صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم القرض الربوي لغرض امتلاك منزل

خالد بن سعود البليهد

 
السؤال :

السلام عليكم
لدي سؤال مهم ارجو الاجابة عليه لاني لمدة اشهر ابحث عمن يجيبني
شيخي الكريم
اني لاجئ 000 متزوج ولدي ثلاثة ابناء حصلت على الاقامة بعد وصولي للسويد بسنة واحدة وبعد مدة 4 اشهر استطعت من لم شمل عائلتي ,
تقوم البلدية في السويد بتوفير السكن ودفع ايجاره وكذلك من دفع مساعدة مالية لكل فرد تكفي للاكل والشرب ولايقومون بتجهيز هذه الشقة بطريقة مباشرة وانما عن طريق قرض مالي من اجل التجهيز وسد الاحتياجات الاخرئ الشخصية من اجل بدء العيش كان القرض في البداية على شكل منحة مالية غير قابلة للسداد ولكن بعد فترة وكثرة المهاجرين تم تغيره الى قرض مالي يترتب على المقيم تسديده اذا استطاع العمل قبل مرور 15 سنة على القرض وبخلافه يسقط عنه السداد .
سؤالي هو : هل استطيع اخذ هذا القرض مع الحاجة الماسة اليه من اجل التاثيث وسداد الديون المترتبة علي من جراء السفر الى السويد والانتظار فيها لمدة سنة قبل الاقامة وعائلتي في العراق مع العلم انه بوضعي الحالي لا استطيع سداد هذه الديون وفرصة العمل لي قد تكون مستحيلة اذ يترتب علي تعلم اللغة واتقانها ثم االبحث عن عمل في ظل قلة فرص العمل والبطالة الموجودة والازمة الاقتصادية
توضيح : لقد سمعت الشيخ العريفي في التلفزيون نقل فتوى عن اللجنة الدائمة للافتاء في اوربا بانهم اجازوا اخذ القرض الربوي من اجل شراء سكن في دول اوربا لان هذا هوة النظام الوحيد الموجود والمعمول به هنا وحاولت الاتصال بهم ولم استطع هل يجوز لي اخذ هذا القرض مع العلم انة نيتي عدم العمل قبل 15 سنة وعليه فيحق لي عدم دفع هذا القرض لكن قد تكون فرصة بعد عدة سنوات من ان اتعلم اللغة وتقوم البلدية بتوفير عمل لي فيترتب علي تسديده عند اذ فهل اثم وهل يجوز أخذ القرض
افتوني جزاكم الله خيراِ.


الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله. لا يجوز للمسلم أخذ قرض ربوي من بنك أو شخص في جميع الأحوال سواء كان الغرض من ذلك الانتفاع بعين المال أو الحصول على خدمات أو امتلاك منزل أو غير ذلك من الأغراض لأن ذلك يدخل في ربا الجاهلية الذي حرمه الشرع ويتحقق فيه علة ربا النسيئة وربا الفضل وقد نهى الشرع عنه. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ). وفي صحيح البخاري لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. فعموم نصوص الكتاب والسنة يدل على تحريم الربا في جميع صوره وأحواله ومن استثنى شيئا فعليه بالدليل ولم يرد دليل يستثني حله لهذا الغرض.

ولا شك أن تملك المنزل ليس من باب الضرورة التي يترتب على زوالها هلاك الانسان أو فقد شيء من بدنه بل يعد ذلك من كمال الحاجة لأنه يمكنه أن يسكن طيلة حياته عن طريق الاستئجار مع عدم المشقة الظاهرة كما هو معلوم وكثير من الناس متوسطي الدخل يقيمون في مساكن مستأجرة على أطيب حال. والمحرمات لا يرخص بها إلا حال الضرورة القصوى كأن يشرف الانسان على الهلاك لعدم القوت أو المأوى ولا يجد طريقا حلالا لدفع هذه الضرورة فحينئذ يرخص له على قدر ضرورته وهذه صورة نادرة الوقوع لا تنطبق على حال السائل ومن مثله ممن يقيم في أوروبا. ولو استباح المسلم الربا لأجل تملك السكن لأدى ذلك إلى إبطال حكم الربا في كثير من الحوائج الأصلية كالدواء والخادم واللباس ووسيلة النقل وغيرها من الأمور التي لا تقل أهمية عن تملك البيت إن لم يكن بعضها أهم منه.

والمتأمل في النصوص يجد أن حكم الربا عام في سائر الأماكن سواء كان في بلد الإسلام أو بلد الحرب فالنصوص عامة ولم يرد في الشرع ما يدل على التفريق بين بلد الإسلام وبلد الحرب في تحريم الربا وغيره من المحرمات وما روي في ذلك من مرسل مكحول فضعيف منكر أعله الشافعي وجماعة ولا يصح العمل به. وعامة الفقهاء على عدم التفريق والقول بتحريم الربا في بلد الحرب ومن خالف في ذلك فقوله مبني على الاجتهاد المرجوح لعدم ثبوت الفرق في النصوص والآثار الصحيحة ولم ينقل عن الصحابة مع كثرة غزواتهم تعاقدهم مع الحربيين عقد الربا وغيره من المعاملات الفاسدة. ومع ذلك فإن قول الحنفية رحمهم الله على ما فيه من الاعتراض والضعف لا ينطبق اليوم على واقع الدول الأوربية لأنها ليست دار للحرب لما بيننا وبينهم من العهود والمواثيق فلا يثبت فيهم وصف الكافر الحربي فلا تستباح أموالهم ودمائهم والحنفية رخصوا في صورة واحدة فقط وهي أخذ المسلم الربا من الكافر الحربي فلا يصح الاستدلال بقولهم والتخريج عليه.

وكون هذا النظام هو المعمول به في بلاد أوروبا لا يسوغ إباحته والقول برخصته لأن حكم الحاكم لا يغير شيئا من حكم الله ولا يحل الحرام ولأن المحرمات لا تستباح بأنظمة البشر ما دام أنه يمكن للمسلم أن يتجنب الوقوع في المحرمات وتحري الحلال في المعاملات والواقع يشهد أنه يمكن للإنسان في أوروبا أن يتملك منزلا عن طريق التكسب والادخار والتجارة وحتى على فرض لم يمكنه التملك وعجزه فلا يسوغ له الوقوع في الربا.

فعلى هذا لا يجوز لك أخي المبارك أن تقترض قرضا ربويا ويجب عليك أن تتوقى الوقوع في هذا الذنب العظيم الذي شدد فيه الشرع وعظم عقوبته وجعله من الموبقات وينبغي عليك تجنب الرخص في الفتاوى واتقاء الشبهات والقول بإباحته والرخصة فيه زلة ظاهرة مخالفة للنصوص وقاعدة الشارع في التشديد في الربا والوعيد فيه والذين رخصوا فيه بنوا قولهم على آثار ضعيفة وأقيسة واهية ونصوص مبهمة فلا ينبغي العمل بها واتباعها ومن اتقى الله جعل له مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
20/8/1430


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية