صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح رسالة فضل علم السلف على الخلف 9

اضغط هنا لتحميل الكتاب على ملف وورد

خالد بن سعود البليهد

 
بسم الله الرحمن الرحيم


(وأما ما أحدث بعد الصحابة من العلوم التي توسع فيها أهلها وسموها علوما وظنوا أن من لم يكن عالماً بها فهو جاهل أو ضال فكلها بدعة وهي من محدثات الأمور المنهي عنها).

انتقل المصنف رحمه الله إلى بيان العلوم التي اخترعها وأحدثها المتأخرون بعد زمن الصحابة رضي الله عنهم وظنوا أنها علوم نافعة وأن من اشتغل بها وأتقنها فهو عالم حقا ومن زهد فيها فهو جاهل وقد حكم عليها المصنف بأنها بدعة لأن موضوعها الدين وليس لها أصل في الشرع ولم يأمر بها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة بل كثير من هذه العلوم الفاسدة قد ورد النهي عنها بخصوصها في السنة وقد استعمل أهل البدع أساليب كلامية وقواعد فلسفية وأقيسة باطلة في إثبات هذه العلوم الباطلة ، وإنما وقعوا في البدع لأنهم أطاعوا الشيطان اللعين واتبعوا الرأي المذموم واعتقدوا أنهم يصلحون الدين ويتممون نقصه فالمبتدع في الحقيقة مستدرك على الله وزائد في دين الله ما ليس منه ودين الله تام لا يقبل الزيادة كما قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا). والدواعي والأسباب التي تنشأ عنها البدعة الجهل في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم واتباع الهوى كحال كثير من المتصوفة وسوء القصد كحال فرق الشيعة والغلو في امتثال الشرع كحال الخوارج والمعتزلة لما غلوا في القيام بالأمر والنهي وباب الأسماء والأحكام وحال المشركين لما غلوا في محبة الأولياء والمشبهة لما غلوا في إثبات الصفات وضعف البصيرة وتمكن الشبهة كحال نفاة الصفات من المفوضة والأشاعرة. والبدعة هي إحداث رأي في الدين من غير دليل شرعي كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). وقال ابن رجب: (والمراد بالبدعة ما أحدث مما ليس له أصل في الشريعة يدل عليه وأما ما كان له أصل في الشرع يدل عليه فليس ببدعة وإن كان بدعة لغة). وليس في الدين بدعة حسنة وبدعة سيئة ومن زعم ذلك فقد قال برأيه وأخطأ وخالف السنة ومذهب الصحابة وما ورد عن السلف من إطلاق البدعة فمحمول على المعنى اللغوي كما قرره المحققون من أهل السنة وقد أمر الشارع بالإتباع ونهى عن الإبتداع كما في صحيح مسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة). والبدعة شر الذنوب في الدين ولها خطر عظيم تفسد دين المؤمن وتبعده عن الله وتجعل قلبه قاسي وتقربه إلى الكفر وتحمله على موالاة أعداء الله وكراهة أولياء الله قال محمد بن سيرين: (إني أرى أسرع الناس ردة أصحاب الأهواء). وهي أعظم من الكبائر لأن المتلبس بالبدعة يعتقد أنه على الحق ويتقرب إلى الله بذلك ويصعب رجوعه للسنة غالبا خلافا للفاسق الذي يعتقد في نفسه أنه مذنب ومقصر في جنب الله ويشعر بالانكسار ويسهل رجوعه للطاعة ولذلك قال سفيان الثوري: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدع لا يتاب منها). ومن ابتدع بدعة في الدين كان عليه وزرها ووزر من اتبعه على ذلك إلى يوم الدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء). رواه مسلم. ولا يفرح الشيطان بفرح أعظم من وقوع العبد في البدعة لأنه إذا فارق السنة وأهلها قبل كل بلية وسكن الشيطان في قلبه واستولى على جوارحه وفتح عليه باب الشبهات والإلحاد. والبدع تفرق المسلمين وتوقع بينهم العداوة والبغضاء ولم يتمكن الأعداء من هذه الأمة إلا بسبب الفرقة والاختلاف بين طوائف المسلمين والمبتدعة على مر التاريخ هم الذين أدخلوا الكفار في بلاد المسلمين وسلطوهم على أهل التوحيد والسنة. وهذه الدلائل والمعاني تدل على عظم خطر البدعة وأثرها السيئ في الأمة وأنها أعظم معول يهدم فيه الإسلام وتنقض عراه كما قال ابن عباس رضي الله عنه: (ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع وتموت السنن). وقال أبو إدريس الخولاني: (ما أحدثت أمة في دينها بدعة إلا رفع الله بها عنهم سنة). ولهذا اشتد نكير السلف على أهل البدع وبالغوا في ذم البدع ونهوا عن صحبة أهل البدع قال الفضيل بن عياض: (اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين). وقال الحسن: (لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك أو تخالفه فيمرض قلبك). وقال أبو قلابة: (لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون). وهذا الأصل من أعظم ما يميز أهل السنة عن غيرهم من المخالفين والمبدلين للسنة ومع وضوحه وجلائه في النصوص وآثار السلف إلا أن كثيرا من المنتسبين للسنة اليوم لا يعتنون بهذا الأصل ولا يعملون به في دعوتهم وخطابهم ومشاريعهم والله المستعان.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية