صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







في الطريق إليك

د.عبد المعطي الدالاتي

 
القلب نمّامٌ على وطنه..
فمع أني خلقتُ في واحة الحياة، إلا أني عرفت بما أحمل من ذكريات، أنَّ السماءَ هي وطني.
فعرفتُ اللهَ.. عرفته من غير أن أراه.. وأحببته.. ومن منّا لا يحبُّ اللهَ؟..
بحبِّ اللهِ دخلتُ جنَّةَ الدنيا.. فتأنّقتُ فيها.. وحلَّقتُ تيها..
ورجوت اللهْ.. أن يدخلني في الأخرى جنة رضاه..
وبحبِّ اللهِ تألّق قلبي.. فرفرفَ في فضاء الحبّ عمري.. فهتفت: ((ما أسعدَ من يقضي الحياةَ في مثل أمري!))..
وبحبِّ اللهِ أَويتُ إلى ربوةٍ ذاتِ قرار.. فوجدتُ فيها كل أُنسي.. وألفيتُ في سكونها سكينةَ نفسي.. فتمنيتُ أن أحيا أكثر، وهل يَكفي العمر لكي نحيا مرتين؟!
وبحبِّ اللهِ تدفقتْ عليَّ من كُوى الغيب مواسمُ خِصب. فأعلن القلبُ بشائر قدوم الربيع..
عن جَنّة الحبّ.. سألت القلب.. فقال:
((أنا حبَّةُ رملٍ على شاطئ الجمال..
ولكن إذا تكلَّم الحب، فالعجب أن يَسكت القلم!)).
رنوتُ إلى القلم فقال:
((لن يفيَ بالحب مقال..
فيا حَيْرةَ الوصف.. ويا عُجمةَ البيان!))..
وتلفَّتُّ، وتلفَّتَ القلب إلى جهة السماء - والحياة التفاتْ -
وتعلقتُ بحبال من رجاء..
وتوجهتُ إلى الله أسأله لقلمي رزقاً حسناً.. وهل لطيور الفكر أن تلتمسَ الحَبَّ من غير سنبلةِ السماء؟!..
وبتُّ ليلةً في محراب الدمع مفترشاً جبيني واضعاً خدي على عتبة العبودية.. وغلبني الأمل، فأمسكتُ بالرّوح القلمَ.. وتدفقتْ عليَّ شلالات النور من شُرُفات السّماءِ.. وفاضَ العطاء.. وكانت نجوى، وكان دعاء:
في الطريق إليكْ.. لا نملك إلا دعواتنا لك.. ولا يحثنا على المسير إلا الشوق إليك..
في الطريق إليكْ.. زلَلْنا فسترت.. وعصينا فغفرت.. ولهونا بدلالِ انتسابنا إليك.. وسهونا ولكنَّ لطفك المطوّق لنا دلّنا من جديد عليك..
في الطريق إليك.. كثيراً ما نغفو، ومع النّوم تظلُّ قلوبُنا تهتفُ باسمك.. وتظلُّ عيونُنا الغافية مطبقةً على الحُلُم؛ بأنها ستصحو لتتابعَ المسيرَ إليك..
في الطريق إليك.. كثيراً ما نكبو، ولكنَّ يدَ الرحمة سرعان ما تأخذ بأيدينا، فتُقيلنا من العِثار.. لننهضَ وننفض الغبار.. ثم لِنتابعَ المسير إليك..
في الطريق إليك.. كثيراً ما نلقى واحاتٍ خضراءَ نتفيّأُ ظلالها، متأنّقين مكتسين حُلّة العبودية، فننهل من ينابيع المحبة.. فيرفعنا الدعاء إليك.. فنبثّك النجوى.. ونبثك الشكوى..
ومن أحقُّ بالنجوى منك؟!. وهل يُشتكى - ربِّي - إلا إليك؟!..
في الطريق إليك.. يُطمعني الرجاءُ بك، فأدعوك أن تمنحَ لجبيني موضع سجدة، وأن تُغرق قلبي في بحور الجمال حتى لا يتنفس إلا بالمحبة. وأدعوك أن تبارك لي في الرزق الأعلى الذي أفضتَ به عليَّ: (الإيمان).
في الطريق إليك.. خوفٌ ورجاء..
في الطريق إليك.. حبٌّ ودعاء..
في الطريق إليك.. حلمٌ يُنسي طولَ السّهر.. وسهرٌ أحلى من الأحلام..
في الطريق إليك.. شكوى من غير أنين.. ونجوى تضجُّ بالحنين..
في الطريق إليك.. أمانِيُّ كثيرة.. ومخاوف كبيرة..
أما المخاوفُ، فأعظمُها أن تطَّلع على سوءاتي - وقد اطّلَعتَ - فتقول: ((لا غفرتُ لك))..
وأما الأمنيات، فكثيرة كثيرة.. جمعتُها كلَّها وتمنيتُ..
((فكان رضاكَ - ربي - الأمانيا))..

* * *
" من ديوان " أحبك ربي"
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

د.الدالاتي

  • مقالات
  • ربحت محمدا
  • مرايا ملونة
  • نجاوى
  • هذه أمتي
  • أنا مسلمة
  • لحن البراءة
  • دراسات في أدب الدالاتي
  • مصباح الفكر