صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







طهارة وصلاة المبتلى بسلس البول

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فضيلة الشيخ إني حريص على معلومات سلسلة البول. إني قد أعمل في شركة مرموقة. لدي مشكلة البول, بعد إذ قضيت الحاجة أني قد أشعر كأن قطرات البول تسقط في الملابس. و أنا استشرت مع الطبيب هو نصحني أن أجلس قليلا بعد قضاء الحاجة. ولكني لم أجد أي تقدم في تلك المشكلة. فإني أريد أن أعتقد بعض الأشياء.
هل تجوز الصلاة لي إذا صليت مع ذلك الملابس التي رطبت بقطرات البول؟
هل يجوز لي أن أؤم الصلاة ؟
هل يجوز لي أن أصلي في تلك الملابس جميع الصلاة لأني لا أستطيع أن أجد الملابس في وقت الشركة ؟
ما هو الحكم إذا سقطت القطرات في أثناء الصلاة؟
فنرجو منكم الصواب إن شاء الله.

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. إذا كان الإنسان مبتلى بسلس البول بحيث يسترسل خروج البول غالب الوقت ولا يمكن إمساكه ويجد مشقة في منعه فيشترط في طهارته للصلاة أمران:
1-أن يغسل فرجه ويتوضأ للصلاة وضوء كاملا بعد دخول الوقت الشرعي فإذا نودي للصلاة تطهر وتوضأ أما إذا تطهر قبل الوقت فلا تصح طهارته لأن الشارع أباح له التطهر بعد دخول الوقت من باب الضرورة. وإذا خرج الوقت انتقض وضوؤه وتوضأ للوقت الجديد فلا يصلي العشاء بوضوء المغرب وهكذا. والأصل في ذلك ما روي في الصحيحين من حديث عائشة لما في الصحيحين عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا إنما ذلك عرق وليس بحيض فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت). وهذا نص في المستحاضة وقد ألحق الفقهاء بها كل من حدثه دائم لا ينقطع كسلس البول والغائط والريح ورعاف دائم ومن لا يرقأ جرحه كما روي عن هشام بن عروة قال : كانت بي دماميل فسألت أبي عنها فقال : (إن كانت ترقأ فاغسلها وتوضأ وإن كانت لا ترقأ فتوضأ وصل فإن خرج شيء فلا تبال فإن عمر قد صلى وجرحه يثعب دما). رواه عبد الرزاق في مصنفه. وقال ابن قدامة: (فعلى هذا إذا توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت بطلت طهارته لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه. وكذلك إن خرج منه شيء لأن الحدث مبطل للطهارة وإنما عفي عنه مع الحاجة إلى الطهارة ولا حاجة قبل الوقت وان توضأ بعد الوقت صح وضوؤه ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه لما ذكرنا).
2-أن يلبس حفاظة على ذكره تمنع وصول النجاسة إلى الخارج حتى لا ينجس المصلى ولا يتأذى المصلون من تسرب البول.

فإذا غسل فرجه ولبس عليه حائلا وتوضأ بعد دخول الوقت صلى الفريضة والنافلة وقضى الفائتة في الوقت كله ولا يضره ما خرج منه بعد ذلك وصلاته صحيحة لأنه اتقى الله ما استطاع وبذل جهده لقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا). وقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم). متفق عليه. وقد اتفق الفقهاء على اعتبار سلس البول عذرا لا يؤثر خروج الحدث أثناء الصلاة إذا قام صاحبه بما يلزم وصلاته صحيحة مجزئة لا يشرع إعادتها ألبتة. قال ابن قدامة: (والمستحاضة تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي ما شاءت من الصلوات وكذلك من به سلس البول والمذي والريح والجريح الذي لا يرقأ دمه والرعاف الدائم).

أما الملابس فإنه يغسل أثر النجاسة عنها أو يبدلها بثياب طاهرة إذا دخل الوقت ولا يضره ما تسرب لها أثناء الوقت ويكفي في غسلها فركها بالماء من غير مبالغة ثم إذا دخل الوقت الآخر غسل ما أصابها مرة أخرى. فإن شق عليه غسلها أو تبديلها غسل فرجه وعصبه وتوضأ وصلى على حسب حاله وعفي عنه وجود النجاسة على ثوبه رفعا للمشقة والحرج كما قال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ).

وإن شق عليه الصلاة في وقتها لعارض جاز له الترخص بالجمع بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير ويختار الأرفق به فيصلي الظهر والعصر في وقت والمغرب والعشاء في وقت لأنه في حكم المستحاضة وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة في الجمع بين الصلاتين كما في مسند الإمام أحمد. قال ابن قدامة: (ويجوز للمستحاضة ومن في معناها الجمع بين الصلاتين وقضاء الفوائت والتنفل إلى خروج الوقت).

أما إذا كان خروج البول ينقطع بعد بوله بفترة يسيرة كدقائق لمرض عارض ولا يعود فهذا حكمه حكم السليم ولا يأخذ حكم من به سلس فينتظر حتى ينقطع البول ثم يتطهر وتبطل صلاته بنزول قطرة بول منه ولا يشترط لطهارته دخول الوقت ولا ينتقض وضوؤه بدخول وقت آخر إذا لم يحدث فيصلي مثلا العصر والمغرب بوضوء الظهر وهكذا لأن عذره مؤقت ليس بدائم.

وإذا صحت صلاته صحت إمامته بغيره على الصحيح لأن صحة الإمامة مبنية على صحة الصلاة فكل من تصح صلاته بنفسه تصح إمامته بغيره إلا ما دل الدليل على بطلان إمامته كإمامة المرأة بالرجال أما من به سلس فلا يصح دليل معتبر في السنة يدل على عدم صحة إمامته. وهذا مذهب الشافعية. قال النووي: (يجوز اقتداء السليم بسلس البول والطاهرة ‏بالمستحاضة غير المتحيرة على الأصح). ولكن الأولى أن يتولى الإمامة السالم من السلس لأنه أكمل طهارة وليس في صلاته نوع خلل وخروجا من الخلاف فينبغي على من به سلس أن لا يؤم غيره وقد ذهب الحنابلة إلى بطلان إمامة من به سلس إلا بمثله. فالأولى لمن به سلس أن يترك الإمامة لكن لو أم جاز مع الكراهة وهذا مذهب المالكية.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

خالد بن سعود البليهد.
5/10/1432

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية