صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث 145 في كون صلاة العيد قبل الخطبة

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

 
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ .

فيه مسائل :

1= فيهِ : دليل على أنهم كانوا يخطبون للعيدين ، وأنهم كانوا يخطبون بعد الصَّلاة . قاله ابن رجب .

2= هذا اللفظ ليس فيه ما يدلّ على وُجوب ذلك ، إلاّ بِقَرَائن أُخَر ؛ لأنه حِكاية فِعْل .
وقد دلّت القرائن على وُجوب تقديم الصلاة على الخُطبة ، ومن القرائن :
قوله عليه الصلاة والسلام : صَلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي . رواه البخاري .
وإنكار أبي سعيد على من خالف ذلك ، واعتباره مُخالفة النبي صلى الله عليه وسلم مُنكرًا .
ففي صحيح البخاري من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ ، فَقُلْتُ لَهُ : غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ ! فَقَالَ : أَبَا سَعِيدٍ قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلَمُ ! فَقُلْتُ : مَا أَعْلَمُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لا أَعْلَمُ ، فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلاةِ ، فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلاةِ .

وفي صحيح مسلم من طريق طارق بن شهاب قال : أوّل مَن بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مَروان ، فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة ، فقال : قد تُرك ما هنا لك ، فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فَبِقَلْبِه ، وذلك أضعف الإيمان .
وعند ابن حبان : فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة ، ومَدّ بها صوته .
وفي رواية لأحمد : أخرج مروان المنبر في يوم عيد ولم يكن يُخرج به ، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يُبدأ بها قال : فقام رجل فقال : يا مروان خالفت السُّـنَّة ؛ أخْرَجْت المنبر يوم عيد ولم يكن يُخرج به في يوم عيد، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها . فقال أبو سعيد الخدري : من هذا ؟ قالوا : فلان بن فلان. فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه . قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .

وهذا الرجل الذي أنكر على مروان صحابيّ ، فإما أن يكون أبا مسعود البدري رضي الله عنه ، وإما أن يكون عُمَارَة بن رُؤيْبَة رضي الله عنه .

قال ابن عبد البر عن تقديم الصلاة على الخطبة : فهذا هو الصحيح الثابت عن النبي وعن الخلفاء الراشدين المهديين بعده ، أنهم كانوا يصلون قبل الخطبة في العيدين ، بلا أذان ولا إقامة .
وعلى هذا فتوى جماعة الفقهاء بالحجاز والعراق ، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي والحسن بن حَيّ وعبيد الله بن الحسن وعثمان البتي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيدة وداود والطبري ؛ كلهم لا يَرون في صلاة العيدين أذَانًا ولا إقامة ، ويُصَلُّون قبل الخطبة . اهـ .

وقال ابن قُدامة في أحكام العيدين : وَجُمْلَتُهُ أَنَّ خُطْبَتَيْ الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الصَّلاةِ ، لا نَعْلَمُ فِيهِ خِلافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، إلاَّ عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا فَعَلاهُ ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا ، وَلا يُعْتَدُّ بِخِلافِ بَنِي أُمَيَّةَ ؛ لأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالإِجْمَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُمْ ، وَمُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّحِيحَةِ ، وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُمْ ، وَعُدَّ بِدْعَةً وَمُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ .
وقال : فَعَلَى هَذَا مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَخْطُبْ ؛ لأَنَّهُ خَطَبَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْخُطْبَةِ ، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاةِ . اهـ .
وفي الصحيحين مُراسلة ابنُ عباس ابنَ الزبير أوّل ما بُويِع له ، وقول ابن عباس لابن الزبير :إنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ ، فَلا تُؤَذِّنْ لَهَا . قَالَ : فَلَمْ يُؤَذِّنْ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَهُ . وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ : إِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلاةِ ، وَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يُفْعَلُ . قَالَ : فَصَلَّى ابْنُ الزُّبَيْرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ .
وفي هذه المراسلة ما يُشعِر بوقوع بعض ذلك ، ثم تُرِك ، واستقرّ العمل على تقديم الصلاة على الخطبة .
وقد صحح ابن عبد البر ما جاءت به الروايات من تقديم بعضهم للخطبة على الصلاة ، ومعلوم أن قول الصحابي وفِعْله إنما يُحتجّ به إذا لم يُعارِض النصّ ، ولم يُعارِض قول صحابي آخر ، فكيف إذا عارَض النصّ وعارَضه قول وفِعل أكابر الصحابة رضي الله عنهم ؟

قال النووي : فِيهِ دَلِيل لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاء كَافَّة أَنَّ خُطْبَة الْعِيد بَعْد الصَّلاة . قَالَ الْقَاضِي : هَذَا هُوَ الْمُتَّفَق عَلَيْهِ مِنْ مَذَاهِب عُلَمَاء الأَمْصَار وَأَئِمَّة الْفَتْوَى ، وَلا خِلاف بَيْن أَئِمَّتهمْ فِيهِ . اهـ .

3= صلاة العيد من شعائر أهل الإسلام ، واخْتُلِف في حُكمها بعد الاتفاق على مشروعيتها :
قال ابن قدامة : وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صَلاةِ الْعِيدَيْنِ .
وَصَلاةُ الْعِيدِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، إذَا قَامَ بِهَا مَنْ يَكْفِي سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهَا قَاتَلَهُمْ الإِمَامُ ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعْيَانِ ، وَلَيْسَتْ فَرْضًا ، لأَنَّهَا صَلاةٌ شُرِعَتْ لَهَا الْخُطْبَةُ ، فَكَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الأَعْيَانِ ، وَلَيْسَتْ فَرْضًا ، كَالْجُمُعَةِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى : قِيلَ : إنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ .
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلأَعْرَابِيِّ حِينَ ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَالَ : هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ ؟ قَالَ : لا إلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعَبْدِ " الْحَدِيثَ .
وَلأَنَّهَا صَلاةٌ ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَمْ يُشْرَعْ لَهَا أَذَانٌ ، فَلَمْ تَجِبْ ابْتِدَاءً بِالشَّرْعِ ، كَصَلاةِ الاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ . اهـ .
و رَجَّح شيخ الإسلام ابن تيمية أَنَّ صَلاةَ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعْيَانِ . وقال : وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لا تَجِبُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الإِسْلامِ ، وَالنَّاسُ يَجْتَمِعُونَ لَهَا أَعْظَمَ مِنْ الْجُمُعَةِ ، وَقَدْ شُرِعَ فِيهَا التَّكْبِيرُ .
وقال : وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ عَلَى الأَعْيَانِ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ . وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ تَطَوُّعٌ فَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ ، وَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ دَارُ إسْلامٍ يُتْرَكُ فِيهَا صَلاةُ الْعِيدِ ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الإِسْلام . اهـ .

ويُستثنى من ذلك الْحُكم الحجاجُ ، فإنهم لا يُخاطَبون بِصلاة العيد .
قال ابن تيمية : وَمِمَّا قَدْ يَغْلَطُ فِيهِ النَّاسُ : اعْتِقَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَلاةُ الْعِيدِ بِمِنَى يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى قَدْ يُصَلِّيهَا بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْفِقْهِ أَخْذًا فِيهَا بالعمومات اللَّفْظِيَّةِ أَوْ الْقِيَاسِيَّةِ . وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ السُّنَّةِ ظَاهِرَةٌ . فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ لَمْ يُصَلُّوا بِمُنَى عِيدًا قَطُّ . وَإِنَّمَا صَلاةُ الْعِيدِ بِمِنَى هِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ ، فَرَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لأَهْلِ الْمَوْسِمِ بِمَنْزِلَةِ صَلاةِ الْعِيدِ لِغَيْرِهِمْ ، وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ أَحْمَد أَنْ تَكُونَ صَلاةُ أَهْلِ الأَمْصَارِ وَقْتَ النَّحْرِ بِمِنَى . وَلِهَذَا خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الْجَمْرَةِ كَمَا كَانَ يَخْطُبُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ .
وقال أيضا : وَلِهَذَا صَارَتْ السُّنَّةُ أَنَّ أَهْلَ مِنًى يَرْمُونَ ثُمَّ يَذْبَحُونَ ، وَالرَّمْيُ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ صَلاةِ الْعِيدِ لِغَيْرِهِمْ ، وَلَيْسَ بِمِنًى صَلاةُ عِيدٍ وَلا جُمْعَةٌ ، لا بِهَا وَلا بِعَرَفَةَ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ بِهِمَا صَلاةَ عِيدٍ ، وَلا صَلَّى يَوْمَ عَرَفَةَ جُمْعَة . اهـ .

4= انتهاء مواسم الخيرات ناسَبَه إظهار الفَرَح .
قال ابن دقيق العيد عن " العيدين " : قِيلَ : إنَّهُمَا يَقَعَانِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ مِنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِمَا .
فَعِيدُ الْفِطْرِ : شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى إتْمَامِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ .
وَعِيدُ الأَضْحَى : شُكْرًا عَلَى الْعِبَادَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي الْعَشْرِ ، وَأَعْظَمُهَا : إقَامَةُ وَظِيفَةِ الْحَجِّ . اهـ .

ولا يعني هذا إظهار الفَرَح ومظاهر العيد بعد كل موسم خير !

5= اقتران اسم الشيخين ( أبي بكر وعمر ) باسم النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة وفي المحبة ، والشهادة بالرسالة .
ولا غرابة فقد أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالشيخين ، فقال : اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي ، وهو حديث صحيح .
وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه : إن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل قال : فأتيته فقلت : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : فقلت : من الرجال فقال أبوها . قلت : ثم من ؟ قال : عمر بن الخطاب ، فَعَدّ رجالا . رواه البخاري ومسلم .

ولَمَّا صعد النبي صلى الله عليه وسلم جبل أُحُد هو وأبو بكر وعمر وعثمان ، فَرَجَفَ بهم ، فقال : أُثبت أُحُد، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان . رواه البخاري .

واستشهد بهما النبي صلى الله عليه وسلم على صِدقه ، ففي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا ، فَقَالَتْ : إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا ! إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ ، فَقَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَتكَلَّمُ ! فَقَالَ : فَإِنِّي أُؤمِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، وَمَا هُمَا ثَمَّ . وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ ، فَطَلَبَه الراعي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ : هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي ! فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي ؟ فَقَالَ النَّاسُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ ! قَالَ : فَإِنِّي أُؤمِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، وَمَا هُمَا ثَمَّ . رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث أنس رضي الله عنه قَال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَال : وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ؟ قَال :حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، قَالَ : فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ . قَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الإِسْلامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ . قَالَ أَنَسٌ : فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ . رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَنْزِلُونَ الأَبْطَح . رواه مسلم .
وقال رضي الله عنه : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يَزِد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر فلم يَزِد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت عمر فلم يَزِد على ركعتين حتى قبضه الله ، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وقد قال الله : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) . رواه البخاري ومسلم . وسبق شرحه في باب قصر الصلاة في السفر .
وقول أنس رضي الله عنه : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بـ ( الحمد لله رب العالمين ) . رواه مسلم .

وقول ابن عباس رضي الله عنهما : شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر فبدؤوا بالصلاة قبل الخطبة . رواه البخاري ومسلم .

وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إني لَوَاقِف في قَومٍ فَدَعَوا الله لِعُمر بن الخطاب وقد وُضِع على سريره ، إذا رجل مِن خَلفي قد وَضع مِرفقه على منكبي يقول : رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك ، لأني كثيرا مما كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كنت وأبو بكر وعمر ، وفعلت وأبو بكر وعمر، وانطلقت وأبو بكر وعمر ، فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما . قال ابن عباس رضي الله عنهما : فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية في الصحيحين : قال ابن عباس رضي الله عنهما : وُضِع عُمر على سريره ، فتكنفه الناس يدعون ويُصَلّون قبل أن يُرْفَع ، وأنا فيهم ، فلم يَرُعني إلاّ رجل آخذ منكبي ، فإذا علي بن أبي طالب ، فَتَرَحّم على عُمر، وقال : ما خَلّفْتُ أحدًا أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك ، وحسبت إني كنت كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ، ودَخَلْتُ أنا وأبو بكر وعمر ، وخَرَجْتُ أنا وأبو بكر وعمر .

وغير ذلك من الأحاديث التي اقتَرَن فيها ذْكِر الشيخين مع اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي هذا أوضح دلالة على فضلهما ، وتقديم صُحبتهما .

والله تعالى أعلم .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عمدة الأحكام
  • كتاب الطهارة
  • كتاب الصلاة
  • كتاب الصيام
  • كتاب الحج
  • شرح العمدة
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • محاضرات
  • فتاوى
  • الصفحة الرئيسية