بسم الله الرحمن الرحيم

تعزية من مات له ميت عن طريق الشبكة ( الانترنت )
هل هي مِنْ النياحة أو مِنْ النعي ؟؟


أشارت إحدى الأخوات الفاضلات
في تعزية إحدى الأخوات الفاضلات
أن هذا من النعي المنهي عنه في اعتقادها

وعليه أقول :
ليس هذا من النعي المنهي عنه
لأن الأمور بمقاصدها
وهذه قاعدة مقررة شرعا

والنبي صلى الله عليه وسلم قد نـعـى لأصحابه النجاشي يوم مات كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، فخرج بهم إلى المصلى وكبر أربع تكبيرات .

قال الإمام النووي - رحمه الله - :
وفيه – أي في الحديث - استحباب الإعلام بالميت لا على صورة نعي الجاهلية بل مجرد إعلام الصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه في ذلك ، والذي جاء من النهي عن النعي ليس المراد به هذا وإنما المراد نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها .

وهذا الحديث بوّب عليه الإمام البخاري بـ " باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه "
قال ابن حجر - رحمه الله - في شرحه لهذا الباب :

النعي ليس ممنوعا كله ، وإنما نُهيَ عما كان أهل الجاهلية يصنعونه ، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق .
وقال ابن المرابط : مراده أن النعي الذي هو أعلام الناس بموت قريبهم مباح ، وأن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله لكن في تلك المفسدة مصالح جمة لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار ، وتنفيذ وصاياه وما يترتب على ذلك من الأحكام ....
قال ابن سيرين : لا أعلم بأسا أن يؤذن الرجل صديقه وحميمه .
ثم قال ابن حجر : وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يكره فإن زاد على ذلك فلا .
قال ابن العربي : يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات :
الأولى : أعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سنة .
الثانية : دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تكره .
الثالثة : الإعلام بنوع آخر ، كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم .

( أفاده الحافظ في الفتح )

وعند البخاري من حديث أنس قال : نــعــــى جعفرا وزيدا قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان
وفي صحيح مسلم عن زينب بنت أبي سلمة قالت : لما أتى أم حبيبة نــعــي أبي سفيان دَعَتْ في اليوم الثالث بصفرة فمسحت به ذراعيها وعارضيها وقالت : كنت عن هذا غنية . سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج ، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا .

فمثل هذا يُعلن عنه للمصلحة العامة
كما يقع في كثير من الأحيان أن يُقال : فلان مات ، وربما أُعلِن عن ذلك في الصحف ، دون مبالغة في الإعلان وتكاليفه التي ربما جُعلت من أموال الميت .
ويكون ذلك الإعلان بقصد حضور الصلاة علي الميت ودفنه وتعزية أهله
فإن هذه المقاصد مطلوبة

بخلاف ما إذا كان يُعلن عن موته على سبيل الجزع والتسخط والاجتماع للنياحة أو ذكر مآثره ومدحه بما ليس فيه ونحو ذلك ، من المقاصد الممنوعة شرعـا .
وعليه فإذا أُعلِن أن قريبا مات لأحد الأخوة أو لإحدى الأخوات فلا يكون من النياحة لأن المقصود تعزيته وتخفيف المصاب عليه وتسليته عن حزنه وتحصيل الأجر في تعزيته

والله سبحانه وتعالى أعلم .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
assuhaim@al-islam.com

الصفحة الرئيسة