صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم البطاقة الإئتمانية

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ هل يجوز لي الحصول على بطاقة ائتمانية من البنك ليست على الطريقة الاسلامية كما يقولون , وذلك لكون البنك يحصل على رسوم اعلى بالنسبة للاسلامية اكثر من العادية وهذا فيه ضرر علي ودفع مال ارى ان البنك لا يستحقه كما انني اكاد اجزم بان القول بان تلك البطاقات اسلامية هو قول على ورق فقط ولا يطبق ما يقولون من تعاملات اسلامية
كما ان لدي تساؤل آخر وهو ان البطاقة العادية تمنح فرصة للسداد فاذا لم تسدد يتم حساب الزيادة عليك فلماذا هذا يعد ربا ويحرم التعامل بها , حيث انني ارى انا ان ما يؤخد من فائدة هو ليس شرطا اساسيا عند الاقراض ولكنه غرامة اذا تاخرت في السداد اما لو سددت خلال نفس الفترة المعطاه لك وهي تقريبا حوالي الشهر من تاريخ سحب المبلغ لا يؤخذ عليك اي فائدة وبذلك نجد ان الفائدة لم تكن شرطا للاقراض ولكنها كانت بمثابة الغرامه نظرا للتاخر في السداد
اسف على الاطالة وجزاك الله كل خير.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. البطاقة الإئتمانية عبارة عن إعطاء البنك للعميل مستندا يشتمل على رصيد يمكنه من قبض المال ودفع الثمن يلتزم سداده بأقساط فحقيقة البطاقة الإئتمانية في التكييف الفقهي هي إقراض من البنك للعميل مبلغا معينا يحدد نسبته على حسب دخل العميل ونشاطه يحق للعميل سحب هذا المبلغ دفعة واحدة أو على فترات سواء عن طريق الصراف أو نقاط البيع. إذن هذه المعاملة عبارة عن قرض يتقاضاه العميل من البنك فيطبق عليه أحكام القرض الواردة في الشريعة. ومن ذلك أنه إذا اشترط في الوفاء والسداد زيادة مطلقة أو عند التأخير في السداد كان ذلك الشرط فاسدا يقضي بطلان هذه المعاملة لكونها من الربا المحرم وصورته هي عين صورة الربا في الجاهلية ربا النسيئة حيث كانت العرب في الجاهلية تقرض فإذا حل الأجل قالوا إما إن تقضي وإما أن تربي. كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَأْكُلُواْ الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إنما الربا في النسيئة). متفق عليه.

فهذه الزيادة التي يشترطها البنك على العميل حين التأخر هي زيادة ربوية صريحة بالنص والإجماع وإن سميت بغير اسمها بكونها غرامة أو شرطا جزائيا أو تعويض خسائر أو رسوم أو غير ذلك لأن العبرة بحقائق الأشياء لا بالأسماء. ولا يجوز للعميل أن يتعاقد هذا العقد مع البنك بحجة أنه سيلتزم بالسداد في وقته ولن يدفع لهم هذه الزيادة لأنه لا يحل للمسلم المعاقدة على شرط فاسد ولأن هذا العقد باطل من أصله لكونه ربا والنهي يقتضي الفساد ولأنه قد يعرض له مانع يمنعه من السداد فيضطر لدفع الربا.

أما ما يأخذه البنك من العميل رسوما لإصدار البطاقة وتجديدها وعند السحب النقدي من أجل أتعابه وتكاليفه الإدارية فهذا جائز ولا شيء فيه لأنه مقابل منفعة ظاهرة من تيسير الخدمات الشرائية والنقدية وغيرها بهذه البطاقة ولكن يشترط أن تكون هذه العمولة معقولة مناسبة لهذه الخدمة ليس مبالغا فيها وأن تكون ثابتة ليست محددة بنسبة مرتبطة بالمبلغ المسحوب تزداد بزيادته فإن زادت عن القيمة الفعلية زيادة ظاهرة لا يختلف فيها أو كانت مربوطة نسبتها بقدر المبلغ المسحوب كانت في حكم الربا والمرجع في تعيين ذلك إلى أهل الإختصاص من الاقتصاديين.

والحاصل أن حكم هذه البطاقة على حسب أنواعها ثلاثة:

1- البطاقة الإئتمانية الربوية بأن يشترط البنك زيادة حين التأخر عن السداد أو يأخذ على العميل فوائد مقابل إعطائه البطاقة كما هو الغالب في البنوك كالفيزا والماستر كارد والإكسبرس وغيرها فهذه يحرم التعامل بها ولا يجوز للمسلم الحصول عليها والانتفاع بها بوجه من الوجوه ويجب على من كانت عنده أن يتخلص منها.
2- البطاقة الإئتمانية (التي تسمى الإسلامية) بأن يشترط البنك زيادة حين التأخر في السداد تصرف في المجالات الخيرية فهذه وإن اجتهد فيها بعض المفتين ورخصوا فيها إلا أنها حين التأمل يظهر أنها محرمة في حكم النوع الأول لأن هذه الزيادة في حكم الربا فكل زيادة زيدت في القرض كانت ربوية بغض النظر عن مصرفها وهذه الزيادة حقيقتها أنها تنتقل إلى ذمة البنك ثم يصرفها إلى المجالات الخيرية فهي تعود بالنفع للبنك وتحقق له مصالح اعتبارية وتسجل في تقييمه في دعمه المناشط الاجتماعية والخيرية ولو اعتبرنا أن هذه الزيادة تنتقل مباشرة من ذمة العميل إلى المجالات الخيرية كان هذا من أكل أموال الناس بالباطل لأنها انتزعت من ماله قهرا والتبرع بالخير يشترط أن يكون عن طيب نفس على سبيل التبرع محتسب فيه الأجر وليست هذه الزيادة التي يصرفها البنك في التطوع من المال الضال الذي لا يعرف صاحبه أو يتيقن حرمته فيكون من باب التخلص لأن صاحبه معروف فلا يصح قياس هذه الزيادة على المال الحرام. فالحاصل أن القول بإباحة ذلك اجتهاد وقياس في مقابل النص فهو فاسد الاعتبار وحقيقته أنه حيلة على الربا والشارع حرم الربا مطلقا في النقدين ولم يستثن صورة معينة فمن استثنى فعليه بالدليل . فعلى هذا يحرم التعامل بهذه البطاقة وإن سميت بالاسلامية ولا يجوز للمسلم أن ينتفع بها وعليه أن يتخلص منها.
3- البطاقة الإئتمانية الشرعية بأن يقرض البنك العميل رصيدا معينا ويسهل له الانتفاع بها ويأخذ على ذلك رسوما معقولة ولكن لا يشترط أبدا زيادة مالية عند التأخر عن السداد ولا يأخذ منه فوائد مقابل تيسير القرض له وهي نادرة اليوم في البنوك فهذه يجوز الحصول عليها والتعامل بها والانتفاع بها لأنها قرض صحيح خال من الربا والظلم والحاجة داعية إلى استعمالها في بعض الأحوال خاصة خارج البلاد.

والواجب على المسلم التورع الشديد من التعامل بالربا في جميع صوره والأخذ بالحيطة في مكاسبه وترك ما اشتبه عليه من المعاملات والاستيثاق في دينه فإن كثيرا من البنوك والمراكز المالية اليوم لا تتحرى الحلال ولا تتوخى الحكم الشرعي في معاملاتها إنما هدفها الحصول على الأرباح بأي طريقة كانت ولو بالتحايل على الشرع واتباع الأقوال الشاذة والرخص الفاسدة والله المستعان.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:16/10/1429


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية