اطبع هذه الصفحة

http://saaid.net/Doat/assuhaim/omdah/184.htm?print_it=1

شرح أحاديث عمدة الأحكام
شرح الحديث الـ 197 في من مات وعليه صيام

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
شرح الحديث الـ 197
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليّه .
وأخرجه أبو داود ، وقال : هذا في النذر خاصة ، وهو قول أحمد بن حنبل رحمه الله .

في الحديث مسائل :

1 = المصنف رحمه الله ليس من عادته سياق الأقوال ولا الإشارة إلى الخلاف ، وإنما أشار إليه ، لوجود الخلاف وقوّته .

2 = قوله عليه الصلاة والسلام " مَنْ مات وعليه صيام " نكرة في سياق الشرط فتعُمّ .
وهذا منشأ الخلاف وسببه .
في حين أن العبادات البدنية المحضة لا تدخلها النيابة .
قال ابن عبد البر رحمه الله : أما الصلاة فإجماع من العلماء أنه لا يُصلِّي أحد عن أحد فرضا عليه من الصلاة ، ولا سنة ، ولا تطوعا لا عن حي ولا عن ميت ، وكذلك الصيام عن الحي لا يجزئ صوم أحد في حياته عن أحد ، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه .
وأما من مات وعليه صيام فهذا موضع اختلف فيه العلماء قديما وحديثا . اهـ . ثم ذكر الخلاف .

وقال ابن قدامة في المغني : من مات وعليه صيام من رمضان لم يَخْلُ من حالين :
أحدهما : أن يموت قبل إمكان الصيام ، إما لضيق الوقت ، أو لعذر من مرض أو سفر ، أو عجز عن الصوم ؛ فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم . وحُكي عن طاوس وقتادة أنهما قالا : يجب الإطعام عنه ؛ لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهِمّ إذا ترك الصيام لعجزه عنه .
ولنا إنه حق لله تعالى وجب بالشرع مات من يجب عليه قبل إمكان فعله ، فسقط إلى غير بدل كالحج
الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء ، فالواجب أن يُطعم عنه لكل يوم مسكين ، وهذا قول أكثر أهل العلم . رُوي ذلك عن عائشة وابن عباس ، وبه قال مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي والخزرجي وابن علية وأبو عبيد في الصحيح عنهم . اهـ .

وبهذا أفتى غير واحد من الصحابة :
قال عمر بن الخطاب : إذا مات الرجل وعليه صيام رمضان آخر أُطعم عنه عن كل يوم نصف صاع من بُـرّ . رواه عبد الرزاق .
وابن عباس رضي الله عنهما رُوي عنه أنه أفتى في قضاء رمضان ، فقال : يُطعم . وفي النذر : يُصام عنه . رواه عبد الرزاق .

وقال ابن عبد البر في الاستذكار : لولا الأثر المذكور لكان الأصل القياس على الأصل المجتمع عليه في الصلاة ، وهو عمل بدن لا يصوم أحد عن أحد ، كما لا يُصلي أحد عن أحد . اهـ .

يعني الأصل أن لا يُصام عنه لا في النذر ولا في غيره ، ولكن لورود الحديث عُدِل عن الأصل .

3 = ما المقصود بالوليّ هنا ؟
هو القريب عموماً .
ويجوز أن يصوم عنه غير القريب ؛ لأن الولي هنا خرج مخرج الغالب ، أو لأنه الأوْلى .
قال ابن قدامة : ولا يختص ذلك بالولي ، بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ ؛ لأنه تبرع فأشبه قضاء الدين عنه . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وشبّه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالدَّين يكون على الميت ، والدَّين يصحّ قضاؤه من كل أحد ، فدل على أنه يجوز أن يفعل ذلك من كل أحد لا يختص ذلك بالولد . اهـ .

وسيأتي مزيد بيان وبسط في شرح الأحاديث التالية .

 

عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية