بسم الله الرحمن الرحيم

تعرّف على المجرم الأثيم
أرسل الموضوع إلى صديق


لو سمعت كلمة ( مُجرم ) لتبادر على ذهنك :
شخصية قاتِل
أو مُروّج مُخدّرات
أو خرّيج سجون !

ولكن عندما يُقال عن شخص بأنه مُجرِم فإنه أعمّ من أن يكون في هذه الشخصيات
بل قد يكون في أعظم من هذه الأعمال ، وإن لم يكن في أعين الناس عظيماً

فالشِّرك جريمة ، ولكن من يدعو من دون الله من يدعو أو يتوسّل بالأموات أو يطوف بالقبور لا يُعدّ عند كثير من الناس مُجرماً ، بل قد يرونه رجلا صالحاً !

والفيصل في ذلك كلام ربنا تبارك وتعالى
إن لفظ الإجرام إذا ورد في كتاب الله ورد في شأن الكفار والمشركين والمكذبين
قال جل شأنه :
( وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )

وقال جل وعلا :
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ )

قال ابن كثير : يقول تعالى وكما جعلنا في قريتك يامحمد أكابر من المجرمين ورؤساء ودعاة إلى الكفر والصدّ عن سبيل الله وإلى مخالفتك وعداوتك ، كذلك كانت الرسل من قبلك يُبتلون بذلك ثم تكون لهم العاقبة .

وقال جل جلاله :
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ )

وقال تبارك وتعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ )

وقال هود لقومه :
( اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ )

فتولّوا : ( فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ )

وقال سبحانه وتعالى عن قوم لوط الذين كذبوا رسولهم :

( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ )

أي انظر يامحمد كيف كان عاقبة من يجترىء على معاصي الله عز وجل ويكذب رسله . قاله الحافظ ابن كثير .

وقال تبارك وتعالى عن قوم فرعون : ( فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ )

وقال في عموم الأمم السالفة : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ )

وقال سبحانه وتعالى في المنافقين : ( لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ )

وقال في المعرضين المكذبين :
( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ * وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ ) الآية .

وجهنم هي مآل المجرمين

( وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا )

أي أيقنوا بدخول النار .

( وتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ )
( وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا )
( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيى )

وأما المُجرم الاصطلاحي اليوم فإنه لا يخلد في نار جهنم إذا كان معه أصل التوحيد .

( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )

والـمُكذِّب بالقدر مُجرم أثيم :
( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )

والمجرمون يُحشرون وقد تغيّرت ألوانهم

( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا )

قال ابن كثير : قيل معناه : زرق العيون من شدّة ما هم فيه من الأهوال .

تذكرت هذه المعاني لما تكلّمت عن أحد دعاة الشرك فقيل لي : تتكلّم عنه وكأنك تتكلّم عن مُجرِم ؟!

والـمُشرِك أعظم جُرماً من سافك الدم الحرام في البد الحرام في الشهر الحرام

والمشرِك أعظم جُرماً ، وليس بعد الكفر ذنب أعظم من الكفر بالله .

ولذا لما سأل ابن مسعود رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : أن تجعل لله نِـدّاً وهو خلقك . قلت : إن ذلك لعظيم . قلت : ثم أي ؟ قال : وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك . رواه البخاري ومسلم .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
assuhaim@liveislam.com

الصفحة الرئيسة   |    صفحة الشيخ