بسم الله الرحمن الرحيم

بيع العربون


54 بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى " المجمع " بخصوص موضوع : " بيع العربون " وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله تقرر ما يلي :

أولا :
المراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفع المشتري مبلغا من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلغ من الثمن وإن تركها فالمبلغ للبائع ويجري مجرى بيع الإجارة لأنها بيع المنافع ، ويستثنى من البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين في مجلس العقد ( السلم ) أو قبض البدلين ( مبادلة الأموال الربوية والصرف ) ولا يجرى في المرابحة للآمر بالشراء في مرحلة المواعدة ولكن في مرحلة البيع التالية للمواعدة .

ثانيا :
يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة الانتظار بزمن محدود ويحتسب العربون جزءا من الثمن إذا تم الشراء ويكون من حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء *

انتهى
" مجمع الفقه الإسلامي " الدورة الثامنة / قرار ( 76 / 3 / 85 ) .

العَرَبون - بفتحتين - كحلزون ، والعُربون كعصفور ، لغة فيه ، والعُربان - بالضم - لغة ثالثة بوزن القربان ، وأما الفتح مع الإسكان : فلحن لم تتكلم به العرب .
وهو معرب .
وفسروه لغة : بما عقد به البيع .
وفي الاصطلاح الفقهي : أن يشتري السلعة ، ويدفع إلى البائع درهما أو أكثر ، على أنه إن أخذ السلعة ، احتسب به من الثمن ، وإن لم يأخذها فهو للبائع .

والفقهاء مختلفون في حكم هذا البيع :
فجمهورهم : من الحنفية والمالكية والشافعية ، وأبو الخطاب من الحنابلة ، يرون أنه لا يصح ؛ وذلك للنهي عنه في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان " .
ولأنه من أكل أموال الناس بالباطل .
وفيه غرر .
ولأن فيه شرطين مفسدين : شرط الهبة للعربون ، وشرط رد المبيع بتقدير أن لا يرضى .
ولأنه شرط للبائع شيئاً بغير عوض ، فلم يصح ، كما لو شرطه لأجنبي .
ولأنه بمنزلة الخيار المجهول ، فإنه اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مدة ، فلم يصح ، كما لو قال : ولي الخيار ، متى شئت رددت السلعة ، ومعها درهم .

ومذهب الحنابلة : جواز هذه الصورة من البيوع ، وصرحوا بأن ما ذهب إليه الأئمة من عدم الجواز ، هو القياس ، لكن قالوا : وإنما صار أحمد فيه إلى ما روي عن نافع بن الحارث ، أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية ، فإن رضي عمر ، وإلا فله كذا وكذا ، قال الأثرم : قلت لأحمد : تذهب إليه ؟ قال : أي شيء أقول ؟ هذا عمر رضي الله عنه . وضعف الحديث المروي عن عمرو بن شعيب في النهي عنه .

قال ابن قدامة : والعربون في البيع : هو أن يشتري السلعة فيدفع إلى البائع درهما أو غيره على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن ، وإن لم يأخذها فذلك للبائع يقال عربون وأربون وعربان وأربان ، قال أحمد : لا بأس به ، وفعله عمر رضي الله عنه ، وعن ابن عمر أنه أجازه ، وقال ابن سيرين : لا بأس به ، وقال سعيد بن المسيب وابن سيرين : لا بأس إذا كره السلعة أن يردها يرد معها شيئاً ، وقال أحمد : هذا في معناه .

واختار أبو الخطاب أنه لا يصح ، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي يروى ذلك عن ابن عباس والحسن لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون ، رواه ابن ماجه ، ولأنه شرط للبائع شيئا بغير عوض فلم يصح كما لو شرطه لأجنبي ولأنه بمنزلة الخيار المجهول فإنه اشترط أن له رد البيع من غير ذكر مدة فلم يصح كما لو قال ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهما ، وهذا هو القياس وإنما صار أحمد فيه إلى ما روي فيه عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية فإن رضي عمر وإلا فله كذا وكذا . قال الأثرم قلت لأحمد تذهب إليه ؟ قال أي شيء أقل ؟ هذا عمر رضي الله عنه وضعف الحديث المروي روى هذه القصة الأثرم بإسناده ، فأما إن دفع إليه قبل البيع درهما وقال لا تبع هذه السلع لغيري وإن لم أشترها منك فهذا الدرهم لك . ثم اشتراها منه بعد ذلك بعقد مبتدئ وحسب الدرهم من الثمن صح لأن البيع خلا عند الشرط المفسد ، ويحتمل أن الشراء الذي اشتري لعمر كان على هذا الوجه فيحتمل عليه جمعا بين فعله وبين الخبر وموافقة القياس والأئمة القائلين بفساد العربون وإن لم يشتر السلعة في هذه الصورة لم يستحق البائع الدرهم لأنه يأخذه بغير عوض ولصاحبه الرجوع فيه ولا يصح جعله عوضا عن انتظاره وتأخذ بيعه من أجله لأنه لو كان عوضا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء ، ولأن الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ولو جازت توجب أن يكن معلوم المقدار كما في الإجارة .
" المغني " ( 4 / 161 ، 162 ) .

قال الشيخ ابن باز :
لا حرج في أخذ العربون في أصح قولي العلماء إذا اتفق البائع والمشتري على ذلك ولم يتم البيع .
" فتاوى إسلامية " ( 2 / 384 ) .

والحديث : ضعفه شيخنا الألباني في " ضعيف ابن ماجه " ( 1473 ) .
 

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق