صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عباقرة الامتحانات...!

د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000


تتوالد همم عجيبة، وتشتعل عزمات نادرة، تأخذك إلى ربيع السلف العلمي، ووثَباتهم الراقية في الإبداع الأسطوري، فينكسر الصخر، ويتحطم المستحيل، وتُزال الجسور، وتُخترق جل التحديات،،،!

إذا غامرتَ في شرف مَرومٍ// فلا تقنعْ بما دون النجومِ
فطعمُ الموت في أمر حقيرٍ// كطعم الموت في أمر عظيمِ

فلقد صمّم (الشاب الامتحاني) وعزم، ونشط وتحدى، أن لا يكون ككسير أو مهزوم،،،! وقال الإمام يحي بن أبي كثير رحمه الله ( لا يستطاع العلمُ براحة الجسد ).
فغداً ختباره، وموطئ كشفه، ومنتهى كرامته أو هوانه،،،،!
ومن لطيف حِكم الطفولة المدرسية ( عند الامتحان يُكرم المرء أو يهان )..!
ومن كرامة بعضهم: امتطاء السهر، وقلة الأكل، وهجران النوم، وديمة القراءة، وصنع الملخصات، وعجلة الحفظ الخارقة، والضن بالساعات، فيقرأ إلى ما لا نهاية، فيثمر الأعاجيب، ويفرز الثمار النادرة، بحيث لو صُرفت إلى تحصيله الثقافي في الحياة لأخرجت الأوطان علماء أجلة، وحفاظا أئمة، ولكن هيهات، هيهات،،،،، ما بين جاد، جعل العلم نصب عينيه، وجاد آخر، همه شهادة أيام معدودات، ووظيفة غايته منها لقيمات،،،!
فالهمة الهمةَ يا شبابنا، تأملوا تاريخكم، وأعلام دينكم، كيف بزغوا وتفوقوا، وأبهروا العالم الغربي بمصنفاتهم،،!
وما كان لعباقرة الغرب (كأديسون وأنشتاين وغاليليو) التفوق والبروز لولا الهمة والإخلاص للفكرة العلمية، واتكاء بعضهم علو منجزات حضارتنا..!
وهاهم أبناؤنا مبتعثون خارج عالمنا، ويسجلون براءات علمية، وتستفيد الجامعات من عقولهم المهاجرة، وهممهم الساطعة، والمستبدون المنغلقون يتفرجون ولا يتغيرون..!
وبرغم كل ذلك، إلا أن الفرصة مواتية، والمنائر حاضرة، في أن يستشعر شبابنا الهم، ويجعلوا من تلكم الهمم مشاعل حياة دائمة، علما وفقها وفكرا واطلاعا وإنجازا،،،،!
فإن الأمة أحوج ما تكون إلى الشباب الصواعق، والفتيان النوابغ، والفرسان العباقر،،،! فرب همةٍ أيقظت أمة...!
- الإمام البخاري (٢٥٦) رحمه الله، يستيقظ في الليلة الواحدة قرابة (٢٠ مرة) ليصنف لنا الصحيح الذهبي العجيب.
- والإمام أحمد (٢٤١) يحمل في الكِبَر المحبرة، ويقول( مع المحبرة إلى المقبرة )، وأنتج أضخم وأجل مسند في الدنيا .
- وابن عقيل الحنبلي (٥١٣) يردد( إني لا يحل لي أن أضيّع ساعة من عمري ). وصنف الفنون في ٨٠٠ مجلدة تقريبا .
- والإمام ابن تيمية (٧٢٨) يكتب في يوم ما يكتبه ناسخ في جمعة أي أسبوع ، وأثمر تراثا ذهبيا نادرا .
- والنووي(٦٧٦) عاش (٤٥ سنة)، خلف فيها شرح المهذب والروضة والرياض والأذكار وروائع الأسفار، لا تدري أي فاكهة فيها تطعم..!
- والسرخٰسي(٤٩٠) الحنفي، أملى المبسوط من قاع البئر .
- وابن جرير الطبري (٣١٠) المتفنن المشهور أتقن علم العَروض في ليلة، وأصبح عروضيا .
- والمزني (٢٦٤) صاحب الشافعي قرأ الرسالة للشافعي سبعين مرة، ويقال: خمسمائة مرة.
- وأبَو بكر بنِ عطِيةَ يذكر أنَّه كَرَّرَ صَحِيحَ البُخَاريِّ سبع مِائةِ مرة .
- وابن رشد الأندلسي (٥٩٥) لم يدع المطالعة إلا ليلتين ليلة وفاة أبيه وليلة زواجه .
- وكذا فلتكن الهمم والعزائم، ولأبنائنا في امتحانات هذا العصر شيء عجيب أيضا، حري بِنَا وبهم، لو استثمر لأنتج خطوطا عالية وفائقة في الإنتاج الثقافي والبروز العلمي، ومن ذلك :
- قراءة مئات الصفحات في ليلة واحدة .
- حفظ عشرات الصفحات الصعبة في وقت وجيز .
- تكرار الكتاب أو المذكرة مرات عديدة حتى ترسخ وتستسهل .
- إحراز درجات مثالية مع أعمال سنة متراجعة .
- تحول البليد إلى أسد هصور يلتهم المذكرات التهاما، وبخرج بعجائب .
- استغلال الأوقات والبخل بذهابها في لهو وغفلة .
فيا صانع الهمة في الامتحانات وطنك في انتظارك، وعقلك في نشاطك، وأمتك ترجو عطاءك، ومستقبلك يستشرف لك، فلا تبخل أو تقصر، فالهمم حدائق المنن، ومستودع الفضائل والنعم، والله يؤتي فضله من يشاء ، إنه جواد كريم .. والسلام .

ومضة/ ظاهرة همم الامتحانات جديرة بالدراسة والتحويل المنهجي والأخلاقي ..!
١٤٣٧/٨/١٤

‏‫
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
د.حمزة الفتحي
  • المقالات
  • رسائل رمضانية
  • الكتب
  • القصائد
  • قراءة نقدية
  • الصفحة الرئيسية