اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/hamesabadr/123.htm?print_it=1

أسس البناء التربوي الدعوي

د. بدر عبد الحميد هميسه


بسم الله الرحمن الرحيم


الدعوة إلى الله تعالى وإقامة الحق والعدل في هذا الكون واجب على كل مسلم سواءً كان فرداً في ذاته , أو كان عضواً في مجموعة , وذلك بموجب قوله سبحانه : \" قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ \" سورة : يوسف: 108 , وقوله تعالى : \" وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ \"سورة : آل عمران: 104.
واستشعار المسلم لفريضة الدعوة، يبعث في النفس الهمة للعمل والحرص على التنفيذ، وذلك يعني أنه لا تراخٍ في الفريضة ولا نكوص عن أداء الواجب.
وعلى الرغم أن الدعوة إلى الله تعالى في دين الإسلام تختلف عن غيرها عند أصحاب الديانات الأخرى , حيث لا يوجد فيها \"سلطة كهنوت \" ولا رجال دين بالمعنى المتعارف عليه عند هؤلاء إلا أن لها أسساً تقوم عليها , ولها رجال يحملون همها ,وإن أية كلمة يقولها الداعية للمدعو لا تذهب هباءً منثورًا، فهي إما أن تدخل في مكونات المدعو ويختزنها عقله، وقد يظهر أثر كلمة قيلت قبل سنوات بفعل موقف محرك، أدى إلى استرجاع تلك الكلمة وتلك النصيحة ,أو يعمل بها حالما يسمعها , فيعود خيرها على من قالها وعلى من سمعها وعمل بها ,قال صلى الله عليه وسلم : \" مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ ، فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا ، فَلَهُ أَجْرُهُ ، وَمِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ ، غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ ، فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ ، وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ ، غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا\" . أخرجه أحمد 4/357(19369) و\"مسلم\" 3/86(2314) و\"ابن ماجة\" 203 و\"النَّسائي\" 5/75 ، وفي \"الكبرى\" 2346 .
ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم أن أعطاه الراية في فتح خيبر : \" فَوَالله لأَنْ يَهْدِىَ الله بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ\" . أخرجه أحمد 5/333(23209) و\"البُخَارِي\" 4/57(2942) و\"مسلم\" 7/121(6302) .
ولقد أصبحنا اليوم أشد ما نكون إلى تعزيز القيم التربوية الأخلاقية في حياتنا , لأن هذه القيم هي الهدف الأسمى من رسالة الإسلام , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الأَخْلاَقِ. وفي رواية الموطأ \" لأتمم مكارم الأخلاق 2\" / 904 \" . أخرجه أحمد 2/381(8939) و\"البُخاري\" في \"الأدب المفرد\" 273 . وعَنْ عَائِشَةَ ، رَحِمَهَا اللَّهُ ، قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.أخرجه أحمد 6/64 .
ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : \" اللهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي \".( صحيح الجامع 1307).
يقول أبو تمام :

وَما السِلاحُ لِقَومٍ كُلُّ عُدَّتِهِمْ *** حَتّى يكونوا مِنَ الأَخلاقِ في أُهُبِ
وَلا المَصائِبُ إِذ يَرمي الرِجالُ بِها *** بِقاتِلاتٍ إِذا الأَخلاقُ لَم تُصَبِ

ويقول أحمد شوقي :

صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ * * * فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ
وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ * * * وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ


والبناء التربوي الدعوي لا بد أن يقوم على أسس متينة وصلبة , حتى يؤتي ثماره , وتنتشر أنواره , ومن هذه الأسس التي يجب أن يقوم عليها هذا البناء :
1- العقيدة الصحيحة في الله تعالى .
2- الارتباط الوثيق بالكتاب والسنة .
3- تحديد الهدف ووضوح السبل .
4- الوسطية والحكمة والاتزان .
5- الاتصال بالناس والواقع .

 

د. بدر هميسه
  • مقالات ورسائل
  • الكتب
  • وصية الأسبوع
  • سلسلة أحاديث وفوائد
  • واحة الأدب
  • الصفحة الرئيسية