صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







كيف يتطهر المريض بالقدم السكري

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو القول الراجح في المسح على القدم السكرية المصابة بجرح وينصحون الأطباء بعدم غسل الرجل بالماء. هل أغسل القدم وأمسح على الشاش أم أتيمم؟
وكيفية الغسل يوم الجمعة هل أكتفي بالتيمم؟
وإذا لبست الشراب على الجرح بعد الوضوء  هل أمسح على الشراب يوم وليلة؟


الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله. يجب على المسلم إذا أراد أن يصلي أن يغسل أعضائه الأربعة بالماء مرتبا متواليا لقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ). ولما ثبت في الصحيحين عن حمران: (أنَّه رَأَى عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ دَعَا بوَضُوءٍ، فأفْرَغَ علَى يَدَيْهِ مِن إنَائِهِ، فَغَسَلَهُما ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أدْخَلَ يَمِينَهُ في الوَضُوءِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وجْهَهُ ثَلَاثًا ويَدَيْهِ إلى المِرْفَقَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ برَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ قالَ: رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هذا، وقالَ: مَن تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ). والواجب الغسل مرة واحدة والتثينة والتثليث في أعضاء الوضوء سنة إلا الرأس فالمشروع إفراد المسح ولا تشرع الزيادة. ولا يجزئ في قول عامة أهل العلم المسح على القدمين ومن مسح على قدميه فوضوئه باطل يجب عليه الإعادة وقد تواترت السنة بالغسل ومن ذلك ما ورد في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو: (تَخَلَّفَ عَنَّا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فأدْرَكَنَا وقدْ أرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ ونَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ علَى أرْجُلِنَا، فَنَادَى بأَعْلَى صَوْتِهِ: ويْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا). وما روي في المسح فشاذ لا يصححه أهل الحديث.

أما صاحب القدم السكري فإن كان يضره غسل القدم أو يترتب عليه مفسدة ظاهرة بحيث يخشى زيادة الجرح أو التسبب في إتلاف القدم فيرخص له في المسح على لفافة الجرح فيمسح عليها ويغسل باقي القدم برفق ويجزئه ذلك إن شاء الله لقوله تعالى:
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). أما إن كان يضره المسح ويشق عليه فلا يمسح على قدمه المصابة وينتقل إلى التيمم فيغسل وجهه ويديه ويمسح على رأسه ويغسل قدمه الصحيحة ثم يتنشف ويتيمم على التراب بضربتين ضربة يمسح بها وجهه وضربة يمسح بها يديه ويجزئه التيمم عن قدمه المريضة لأنه عاجز عن استعمال الماء لمرضه فيقوم عجزه مقام الفاقد للماء قال تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ). قال مجاهد : (والمرض أن يصيب الرجل الجرح والقرح والجدريّ، فيخاف على نفسه من برد الماء وأذاه، يتيمم بالصعيد كما يتيمم المسافر الذي لا يجد الماء).  ويلزمه  التيمم عن عضوه الذي تعذر عليه غسله لأن الله جعل التيمم بدلا عن طهارة الماء فإذا عجز المتطهر عن الأصل وجب عليه الانتقال إلى البدل لأنه مستطيع لذلك والقول بسقوط التيمم في هذه الحال قول ضعيف لأنه إهمال طهارة عضو بالكلية. والجمع بين الغسل والتيمم مذهب الشافعي وأحمد قال ابن قدامة: (أن الجريح والمريض إذا أمكنه غسل بعض جسده دون بعض لزمه غسل ما أمكنه وتيمم للباقي، وبهذا قال الشافعي).

وأما الغُسل الشرعي من واجب ومستحب فيُلبس قدمه المريضة حائلا منيعا لا ينفذ منه الماء ثم يغسل باقي جسده ثم يتنشف ثم يتيمم عن قدمه المريضة ويجزئه ذلك قال تعالى:
(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).

وإذا لبس الجورب على طهارة جاز له المسح عليه يوما وليلة حال الإقامة وثلاثة أيام بلياليها حال السفر كما يمسح الصحيح لحديث علي رضي الله عنه قال:
(جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ). رواه مسلم.

والمرجع في معرفة ما يضره ويتجنبه إلى من يثق به من أهل الطب فإذا غلب على ظنه صحة قول الطبيب واطمأنت نفسه إليه فينبغي له العمل بنصيحته ويجب عليه أن يحافظ على صحته وسلامته ولا يعرض نفسه للخطر ولا يشدد على نفسه كعمل الجهال الذين يظنون أن التشديد قربة وطاعة لله فإن الله نهى عن تعذيب المسلم نفسه وتعريضها للهلاك قال تعالى:
(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). وهكذا فهم الصحابة قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: (احتَلمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غزوةِ ذاتِ السُّلاسلِ فأشفَقتُ إنِ اغتَسَلتُ أن أَهْلِكَ فتيمَّمتُ، ثمَّ صلَّيتُ بأصحابي الصُّبحَ فذَكَروا ذلِكَ للنَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: يا عَمرو صلَّيتَ بأصحابِكَ وأنتَ جنُبٌ ؟ فأخبرتُهُ بالَّذي مَنعَني منَ الاغتِسالِ وقُلتُ إنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يقولُ: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) فضحِكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ولم يَقُلْ شيئًا). رواه أبو داود.

 والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

الفقير إلى الله
خالد بن سعود البليهد

bInbulihed@gmail.com

15/6/1442


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية