صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح عمدة الأحكام (19)

خالد بن سعود البليهد

 
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فأخذت السواك فقضمته وطيبته ثم دفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستن به فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استنانا أحسن منه فما عدى أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه ثم قال: في الرفيق الأعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول: مات بين حاقتني وذاقنتي). وفي لفظ: (فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك فقلت آخذه لك فأشار برأسه أن نعم). هذا لفظ البخاري ولمسلم نحوه.

موضوع الحديث حكم استعمال سواك الغير. وفيه مسائل:


الأولى: دل الحديث على استحباب إصلاح السواك وتنظيفه وإزالة الجزء التالف منه عند إرادة استخدامه ويتأكد ذلك عند استعمال سواك الغير فينبغي لمن أراد استخدام شيئا من أدوات الغير أن ينظفها ويغسلها قبل استخدامها لئلا تتقذر نفسه أو تصاب بضرر.

الثانية: الحديث أصل في اعتبار الإشارة المفهومة والعمل بها وذلك أن عائشة فهمت إشارة النبي صلى الله عليه وسلم برأسه وعملت بها وهذا المعنى له شواهد في الشريعة فيعمل بإشارة الأخرس في الإقرار والعقود والفسوخ وغيرها إذا كانت مفهومة الدلالة لا اشتباه فيها.

الثالثة:
الحديث يدل على جواز استخدام سواك الغير وعدم الحرج في ذلك وهذا محمول على التسامح فإذا غلب على الظن رضى الغير باستعمال ماله جاز ذلك. وكذلك أيضا ما جرى العرف التسامح فيه من الأشياء اليسيرة كما يقع غالبا بين الرجل وصديقه والقريب وقريبه والزوج وزوجه. والأصل عدم إباحة مال الغير إلا بإذن منه وهذا مستثنى من الأصل.

الرابعة:
وفيه حسن عشرة عائشة رضي الله عنها لزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وفطنتها وذكائها في التماس رغبات زوجها والقيام بحوائجه على أكمل وجه لا سيما وقت ضعفه ومرضه. فينبغي للمرأة المسلمة أن تتقرب إلى الله بخدمة زوجها وتحتسب الأجر من الله وتبالغ في رعايته والقيام بمصالحه ولا تتبرم من ذلك فإن طاعته طريق إلى الجنة ولم يرد تشديد على المرأة في شيء بعد عبادة الله مثل طاعة الزوج.

الخامسة:
وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار الله والدار الآخرة وأشار بقوله: (بل الرفيق الأعلى) إلى قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا). فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم آثر الآخرة على الدنيا وهو أكرم الخلق وأعلاهم منزلة عند ربه فكيف بمن هو دونه بكثير فينبغي للمسلم أن يزهد في الدنيا الفانية ويعيش هم الآخرة ويجعل نصب عينيه رضا الله ودار الكرامة ولا يكون غافلا لاهيا راكنا إلى زخرف الدنيا كحال الكفار عبدة الشهوات.

السادسة:
وفي الحديث بيان لفضيلة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حيث اختار الله موت نبيه صلى الله عليه وسلم وهو على صدرها وقد كان يحبها حبا كثيرا ويؤثرها على سائر أزواجه رضي الله عنهن ولما علم أزواجه بذلك أذن له أن يمرض في بيت عائشة وأحواله معها كثيرة تدل على حبه واحترامه وتقديره لها وفي هذا رد صريح على الرافضة قبحهم الله الذين يطعنون في عائشة ويتهمونها بالكفر والنفاق وهذا يستلزم الطعن والتسفيه بمقام الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اختارها زوجة له وآثرها فما أحمق عقولهم وما أفسد دينهم حرمهم الله مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة والشرب من حوضه كما آذوه في بيت أهله وأزواجه.


خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
binbulihed@gmail.com
الرياض:6/8/1429

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
خالد البليهد
  • النصيحة
  • فقه المنهج
  • شرح السنة
  • عمدة الأحكام
  • فقه العبادات
  • تزكية النفس
  • فقه الأسرة
  • كشف الشبهات
  • بوح الخاطر
  • شروح الكتب العلمية
  • الفتاوى
  • كتب
  • الصفحة الرئيسية