صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الملايين التويترية...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


يحفل تويتر بزخم جماهيري محلي وعربي مثير، حبا وتعلقا وتفاعلا، وانتقادا ووسما واحتشادا، وردودا وتصنيفا، حتى رُزئنا بالإدمان الثقافي، ولا ريب أن الأنظمة العربية والعالمية عموما ليست غُفلا عن ذلك، وتقيّم هذا الحراك الثقافي وتستفيد منه، أو على الأقل تراعيه ولا تحاربه ،،!
وهل هؤلاء مجرد جماهير، أو متطلعين حقا، أو متابعين بشغف، ومُشترَين، أو متابعة تقنية لا تسمن ولا تغني من جوع...!

والسؤال المطروح هنا :
ما قيمة هؤلاء وهل هم مجرد معجبين، أم يمكن توجيههم لمقاصد عمَلية مفيدة ..؟!
ولا ارتياب أن غالبيتهم معجبون، ولكن لابد من تفعيلهم في مسار إيجابي منتج، وصناعة وعيهم صناعة مستضيئة بالنص الشرعي، والمنطق السديد، وهذا ما يجعل بعض الدعاة والمثقفين يشتغل (بالتغريد اللحظي الآني)، في كل الساعات والسكنات، وأوقات الصلوات والمناسبات والمحاضرات والحفلات،،،! وقد اتخذ موظفا لهذا الشأن ، لا سيما عند عجزه وتعذره بسبب النشاط الدعوي والثقافي والإعلامي، وأيضا محاولة كثيرين كسبهم وعدم خسارتهم...!

وهنا عناصر مهمة وتنبيهات:

١/ العلماء والدعاة على قائمة الصدارة والدكتور العريفي وفقه الله، الأول عربيا (١٦ مليون متابع) تقريبا، ويكتسح الدعاة (المشهد التويتري) باستحقاق، توفيقا من الله، وبرهانا على علو منزلة الدين والعلم عند الشارع العربي، ويأتي تأكيدا على فشل بقية المشاريع المناوئة للإسلام من ليبرالية وعلمانية وإلحادية ، ومحاولة عزل الإسلام عن الحياة (( إنهم أناس يتطهرون )) سورة العنكبوت .
وأن قومية الوطن العربي إسلامه وثقافته المتصلة بالوحي .

٢/ تويتر فاق المنابر الدعوية كماً، لا كيفا ، ووفر عددا ومساحة نقاشية عالية، ومن الضروري احتواؤها للاحتواء والتأثير وتأسيس لجان ومراكز الكترونية للدعوة والإصلاح والبناء الوطني المثمر .
وكما قيل:

تَوتِر وفَسْبِكْ فالمكانُ وسيعُ// وحَدائقٌ قد أَورقَت وشموعُ
انشُرْ وحدِّث ما استطعتَ منَ الهوى// فالشمسُ قد طافت بهم وربوعُ
لَنْ يستطيعوا قهرَكم أو منعَكم // فالبحرُ يزخَرُ والربيعُ يَضوعُ

٣/ الكلمة المسموعة مقدماتها الصدق والتفاني والحب ، والملايين تقتنع بتغريدة العالم أو إشادته أو إعجابه أو تدويره .
٤/ اكتسب تويتر صفة (الحشد الآلافي) لقضية ما، رفضا أو تأييدا، وكان له أثر على بعض الأنظمة والتوجهات وأسهم في حل مشكلات أو معالجتها وتخفيفها .

٥/ لمّ أعدادا غفيرة كديدن النت الالكتروني، وربما زاد عليها تكثير العدد الحواري وكشف التأييد والإعجاب وجعله مواتيا ومباشرا، وهذا لم يكن يستوعب سابقا في المنتديات الحوارية .

٦/ ليست كل هذه الملايين من المريدين بل فيها متربصون وحانقون، والواجب إحسان الظن ابتداء والتخلق بأخلاق الإسلام حوارا ونشرا وحذرا وردا، وعدم التنزل للحمقى والمرضى والمغفلين والمنغلقين...!(( فأعرضوا عنهم إنهم رجس )) سورة التوبة .

٧/ لا يصح أن تويتر كسر (الحصانة الثقافية والاجتماعية) كما ادَّعاه بعضهم،لدى الداعية والمثقف، بل العكس حافظ الفضلاء على أخلاقهم وذوقهم، ولكن قل لي كشف الأساس الأخلاقي عند بعض الأقنعة الطلائية..!
وتبسط بعض المنتسبين لطلاب العلم فيه، ليس من الحكمة والوعي، وكشفوا عن ذواتهم وليس عن إسلامنا،،!
والجمهرة الكاسحة لازالت تأبى ذلك التنزل المخل،،! لأن مقامات القدوة ترفض مثل ذلك..!

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم// ولو عظّموه في النفوس لعظما


٨/
تصدرت المملكة، كما نشر موقع الجزيرة نت (٢٠١٣) دول العالم في نسبة المستخدمين النشطين لموقع التدوين المصغر "تويتر"، إلى إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت بشكل عام، حيث حصلت على نسبة (41% )، بما مقداره من ٤.٨ ملايين، تليها أمريكا ٢٣٪‏ ثم الصين ١٩٪‏ ، كما أفاده قسم الإحصائيات في موقع (بيزنس إنسايدر).

٩/
مع أن الموقع سمح بالروابط وتنزيلات الفيديو، إلا أن تقييد(١٤٠) حرفا للتغريد، أثمر تقليل الكلام وصناعة الحِكم، ونسج العبارات المختصرة، والشعارات الخاطفة،،! وهي مزية لا تتأتى لكثير من المواقع، وهي لا تروق للمسهبين والغثائين،،،! وبالتالي سهل حفظ كلمات سيارة، وجمل دوارة، وهو بكل شك سيورث مخزونا حكميا توجيهيا وفكريا وفلسفيا راقيا،،،!
وهو مكسب للثقافة والمثقفين،،،!

١٠/
خير الكلام ما قل ودل: حققها تويتر بفضل آليته الاختصارية والمحاصرة لنهم الكاتب والمغرد،،!
وجعلتنا نتابع الممتعين منهم،،! وقد نشر الشيخ الدكتور العودة كتابه( لو كنت طيرا ) جمع فيه جل تغريداته وهو يحظى بمتابعة مليونية عالية،،!
وهذه المحدودية الحرفية بقدر ما ضرت النهِمين، أشركت جل الفئات المجتمعية من علماء ووزراء وتجار وساسة ومفكرين ومهتمين ومهرجين،.... ولو لم يشارك بعضهم، ولكن حسابه كالموقع الرسمي له، وهذا سهل عملية التواصل وحقق معارف وصلات، ودفع بقضايا ومشاكل للحل وإيجاد مخرج..!

١١/ ضرورة التحول من الصداقات الالكترونية إلى صداقات إجرائية عملية تتمثل في نشر تراث العالم وصناعة برامج وتكوين نخب ولجان ترتيبية، فيما يخص نشاط العلماء وفضلاء المثقفين والمفكرين، وبعض الشباب يبادر بهذه الخدمات من تلقاء نفسه ويقدمها هدايا لأهل العلم، وآخرون بمقابل مادي يتفق عليه، واستطاع بعض النشطاء التلاقي ميدانيا بمحبيه، وانتهت العلاقة إلى تفاهم أكبر وتنسيق أحسن وأعمق..!

١٢/
صناعة الوعي الشرعي والاجتماعي والفكري شيء آخر غير صناعة المعلومة والتسريع بها، وهو ما ينبغي العناية به، لا سيما والعصر يغص بفوضى التزييف واللبس والاختلاط المفاهيمي، وقد قال تعالى (( لولا يأتون عليهم بسلطان بين )) سورة الكهف . واشتهر عن عمر رضي الله عنه ( لستُ بالخَب ولا الخَب يخدعني ).

١٣/
كما يصاغ العقل الجماهيري ، علينا أن لا نستسلم لضغطه الحماسي الفارغ، وأن نستفيد بما لا يضر العملية الدعوية والثقافية، لأنهم أخيافٌ أخلاط، ولا تغرنا كثرتهم بلا وضوح الهدف والرؤية المقصودة .

١٤/ في ظل الحروب الالكترونية وحمى الشائعات ، بات من الضروري تفعيل قانون العقوبات فيما يخص الجرائم المعلوماتية، كالحسابات المغرضة والعدائية ، وحسابات الخلاعة، والإساءة، والمروجة للأفكار الإلحادية والليبرالية والخارجية المنافية لديننا وقيم بلادنا، حفظها الله من كل بلاء ومكروه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...!

ومضة/ من أحسن مكاسب تويتر جماهيريا صناعة موقف إيجابي أو إجراء عملي مثمر..!
١٤٣٨/٢/٢١

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية