بسم الله الرحمن الرحيم

دعوة : لنصرة العلماء ، والتوبة من الطعن فيهم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فإن الناظر العاقل في أحوال الدعوة السلفية وشبابها ليحزن أشد الحزن على ما يجري في الساحة هذه الأيام .
ولا يهمنا من قريب ولا من بعيد أن يُتكلم على أحد بقدر ما يهمنا الكلام على أهل العلم ومحاولة تفريق الصف الواحد .
ومن يرى ذلك تنقية للصفوف وتمييزاً للطيب من الخبيث فهو مخطئ أشد الخطأ ؛ ذلك أن الكلام هو عن أهل العلم العاملين الذين يمثلون الدعوة السلفية عقيدة وعلماً ومنهجاً .
وإذا كان العلماء قديماً قد قالوا : إن الكلام في " فلان " طعن في السنَّة ، بل وقد قيلت هذه الكلمة في علمائنا المعاصرين ، فكيف يكون الحال إذا كان المتكلَّم فيهم هم أئمة أعلام من هذه الدعوة رضعوا من لبنها ، وارتووا من صافي نبعها توحيداً وعلماً ومنهجاً ؟؟

إخواني :
لن أطيل ، أرجو ممن له كلمة مسموعة أن يحاول رأب الصف ، وجمع الكلمة ، ولنعرف حجم أولئك الذين يريدون تفريق الكلمة وشق الصف ، وهم قلة قليلة فليتقوا الله وليقدموا المصلحة العامة على الخاصة .

فلأن يُتكلم في شيخ لنا أو يُحذَّر من كتاب له مع بقاء العامة والخاصة حول علمائهم أحب إلينا من نصرة أولئك الذين هم دونهم .

وقد تُكلم في بعض علماء أهل السنة – بحق وبغير حق أحياناً – فما فرَّق ذلك صفهم ولا حزَّبهم ، وبقي الإمام إماماً والكبير كبيراً سواء تكلم فيه بحق – حتى لو كان الكلام في خطأ عقيدي كالكلام في ابن خزيمة وقتادة وغيرهما – أو بغير حق – كالكلام الحاصل بين الأقران مثل كلام الذهلي في الإمام البخاري - .

وأرجو أن يكون ذلك عاجلاً غير آجل ، فالأمة بحاجة إلى علماء كبار يوجهونهم ويفتون لهم ، والأمة مُقدمة على مصائب ومحن أكثر مما هي عليها الآن ، وتصوروا لو وقعت فتنة في بلد إسلامي ، ولم يعرف العامة والخاصة وجه الصواب فيما يفعلون ، ولمن يكون الولاء ، ومع من يقاتلون – في حال حدوث فتنة عملية - ، فهل تراهم سيذهبون إلى أولئك الذين يطعنون في الكبار ؟؟

يغلب على الظن أن يرجع أولئك كلٌّ إلى بلده ! أو محله ! وسيتركون الناس في تخبطهم بعد أن أَسقطوا من أعينهم علماءهم الكبار ، وسترى أولئك في حيرة يلتفتون حولهم فلا يجدون من يَستأنس الناس برأيهم وحكمتهم ، فضلاً أن يعرفوا حكم الشرع ، وأنتم ترون أنه ما بقي لنا إلا القليل من العلماء الكبار .

وأقترح :
أن تجمع توقيعات العلماء والمشايخ واللجان العلمية السلفية في العالم كله نصرة للجنة الإفتاء وهيئة كبار العلماء ، تثبيتاً لها من مؤامرة تحاك ضدها ووشاية تريد إفناءها نصرة لبعض الناس على حساب المصلحة العامة وكافة المسلمين .

وهذه اللجنة – أي : اللجنة الدائمة - هي اللجنة السلفية الوحيدة في العالم التي تفتي الناس أجمع وفق الكتاب والسنة وعلى عقيدة السلف الصالح ، فهل تريدون المشاركة للقضاء عليها ؟؟

وهذه النصرة بهذه التواقيع تزيد من قناعة العامة أن كافة السلفيين على قلب رجل واحد في القضايا العامة والمصيرية ، وهذا لا يتأتى مع نزع الثقة فيهم وهو ما يُسعى إليه من قبل بعض المرضى .

وهذا الأمر يبين لنا حجم المخالف ، وماهية تفكيره وحرصه على الدعوة السلفية وعلمائها الكبار .
وفي الوقت نفسه ، فهذه دعوة لأولئك المخالفين أن يتوبوا إلى الله ويكفوا أيديهم وألسنتهم عن العلماء الكبار وبالأخص علماء اللجنة .

وليعلموا أن كل ما سيسببه عكس ذلك فسيكون في ميزان سيئاتهم .
وهؤلاء العلماء ليسوا أولاد أمس بل شابت لحاهم وبلغوا من العمر أعلاه وقد ارتضاهم شيخُهم وإمامهم الشيخ ابن باز ليكونوا معاونين له ، ومفتين معه ، فخذلانهم خذلان للسنة ولعلمائها وأئمتها الأحياء والأموات .

أسأل الله أن تكون هذه الخاطرة في محلها ، وأن تلاقي قلوباً صافية وعقولاً ناضجة .
وأدعو إخواني للتحرك كلٌّ في بلده لنصرة العلماء ودعوة المخالفين للتوبة وكف أيديهم وألسنتهم عنهم .
والله الهادي إلى سواء السبيل

تنبيهات :

1. من المعلوم لدى كل مطلع أنه يحدث خلاف بين أعضاء اللجنة أو هيئة كبار العلماء أو أعضاء المجامع العلمية ، لكن لكثرة العدد اعتبار ، فتخرج الفتوى باسم الهيئة أو المجمع أو اللجنة مع وجود المخالفين ، ويشار أحياناً إلى أسماء من خالف ، ولم يكن هذا مفرقاً لصفهم ولا سبيلاً لتحزب فئة على فئة . وعليه : فخلاف الواحد والاثنين لا ينبغي التكثر به وترك قول جمهور أولئك العلماء .

2. وليس اتفاقهم إجماعاً شرعيّاً لكن لا شك أنه أحب إلينا من مخالفة من هم دونه وخاصة في القضايا العقيدية والعامة المصيرية .

3. ولا بدَّ أن نفرِّق بين تخطئة أولئك العلماء في مسائل العقيدة والتوحيد ، وبين تخطئتهم في قضايا اجتهادية يقع في مثلها الخلاف. والحال لا يخرج عن الخلافات الواقعة بين سلفنا الصالح في مسائل الاجتهاد والاتفاق على مسائل التوحيد والعقيدة .

4. ونحمد الله أن أولئك العلماء ما دعوا إلى بدعة ولا إلى معصية بل يدعون إلى اعتقاد السلف وطاعة الرحمن .

5. وفائدة أخرى عظيمة وهي أن بعض الناس قد يفرح لفتاوى اللجنة وغيرها من فتاوى العلماء الكبار لا لأنهم ذو بال عنده بل لأن ذلك وافق هواه ! وقد كان بالأمس يذم فيهم ويطعن بعلمهم وفقههم ، على العكس من الطرف المقابل الذي كان يدعو لنصرتهم والأخذ برأيهم وحكمتهم وقد نكص على عقبيه الآن . فلتظهر حقيقة هذا الطرف كما ظهرت حقيقة الطرف الأول .

6. ولا أقصد بما سبق في نصرة اللجنة مسماها الوظيفي ! بل أهلها وعلماؤها سواء كانوا فيها أو تقاعدوا !

والله الهادي لما فيه خير المسلمين
 

كتبه
إحسان بن محمد بن عايش العتيبـي
أبو طارق