صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







ورحلت جدتي !

عبدالله بن محمد بادابود

 
ترددت قبل الكتابة وحاولت أن أبتعد عن الورقة والقلم .

لكنني عجزت وخارت قواي أمام سحر القلم وإغراء الورق .

رغم الحزن ورغم الألم .

رغم الفراق وما نلاقيه في هذه الدنيا من مشاق .

دار ابتلاء وامتحان فكم غيبت عنا من الأخوان .

الفراق كلمة سهلة الكتابة صعبة المعنى .

كُتب الفراق علينا في هذه الدار .

دار فناء لا يدوم فيها شيء .

الوصال يتبعه انقطاع .

الحياة يتبعها موت .

متضادات كثيرة فهي دار التضاد .

يوم الأربعاء الموافق : 5\12\1429 هــ

يوم من أحب الأيام إلى الله من عشر ذي الحجة .

عند اجتماعنا على مائدة العشاء رن جهاز الوالدة النقال .

وبدأت تتحدث مع خالي في الطرف الآخر .

فجأة تقاسيم الوجه تغيرت ونبرات الصوت اضطربت وقالت بصوت عالي : متى ؟؟

فعرفنا أن هناك حالة حرجة وأمر خطير .

قالت : سنحضر في الحال بإذن الكريم المتعال !

وأغلقت السماعة وقالت : جدتكم ماتت قبل نصف ساعة .

سنذهب إلى المنطقة الشرقية الآن وبالتحديد مدينة الظهران .

وجهزنا الأغراض والملابس وعقدنا العزم على السفر في تمام الواحدة صباحاً .

اتجهنا لمدينة الطائف .

لم أكن مستعداً للسفر وقد أعياني وأخي السهر .

في الطريق كنا نسمع شريط الذكريات للوالدة حفظها الله تحكيها لخالتها .

وكان آخر اتصال من الجدة للوالدة قبل يومين كانت تدعو الجدة رحمها الله بالدعوات الطيبة للوالدة ولنا .

قبل الدمام بحوالي 80 كيلو متر ، كان أخي يقود السيارة وكنت بجانبه وفجأة أحسست بانحراف في السيارة للجهة اليمنى ثم تدارك أخي الوضع وذلك بفضل الله ولولا فضل الله لكنا تحت عجلات الشاحنة فالحمد لله حمداً حمداً والشكر له شكراً شكراً .

لن أستطيع أن أسرد كل شيء فتوقفت عند لحظات الوداع الأخيرة .

في ثلاجة المستشفى كثرت الدموع والزفرات ثم حملناها بالإسعاف إلى مغسلة الجامع الكبير في الثقبة بمدينة الخبر .

شاركت الوالدة حفظها الله في الغسيل وكانت أخر النظرات والكثير من الحسرات .

تضاربت مشاعر الحزن لفراقها ومشاعر أخرى لنضرة الوجه , وابتسامة جميلة بدت واضحة .

صلينا الجمعة ثم الصلاة على المرأة والطفل آه ما أقصر الدنيا .

لن أطيل في الكلام ولكن سؤال تبادر إلى ذهني ؟

متى سيكون موعدنا مع القبر ؟ !

أحبتي .. تاهت العبارات وتشتت الكلمات وسطرتها بالقلم ويكسوني الكثير من الألم

(( سنرحل يوماً .. حتماً سنرحل))

هـــدى :~

قال تعالى : { أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة }

نور من السنة :~

قال صلى الله عليه وسلم : [ أكثروا من ذكر هادم اللذات ] رواه الترمذي .

وقفة :

كتبت هذا المقال وفاءاً لجدتي الغالية لتكسب الدعوات الطيبة من الإخوان والأخوات الفضلاء والفاضلات رحمها الله رحمة واسعة

همسة :

" الدنيا إقبال وإدبار وعلو وانخفاض وسيد يصير مسوداً ومسوداً يصبح سيداً .. "
الشيخ علي الطنطاوي - رحمة الله - .


بقلم : عبدالله بن محمد بادابود
A.Badabood@gmail.com

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالله بادابود
  • مقالات
  • كتب
  • دورات
  • الصفحة الرئيسية