بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ سليمان الثنيان وحياته من الإعلام إلى الفقه في الإسلام


حياتي بين الإعلام وفقه الإسلام
سليمان بن إبراهيم الثنيان :
ـ بدأتُ دراستي الابتدائية ، وكنتُ نشطاً في كثيرٍ من الأشياء ، فلاحظ بعضُ المدرسين ذلك بي فنموها ، ثم في المرحلة المتوسطة ، وكانت عندي فكَر لم أحققها كحب المناصب ، فقد رغبت عن ذلك ، ورغبت عن فكرة الالتحاق في الجيش بعد أن ساورتني ، ورغبت في العلوم التجريبية ودرست في المعهد العلمي ، والمعهد السعودي ، ومعهد اليمامة بوقتٍ واحدٍ وتخرجتُ منها ، ثم التحقتُ بكلية الآداب في الرياض وكلية اللغة العربية بجامعة الإمام .

ـ لم تكن عندي الرغبة في السفر إلى الخارج ، ولكن بإلحاحٍ من بعض المثقفين وافقت على ذلك فسافرتُ إلى ألمانيا لأدرس الكيمياء الهندسيَّة ، وكنت مصمِّماً على التفوق فدرستُ دراسةً بسنةٍ ونصف لا يدرسها الألمان في أربع سنين .

ـ ثم رأيتُ أني لن أنال الخير حتى أطبِّق ذلك عمليّاً في المصانع الغربيَّة .

ـ عرفتُ أنَّ مصيري سيكون كمصير كثيرٍ من نوابغ العلوم من العرب وهو أن أعمل في دول الغرب ثم لا يكون من علمي ذلك لبلاد العرب والمسلمين نصيب فأصبت بخيبة الأمل .

ـ نصحني بعض الألمان : بدراسة الفنون وستبدع فيها وتتحدى اليهود بذلك .

ـ فدرستُ الفنون في ثمان سنوات على مرحلتين كل مرحلة في أربع سنوات ، حتى لم يكن أحد أقدر مني في ذلك إلا رجل في اليابان وآخر في كندا .

ـ اشتركت في أكاديمية الفنون وأكاديمية السينما والمسرح في برلين ، ودراسة ركوب الخيل وقيادة السفن غير ذلك من الأمور التي يحتاجها المخرج .

ـ وكنت في العطل الدراسية أسافر من ألمانيا إلى البلاد الغربية لدراسة ما لم يكن موجوداً في تلك البلاد حتى أنهيت من الدراسات ما أريد .

ـ ثم بعد ذلك جاءتني العروضات على العمل وكانت مغرية لاسيما من الألمان ، وكان هدفي التفوق على اليهود ولم يكن ببالي غير ذلك .

ـ فجاءني مدير عام التلفزيون السعودي بإيعاز من وزير الإعلام يطلب مني الرجوع للعمل في السعودية وكان من الصعب العمل هنا في السعودية لأن الكوادر الفنية هنا لا تتناسب مع دراستي، ولكنه أصر علي وأقنعني بأنه سيساعدني .

ـ فأتيتُ إلى السعودية وساعدوني جميعاً ، فعملت بعض الأعمال في التلفزيون لمدة أربع سنوات، ولاقيت هنا صعوبات كثيرة من الحسد والمعاداة .

ـ شاركتُ في ألمانيا بمؤتمر برجرس للأطفال ، فالتقيت ببرفسور هناك كان يبحث عن شريك للعمل في مشروعٍ كبيرٍ فرأى أني أناسب لهذا فدعاني للاشتراك معه فقمتُ معه على العمل بهذا المشروع الذي يخدم العرب المسلمين ، وكانت لي مشاريع كثيرة .

ـ ثم بعد ذلك توقفت عن العمل سنتين بسبب عدم السماح لي بالعمل كما أشاء ، ثم تركت العمل بالكلية .

ـ عرض عليَّ " الزنداني " تصوير فيلم عن الإعجاز القرآني ولكنني لم أوافق على ذلك بسبب أني رغبت بأن يوافق على هذا العمل مجموعة كبيرة من العلماء لا عالما واحدا .

ـ وعُرضت علي عروضات كثيرة كالعمل في التجارة وغيرها ولكنني أبيت وأصابني من الناس يأس لأن كل الناس يبحثون عن المال والجاه ولم أر أحداً يريد لأمته الرفعة والسؤدد .

ـ وكنت يوماً ماشياً ففكرت بحيرتي وترددي ، فأنا كلما ارتفعت في التلفزيون كلما عوديت فإلى متى أظل كذلك ؟ ففجأة تذكرتُ الله تعالى لأني جرَّبت الناس كلهم ووجدتهم لي أعداء فلم أر مثل اللجوء إلى الله تعالى ، فأغمي علي من الفرح والشعور بالانتصار ، لأني ما قررتُ قراراً لم أتردد به مثل قراري هذا ، فبكيتُ وذهلتُ وعرقتُ فرحاً .

ـ فرأيتُ أن معرفة الله تعالى لا تكون إلا بدراسة العلوم الشرعية .

ـ فلما رأى عميد الكلية في جامعة الإمام أوراقي قال لي : إن شئت جعلناك في الماجستير أو الدكتوراة فالكراسي قاسية عليك وأنت قد تعودت على الترف ، فقلت : لا ، أريد الدراسة من البداية ، فقال : إذا فانتسب انتساباً ، فأنت صيدٌ ثمينٌ نخشى عليك ألا تدوم ، فقلت : لا ، ولكن أبتدئ الدراسة من السنة الأولى ، وكذلك قال لي الدكاترة في الجامعة ، ولكن استمررت .

ـ ولما دخلت قاعة كلية الشريعة في أول يوم شعرت كأني ملكتُ مفاتيح الدنيا ، فدرست في الكلية أربع سنين لم أتغيب يوماً واحداً .

ـ والله لو أن أحدا يملك الدنيا وقال لي خذها وتغيَّب يوماً واحداً عن كلية الشريعة لما فعلت .

ـ ثم أتممت الماجستير والدكتوراة ، فجربتُ الدنيا كلها فوجدتها سراباً وخراباً إلا علم الشريعة الذي هو لله تعالى .
 

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق