صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







زوجةُ أبي وأبناؤُها

د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ
@dhaferaljebaan

 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُمَّ اهدِني وسدِّدْني
زوجةُ أبي وأبناؤُها

السُّؤالُ:
السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

زوجةُ أبي -هداها اللهُ- تُحِبُّ إحراجي أمامَ النَّاسِ، عِلمًا بأنِّي [واللهُ شاهدٌ على ما أقولُ] لا أُحِبُّ عُقوقَها, ولا بدَّ عليَّ من بِرِّها, وأُحسِنُ مُعامَلتَها.

وأعتقدُ أنَّه يمكنُ أن يكونَ سببُ كُرهِها لي:
طريقتي في مُعامَلةِ أبنائِها [الَّذين هُم إخوتي]؛ فهي تُرِيدُني أن أُعامِلَهم بطريقةٍ مِثاليَّةٍ، وأَحترِمَهم وأُقدِّرَهم، ولا أَتحدَّثَ معَهم فيما يُغضِبُهم؛ فهي تخشى عليهم ممَّا يُحزِنُهم. عِلمًا بأنِّي أُعامِلُهم كأيِّ أُختٍ كُبرَى تُقوِّمُ سلوكَ إخوتِها, وتُنبِّهُهم إذا أخطؤوا.
كيف أتعاملُ معَها؟
وكيف أتعاملُ معَ إخوتي عندَما أراهم يرفعون أصواتَهم على والدتِهم ويستهزئون بها؟ وماذا أفعلُ عندَما أراهم يُهمِلون الصَّلاةَ؟ هل أَلزَمُ الصَّمتَ وأَبتعدُ حتَّى أَكسِبَ وُدَّها؟! أَرشِدُوني أثابكم اللهُ.

الجوابُ:

وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّم على رسولِه الأمينِ، وعلى آلِه، وصحبِه أجمعينَ.
أمَّا بعدُ:

أختي الفاضلةَ:
أسألُ اللهَ أن يجمعَ القلوبَ على البرِّ والإحسانِ، كما وأشكرُكِ على بِرِّكِ بعَمَّتِكِ، واستشعارِكِ لهذا الأمرِ العظيمِ، والَّذي إن دلَّ على شيءٍ فإنَّما يدلُّ على ديانةٍ وحُسنِ تربيةٍ، كما وأشكرُكِ على حرصِكِ على إخوانِكِ وعلى تربيتِهم، وهذا واجبٌ استشعرتيه؛ فعليكِ الاهتمامُ والقيامُ به بحكمةٍ ورَوِيَّةٍ.

أمَّا ما أَشرتِ إليه من تعاملِ عَمَّتِكِ معَكِ؛
فالَّذي يظهرُ أنَّ سببَ المشكلةِ هي تعاملُكِ معَ إخوتِكِ من أبيكِ، وهذا ما أشرتِ إليه بأنَّه السَّببُ، فإذا تَحدَّدتِ المشكلةُ كان علاجُها سهلًا.

هنا وصايا أُريدُكِ أن تتعاملي بها معَ عمَّتِكِ لحلِّ مثلِ هذه المشكلةِ:


1- اعلَمِي أنَّ المؤمنَ مُعرَّضٌ للبلاءِ والاختبارِ، وقد يكونُ ما تَمُرِّينَ به نوعًا من أنواعِ البلاءِ
الَّذي تُمحَّصُ به أخلاقُكِ، ويُغفَرُ به ذنبُكِ، وتُرفَعُ به درجتُكِ؛ فكوني مُحتسِبةً لهذا الأمرِ، وراغبةً في عظيمِ الأجرِ.

2- عليكِ بالرِّفقِ في جميعِ تَعامُلاتِكِ؛ فإنَّ الرِّفقَ ما كان في شيءٍ إلَّا زانه،
وما نُزِع من شيءٍ إلَّا شانه، كما صحَّ بذلك الخبرُ عن سيِّدِ البشرِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.

3- احرصي على حُسنِ الألفاظِ معَ عمَّتِكِ؛
فمِن ذلك: لا تُنادِيها إلَّا بلفظِ الأُمِّ، لا بلفظِ العَمَّةِ؛ لأنَّ هذا وإن كان صعبًا في بدايةِ أمرِكِ إلَّا أنَّه يكسرُ حواجزَ كثيرةً، ويُؤثِّرُ في نفسِ عمَّتِكِ عندما تعلمُ أنَّكِ أَنزلتيها منزلةَ والدتِكِ، وأنَّه ينبغي عليها أن تتعاملَ معَكِ كأُمٍّ، وإن كان الواقعُ أنَّها في منزلةٍ قريبةٍ من منزلةِ والدتِكِ، لكنْ لا تصلُ إليها، وأنتِ مُستشعِرةٌ لذلك كما بيَّنتي في سؤالِكِ.

4- ابتسِمي دائمًا في وجهِها
عندما تُنادِيكِ، وتُكلِّمُكِ، وتأمُرُكِ.

5- دعيها تشعرُ مِنكِ باهتمامٍ بالغٍ للبيتِ ولإخوانِكِ،
وتشعرُ بهَمِّكِ لإصلاحِهم ومُعالَجةِ أخطائِهم، ويكونُ ذلك بتقديمِ براهينَ على ذلك، ومنها:
أن تهتمِّي بتدريسِهم وتعليمِهم، أو بالسُّؤالِ عن دراستِهم، أو بتقديمِ الهدايا لهم، أو بمُلاعَبتِهم والضَّحكِ معَهم، أو بغسلِ ملابسِهم، أو بتجهيزِ الطَّعامِ لهم ومُتابَعةِ وجباتِهم ... إلى غيرِ ذلك ممَّا يُبرهِنُ لعَمَّتِكِ أنَّكِ لا تَحمِلِينَ عليهم في نفسِكِ شيئًا؛ فإذا أَمِنَتْ منكِ هذا الجانبَ واطمَأنَّتْ لكِ؛ فسَتَرَيْنَ ما تَقَرُّ به عينُكِ وتَهنَأُ به نفسُكِ، إن شاء اللهُ.


6- لا يكنْ نُصحُكِ لإخوانِكِ بغلظةٍ وشِدَّةٍ؛ فهذا ليس منهجًا دينيًّا ولا تربويًّا،
بل المنهجُ الصَّحيحُ هو: اللِّينُ في النُّصحِ والوعظِ، وعدمُ الغلظةِ والشِّدَّةِ.

7- لا مانعَ أن تُصارِحي عمَّتَكِ بأدبٍ جمٍّ، وبدونِ رفعِ صوتٍ، حولَ أخطاءِ إخوانِكِ العامَّةِ،
وليس بأخطائِهم في جانبِها هي؛ لأنَّها أُمٌّ وتتغاضى عن جميعِ أخطاءِ أبنائِها تُجاهَها، لكنْ تُحدِّثينها عن أخطائِهم العامَّةِ، وأُوصِيكِ وأنتي تُحدِّثينها أن تُشعِرِيها بحرصِكِ وشفقتِكِ عليهم، واعلَمِي أنَّ هذه المُصارَحةَ معَ عمَّتِكِ لا تكونُ إلَّا بشرطينِ:
الأوَّلُ:
أن تكونَ عمَّتُكِ من النَّوعِ الَّذي يقبلُ الحوارَ والنِّقاشَ.
والثَّاني:
أن تكوني ممَّن يُجِيدُ الحوارَ معَ ضبطِ نفسِكِ وعدمِ انفعالِكِ عندَ بعضِ الرُّدودِ القاسيةِ، أو غيرِ المسؤولةِ.

8- اتَّبِعِي منهجَ التَّغافلِ عمَّا لا تَستحسِنينَ من العبارات، أو لا تَرْضَيْنَ من التَّصرُّفاتِ،
واعلَمِي أنَّ سيِّدَ قومِه المُتغافِلُ.

9- استَشِيري دائمًا مَن تَثِقينَ بعقلِه وحُسنِ تَصرُّفِه مِن أقاربِكِ،
إمَّا من أعمامِكِ، أو أخوالِكِ، أو غيرِهم.

10- كُوني دائمًا مُتفائِلةً؛
فالتفاؤلُ يزرعُ الأملَ، ويحفزُ على العملِ، ويُرِيحُ الفؤادَ.

11- أَكثِري من اللُّجوءِ إلى اللهِ تعالى:
أن يشرحَ صدرَكِ وصدرَ عمَّتِكِ، وأن يُعِينَكِ ويُسدِّدَكِ.

وختامًا:
أسألُ اللهَ العظيمَ أن يُيسِّرَ أمرَكِ، ويُفرِّحَ قلبَكِ، ويكشفَ همَّكِ، ويُعِينَكِ على أمورِ دينِكِ ودُنياكِ.

واللهُ تعالى أعلمُ.

أشار بها

الفقيرُ إلى عفوِ سيِّده ومَوْلاه

د. ظافرُ بنُ حسنٍ آلُ جَبْعانَ

www.aljebaan.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
ظَافِرُ آل جَبْعَان
  • الفوائد القرآنية والتجويدية
  • الكتب والبحوث
  • المسائل العلمية
  • سلسلة التراجم والسير
  • سلسلة الفوائد الحديثية
  • المقالات
  • منبر الجمعة
  • الصفحة الرئيسية