صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح عمدة الأحكام (31)

خالد بن سعود البليهد

 
عن ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: (وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء الجنابة فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثا ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه الماء ثم غسل سائر جسده ثم تنحى فغسل رجليه فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض الماء بيديه).

هذا الحديث في بيان صفة أخرى لغسل النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه مسائل:

الأولى: نص الحديث على بعض السنن التي لم ترد في الأحاديث الأخرى. ومن ذلك استحباب تنظيف اليدين من الأذى الذي يصيبها من غسل الفرج كما طهر النبي صلى الله عليه وسلم يديه الشريفتين بالتراب ويجزئ عن ذلك استعمال كل منظف كالصابون ونحوه. وهذا من باب إزالة القذر وليس بلازم.

الثانية:
دل الحديث على أن غسل الفرج داخل في صفة الغسل لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الغسل سنة ليس بواجب لأنه على سبيل إزالة القذر إلا أن يخرج منه ما يوجب الغسل من بول ومذي. فعلى هذا إذا عمم المغتسل الماء على بدنه ولم يدلك فرجه صح ذلك منه ولم يلزمه غسل فرجه.

الثالثة:
في هذا الحديث أخر النبي صلى الله عليه وسلم غسل رجليه إلى آخر الغسل مع أنه كان حقهما الغسل أثناء الوضوء وفي حديث عائشة السابق قدم غسلهما أثناء الوضوء واختلف الفقهاء في توجيه ذلك فمنهم من أخذ بحديث ميمونة ومنهم من قدم العمل بحديث عائشة وهما روايتان عن أحمد والذي يظهر والعلم عند الله أن تأخير غسل القدمين ليس سنة مطلقا بل يفعل عند الحاجة لذلك فإذا كان للماء مجرى كبالوعة وغيرها قدم الغسل وإن لم يكن للماء مجرى وكان يستقر ويجتمع في مكانه أخر غسل القدمين ثم تنحى لموضع آخر وغسلها خشية تقذرها من الماء المجتمع.

الرابعة:
اشترط مالك الدلك في صحة الغسل لأن حقيقة الغسل دلك البدن بالماء كما يفهم من الأدلة فمن ترك الدلك لم يصح غسله والصحيح أنه لا يشترط للمغتسل دلك بدنه لأن من وصف غسل الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر الدلك واقتصر على إفاضة الماء وأرشد صلى الله عليه وسلم زوجه بإفاضة الماء ولم يأمرها بالدلك بقوله: (لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين) . رواه مسلم . ولأن الغسل الوارد في النصوص المراد به تعميم الماء وصبه على البدن أما الدلك فهو أمر زائد على الصب وهذا مذهب الجمهور وعلى هذا إذا اقتصر على صب الماء دون تدليك صح غسله وأجزأه ذلك.

الخامسة:
استحب فقهاء الحنابلة التثليث في غسل البدن قياسا على سنة الوضوء والصحيح أنه يستحب الاغتسال مرة واحدة ولا يشرع الزيادة على ذلك وإن كان مباحا لأنه لم يرد في السنة ذلك بل الأدلة صريحة في اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم على الغسل مرة واحدة وهذا القول رواية عن أحمد واختاره ابن تيمية.

السادسة:
في رد النبي صلى الله عليه وسلم الخرقة التي جاءت بها ميمونة رضي الله عنها ونفض يديه من الماء دليل على التوسعة في ذلك وقد اختلف الفقهاء في حكم تنشيف أعضاء الوضوء فاستحب التنشيف بعضهم واستحب آخرون ترك التنشيف والصحيح أنه ليس في ذلك سنة وإنما هو من باب العادات المباحة فإن شاء نشف وإن شاء ترك ذلك وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محتمل في الدلالة والتنشيف لا ينافي الفضل الوارد في نزول قطرات الماء من الأعضاء.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
29/1/1430

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية