يديه، ويقول الذكر السابق، ويجتهد في الدعوات الحسان .

ثم يرفعُ رأسَه مكبرًا للنهوض، وبهذا يكون أكملَ المصلي ركعةً، إمامًا أو مأموما أو منفردًا .

ويقومُ معتمدا على صدور قدميه، ولو نهض على يديه لا حرج، لا سيما للشيوخ وكبار السن ، ويُستحب أن يجلسَ هنا (جلسة الاستراحة ) ، وهي جلسة خفيفة تشرع للقيام من وترٍ على الصحيح، كالأولى والثالثة، وحديثها في صحيح البخاري عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه ( وكان إذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام ) . والله الموفق .


‫‬

‫‬

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية