صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ورحلت يا عمر

عبدالله بن محمد بادابود

 
لقاء واحد فقط ، كان كفيل بأن يكون عمر ضمن قائمة الأصدقاء بل من خاصة الأصدقاء .
لم يكن أسلوبي في الحوار والخطاب وتطبيقي لمهارات الإتصال وفن التعامل مع الناس هو السبب بقدر ما كان أسلوبه الرائع ودماثة خلقه فقد كان إنسان رائع بكل ما تعنيه هذه الكلمة، يمتاز بخفة دم وحب للفكاهة .
بالإضافة إلى الجد في أداء ما هو مطلوب منه والوفاء بالوعود والتضحية ، فقد كان مثال للتضحية من أجل أحبابه وأصدقائه.
كان يتضايق حين يرى حزن صديق أو يشعر بهم حبيب ويتألم إذا علم بمرض أحد الأصدقاء .
كان نعم الصديق ونعم الأخ في زمان يصعب فيه أن نجد من هم على خلقه وسلوكه ، جميل في كل شيء في كلامه، في أعماله، في أخلاقه ، حتى عندما يغضب فهو جميل هين لين .

إذا غاب عن مجلسنا أظلم المجلس لذا كنا حريصين على وجوده بيننا دائمًا .
جلسنا كثيراً وسهرنا كثيراً وتعبنا في هذه الحياة كثيراً .

الشيء الوحيد الذي لم نكن نجتمع فيه هو الدراسة فقد كنا في مراحل مختلفة.
لم يكتب له النجاح في أول سنة في الثانوية فجاء ذلك اليوم حزيناً وقال مراراً : أخبرت والدي بعدم رغبتي
في دراسة الثانوية العامة فأنا أريد الثانوية الصناعية ولكنه يرفض ذلك لذا لن أكمل
دراستي .!!
في تلك اللحظة انتابنا الحزن والألم لسببين ، السبب الأول : أن عمر لم يوفق في الدراسة ، والثاني : أنه سيترك الدراسة أو سيغادر ليكملها في جدة .
وكنا نقترب من لحظة الفراق المؤقت الذي يؤلمنا ويحزننا .
تيسرت الأمور ورأينا عمر يعود ضاحكاً وفرحاً فقد أتم عملية التسجيل في الصناعية بمباركة والده
وجاء ليبشرنا وفي تلك اللحظات قال : لا تحزنوا فأنا معكم بقلبي وتفكيري ولن أنساكم ما حييت .

كنا نلتقي من فترة و أخرى , لن أنسى ذلك اليوم حين التقيته في المسجد وكنت مستعجل لقضاء أمر ضروري لدي وكان يلح علي للبقاء معه وفي نظراته حزن ونظرات تنبئ بالوداع كان ذلك يوم الجمعة .

وعصر الأحد جاء الخبر :

استأذن عمر من المدرسة وكان مريض جداً وركب سيارته و ذهب لبيت خاله ولم يكن معه مفتاح المنزل طرق الباب ولكن لم يجبه أحد لعدم وجود البعض ونوم البعض ، كتب ورقة صغيره حضرت ولم أجدكم سأذهب لمكة الآن .
وفي طريق مكة جدة السريع .
كان على موعد مع ملك الموت في حادث مؤلم انقلبت به السيارة ولم ينجو .

لم نصدق الخبر.....! ولكن الموت باب وكل الناس داخله .
أما الآن فلن نراك أبداً.

طَوَى الجَزِيرَةَ حتى جاءَني خَبَرٌ *** فَزِعْتُ فيهِ بآمالي إلى الكَذِبِ
حتى إذا لم يَدَعْ لي صِدْقُهُ أمَلاً *** شَرِقْتُ بالدّمعِ حتى كادَ يشرَقُ بي
غبت عنا يا عمر ومازلنا نشعر بوجودك ونسمع صدى كلماتك ! .
الزمان : يوم الأحد :3 /6/1415هـــ
رحمك الله يا عمر بن سالم المحضار رحمة واسعة .

هــدى : ~
قال تعالى : { كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون } العنكبوت آيه 57

نور من السُنـّة :~
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أكثروا من ذكر هادم اللذات ) رواه الخمسة بإسناد صحيح .

همسة :
قد ننسى الموت أو نتناساه ومع هذا الموت لا ينسانا.

ما نزرعه في سنين ، يحصده الموت في لحظة.

ومضة : سيظل الموت يطرق الأبواب .

بقلم : عبدالله بن محمد بادابود
A.Badabood@gmail.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله بادابود
  • مقالات
  • كتب
  • دورات
  • الصفحة الرئيسية