بسم الله الرحمن الرحيم

فوائد من السير4

زنديق يرد حديثاً فكيف أحاديث

قال الذهبي رحمه الله :
وعن خرزاذ العابد قال حدث أبو معاوية الرشيدَ بحديث " احتج آدم وموسى "
فقال رجل شريف : فأين لقيه ؟!
فغضب الرشيد
وقال :النطع والسيف !! زنديق يطعن في الحديث !!
فما زال أبو معاوية يسكنه ويقول : بادرة منه يا أمير المؤمنين حتى سكن .
" سير أعلام النبلاء " ( 9 / 288 ) .

قلت : ترى كم يوجد ممن يرد الحديث ويسخر منه من العامة والخاصة ؟ !
وإذا كان العامة يعذرون بجهلهم ، فإن الخاصة لهم من " الزنديق " أوفر نصيب !


كلام الأقران

قال الإمام الذهبي رحمه الله :
قلت : كلام الأقران إذا تبرهن لنا أنه بهوى وعصبية : لا يُلتفت إليه ، بل يطوى ولا يروى كما تقرر عن الكف عن كثيرٍ مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين .

وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف ، وبعضه كذب ، وهذا فيما بأيدينا وبين علمائنا ، فينبغي طيه وإخفاؤه ، بل إعدامه لتصفو القلوب ، وتتوفر على حب الصحابة والترضي عنهم ، وكتمان ذلك متعين عن العامة وآحاد العلماء ، وقد يرخص في مطالعة ذلك خلوة للعالم المنصف العري من الهوى بشرط أن يستغفر لهم كما علمنا الله تعالى حيث يقول { والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا } .

فالقوم لهم سوابق ، وأعمال مكفرة لما وقع منهم ، وجهاد محَّاء ، وعبادة ممحِّصة ، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم ، ولا ندعي فيهم العصمة ، نقطع بأن بعضهم أفضل من بعض ، ونقطع بأن أبا بكر وعمر أفضل الأمة ، ثم تتمة العشرة المشهود لهم بالجنة وحمزة وجعفر …… وسائر الصحابيات .

فأما ما تنقله الرافضة وأهل البدع في كتبهم مِن ذلك : فلا نعرج عليه ، ولا كرامة : فأكثره باطل وكذب ، وافتراء ، فدأب الروافض رواية الأباطيل أو رد ما في الصحاح والمسانيد ومتى إفاقة مَن به سَكَران ؟

ثم قد تكلم خلق مِن التابعين بعضهم في بعض ، وتحاربوا ، وجرت أمور لا يمكن شرحها فلا فائدة في بثها ، ووقع في كتب التواريخ ، وكتب الجرح والتعديل أمور عجيبة والعاقل خصْمُ نفسه ، و" مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " ، ولحوم العلماء مسمومة .

وما نُقل مِن ذلك لتبيين غلط العالم ، وكثرة وهمه ، أو نقص حفظه : فليس مِن هذا النمط ، بل لتوضيح الحديث الصحيح من الحسن والحسن من الضعيف .

وإمامنا ( أي : الإمام أحمد ) : فبحمد الله ثبت في الحديث ، حافظ لما وعى ، عديم الغلط ، موصوف بالإتقان ، متين الديانة ، فمن نال منه بجهل وهوى ممن علم أنه منافس له : فقد ظلم نفسه ، ومقتته العلماء ، ولاح لكل حافظ تحامله ، وجرَّ الناسُ برِجله ، ومن أثنى عليه ، واعترف بإمامته وإتقانه - وهم أهل العقد والحل قديماً وحديثاً - : فقد أصابوا وأجملوا وهدوا ووفقوا .

وأما أئمتنا اليوم وحكامنا : فإذا أعدموا ما وُجد مِن قدحٍ بهوى : فقد يقال " أحْسنوا ووفِّقوا " ، وطاعتهم في ذلك مفترضة لما قد رأوه مِن حسم مادة الباطل والشر .

وبكل حال : فالجهَّال والضلاَّل قد تكلموا في خيار الصحابة .
وفي الحديث الثابت " لا أحدَ أصبرُ على أذى يسمعه مِن الله إنهم ليدعون له ولداً وإنَّه ليرزقهم ويعافيهم " .
وقد كنت وقفت على بعض كلام المغاربة في الإمام رحمه الله فكانت فائدتي من ذلك تضعيف حال مَن تعرض إلى الإمام ، ولله الحمد .
" سير أعلام النبلاء " ( 10 / 92 – 94 ) .


أثر الخوارج

قال الذهبي :
ولا ريب أن أول وهن على الأمة قتل خليفتها عثمان صبراً فهاجت الفتنة وجرت وقعة الجمل بسببها ثم وقعة صفين وجرت سيول الدماء في ذلك .

ثم خرجت الخوارج !! وكفَّرت عثمان وعليّاً وحاربوا ودامت حتى قلعوا دولة بني أمية وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا يحصيهم إلا الله .

ثم اقتتل المنصور وعمه عبد الله ثم خذل عبد الله وقُتل أبو مسلم صاحب الدعوة ثم خرج ابنا حسن وكادا أن يتملكا فقتلا .

ثم كان حرب كبير بين الأمين والمأمون إلى أن قتل الأمين .
وفي أثناء ذلك قام غير واحدٍ يطلب الإمامة :
فظهر بعد المائتين بابك الخرمي زنديق بأذربيجان وكان يُضرب بفرط شجاعته الأمثال فأخذ عدة مدائن وهزم الجيوش إلى أن اسر بحيلة وقتل .

ولما قتل المتوكل غيلة ثم قتل المعتز ثم المستعين والمهتدي وضعف شأن الخلافة : توثب ابنا الصفار إلى أن أخذا خراسان بعد أن كانا يعملان في النحاس وأقبلا لأخذ العراق وقلع المعتمد .

وتوثب طرقي داهية بالزنج على البصرة وأباد العباد ومزق الجيوش وحاربوه بضع عشرة سنة إلى أن قتل وكان مارقا بلغ جنده مائة ألف .

فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة ويتحيل على الأمة ليرديهم في دينهم ودنياهم !!!!!

فتحرك بقوى الكوفة رجل أظهر التعبد والتزهد وكان يسف الخوص ويؤثر ويدعو إلى إمام أهل البيت فتلفق له خلق وتألهوه .

إلى سنة ست وثمانين فظهر بالبحرين أبو سعيد الجنابي وكان قماحا فصار معه عسكر كبير ونهبوا وفعلوا القبائح وتزندقوا وذهب الأخوان يدعوان إلى المهدي بالمغرب فثار معهما البربر إلى أن ملك عبد الله الملقب بالمهدي غالب المغرب وأظهر الرفض وأبطن الزندقة وقام …
" سير أعلام النبلاء " 13 / 468 – 470

قلت : أعيد الشاهد من نقل كلام الذهبي :
(وجرت سيول الدماء في ذلك ) !!!

( فبقي يتشبه بهؤلاء كل من في رأسه رئاسة ويتحيل على الأمة ليرديهم في دينهم ودنياهم ) !!!
 

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق