صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل نقول في الدعاء (يا رب) أو تُحذف " يا " النداء قبل الدعاء لأن الله قريب ؟

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض


هل صحيح أنه يوجد سرّ في حَذف " يا " النداء قبل الدعاء في القرآن ؟
والسر البلاغي في ذلك :
أن ( يا ) النداء تستعمل لنداء البعيد ، والله تعالى أقرب لِعَبْدِه مِن حَبْل الوَرِيد ، فكان مقتضى البلاغة حذفها .
لا تقف عندك ( إذا أحببت) فهناك مَن لا يعلم سِرّ حَذف حرف النداء ( يا ) قبل الدعاء .

فما صحة ذلك ؟
_____________________________________


الجواب :

هذا غير صحيح على إطلاقه ، فقد وَرَد في السُّنّة الدعاء بـ (يا رب) ، وبـ (يا الله)
ومنه ما وَرَد على ألْسِنة الملائكة ، ومِنه ما وَرَد على ألْسِنَة الأنبياء . فَمِنْه :
قول الخليل عليه السلام يوم القيامة : فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ... رواه البخاري .

وقول نَبِيّنا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة : فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي ... رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث الشفاعة : فَأَقُول : أُمَّتِي يَا رَبِّ ، أُمَّتِي يَا رَبِّ ، أُمَّتِي يَا رَبِّ .. رواه البخاري ومسلم .

وفي حديث أبي هريرة : ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ . رواه مسلم .

وهذا دال على جَواز الإلحاح على الله بقول : يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ .

ولَمّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ ، وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . فَقَال : قَدْ غُفِرَ لَهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ . ثَلاَثًا . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه الألباني والأرنؤوط .

وفي حديث أنس رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالِسًا وَرَجُل يُصلي ، ثم دعا : اللهم إني أسألك بِأنّ لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنان ، بَديع السموات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد دعا الله باسمه العظيم ، الذي إذا دُعِي به أجَاب ، وإذا سُئل به أعْطَى . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي ، وَصحّحه الألباني والأرنؤوط .

وكان السَّلَف يَدْعُون الله بِحرف النداء (يا)

قال سَهْم بن مِنْجاب : غَزَوْنا مع العلاء بن الحضرمي , فَسِرْنا حتى أتينا دَارِين ، والبحر بَيْنَنا وبينهم ، فقال : يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم إنّا عَبيدك , وفي سَبيلك نُقَاتل عَدوك , اللهم فاجْعَل لنا إليهم سبيلا . فَتَقَحّم بِنَا البَحر ، فخُضْنا ما يَبْلُغ لُبُودَنا الماء , فخَرَجنا إليهم . رواه عبد الله بن الإمام أحمد في " الزّهد " لأبيه ، ومِن طريقه : رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " ، رَوَاهُ ابنُ أبي الدنيا في "مجابو الدعوةِ " . وروى نحوه الطبراني مِن قول أبي هريرة رضي الله عنه .

وقال عمر بن عبد العزيز : اللهم إن لم أكُن أهلاً أن أبْلُغ رَحْمتك ، فإن رَحْمتك أهل أن تَبْلُغني ، رَحْمتك وَسِعَت كل شيء ، وأنا شيء ، فَلْتَسَعْنِي رَحْمتك يا أرحم الراحمين . رواه أبو نُعيم في " حلية الأولياء " .

ورَوى ابن بشكوال في كتاب " المستغيثين بالله " بِسَنَدِه إلى الليث بن سعد قال : حَجَجْتُ سنة ثلاث عشرة ومائة ، فأتيت مكة ، فلما أن صَلّيت العصر رَقيت أبا قُبيس ، فإذا أنا بِرَجُل جالس وهو يدعو ، فقال : يا رب يا رب حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رَبّاه حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رب حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا الله يا الله حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا حي يا حي حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا رحيم حتى انقطع نفسه ، ثم قال : يا ارحم الراحمين حتى انقطع نفسه .
وفي آخر القصة سأل الليثُ عن هذا الدَّاعِي ، فقيل له : جعفر بن محمد (الصادق) .
وذَكَره ابن الجوزي في " صِفة الصفوة " .

وقال البيهقي رحمه الله في " شُعب الإيمان " : الدّعاء قَول القائل : يا الله ، أو يا رحمن ، أو يا رحيم ، وما أشْبَه ذلك ، وهو أيضا نِداء . اهـ .

وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة :
لا يجوز دعاء صِفة مِن صِفات الله عز وجل ، مثل : يا وَجْه الله ، وإنما يُدْعَى الله سبحانه وتعالى ويُتَوسّل إليه بأسْمائه وصِفَاته ، بأن يُقال : يا رحمن ارحمني ، يا غفور اغفر لي . اهـ .
وقال شيخنا العثيمين رحمه الله : التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته لقوله (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) مثل أن يَقول الإنسان : اللهم يا رزّاق ارزقني ، ويا غفور اغفر لي ، ويا رحمن ارحمني . اهـ .

والله تعالى أعلم .

المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالرحمن السحيم
  • مـقـالات
  • بحوث علمية
  • إنه الله
  • محمد رسول
  • المقالات العَقَدِيَّـة
  • قضايا الأمّـة
  • مقالات تربوية
  • مقالات وعظية
  • تصحيح مفاهيم
  • قصص هادفة
  • موضوعات أُسريّـة
  • تراجم وسير
  • دروس علمية
  • محاضرات مُفرّغة
  • صفحة النساء
  • فتاوى شرعية
  • الصفحة الرئيسية