بسم الله الرحمن الرحيم

تـأبـَّـطَـتْ خـنـجـرا


ويح مَنْ عادى أمة هذه لمحات من شجاعة بعض نسائها .
ويحهم ! يُريدون قتال أمة تتمنّى نساؤها قبل رجالها الشهادة في سبيل الله !
يا ويحهم ونساء الأمة - قبل رجالها - يتمنّين سفك دمائهن فداء لدين الله عز وجل !
ونساء الأمـة ركبن البحر غازيات مع أزواجهن !

هذه أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها لا تقف همتها عند حـدّ

قال أنس رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان ، فتطعمه ، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت ، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته ، وجعلت تفلي رأسه ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم استيقظ وهو يضحك . فقالت : وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عُرضوا عليّ غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة ، أو مثل الملوك على الأسرة . قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم ،فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم وضع رأسه ، ثم استيقظ وهو يضحك ، فقلت : وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عُرضوا عليّ غزاة في سبيل الله ، كما قال في الأولى . قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم . قال : أنت من الأوّلين . فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان ، فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر ، فهلكت . رواه البخاري ومسلم .
وكانت تحت معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه آنذاك .

ولم تكن هذه فريدة في بابها ، ولا وحيدة في فعلها .
بل لها مثيلات من الصحابيات الجليلات .

قالت أم عطية الأنصارية رضي الله عنها : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات ، أخلفهم في رحالهم ، فأصنع لهم الطعام ، وأداوي الجرحى ، وأقوم على المرضى . رواه مسلم .

وهذه أم سُليم رضي الله عنها وقد شهدت حنينا وأُحداً ، وهي من أفاضل النساء
قال محمد بن سيرين : كانت أم سليم مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومعها خنجر .

وروى ثابت عن أنس رضي الله عنه أن أم سليم اتخذت خنجراً يوم حنين ، فقال أبو طلحة : يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر ! فقالت : يا رسول الله إن دنا مني مشرك بَقَرتُ به بطنه !

وأما نُسيبة بنت كعب رضي الله عنها شهدت أُحداً مع زوجها رضي الله عنه وعنها ، وشهدت فتح خيبر ، وفتح مكة ، وشهدت حُنيناً .
ثم شهدت قتال مسيلمة الكذاب .

قالت أم سعيد بنت سعد بن ربيع : دخلت على أم عمارة ، فقلت : حدثيني خبرك يوم أُحد .
فحدّثت عن خروجها يوم أُحد فقالت :
خرجت أول النهار إلى أُحد ، وأنا أنظر ما يصنع الناس ، ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله ، فجعلت أُباشر القتال ، وأذب عن رسول الله بالسيف ، وأرمي بالقوس حتى خَلَصَتْ إليّ الجراح . قالت : فرأيت على عاتقها جرحا له غور أجوف ، فقلت : يا أم عمارة من أصابك هذا ؟ قالت : أقبل ابن قميئة وقد ولّى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيح : دلوني على محمد ، فلا نجوت إن نجا ! فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه ، فكنت فيهم ، فضربني هذه الضربة ، ولقد ضربته على ذلك ضربات ، ولكن عدو الله كان عليه درعان ، فكان ضمرة بن سعيد المازني يُحدث عن جدته - وكانت قد شهدت أُحداً تسقي الماء - قالت :كانتْ ام عمارة يومئذ تُقاتل أشد القتال ، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها ، حتى جُرحت ثلاثة عشر جرحاً .
وكانت تقول : إني لأنظر إلى بن قميئة وهو يضربها على عاتقها ، وكان أعظم جراحها فداوته سنة ، ثم نادى منادي رسول الله إلى حمراء الأسد ، فشدّت عليها ثيابها ، فما استطاعت من نزف الدم ، ولقد مكثنا ليلتنا نُكمّد الجراح حتى أصبحنا ، فلما رجع رسول الله من الحمراء ما وصل رسول الله إلى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازني يسأل عنها ، فرجع إليه يخبره بسلامتها ، فسُرّ بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

ما هذه إلا نماذج لمن عطّرن التاريخ بِسِيَرِهنّ ، وخلّد التاريخ ذِكرهن .

ووالله ما عقمت هذه الأمة ، فهي أمة ولود مِعطاء

وكم هي الأسئلة التي ترد من فتيات ناهزن الاحتلام يسألن :
كيف السبيل إلى نُصرة الدِّين ؟
وأين الطريق إلى رفع راية الإسلام ؟
وكيف نستطيع أن نُجاهد ؟

بل هو سيل من الأسئلة الواردة من نساء الأمة :
ماذا نستطيع فعله ؟
وطوفان من العتاب :
لِـماذا لا يُفتح باب الجهاد ؟!

فويح أعداء أمة الإسلام يُريدون القضاء عليها وفيها مثل هذه النسوة .
وهن إن لم يكن اليوم أمهات فهن أمهات المستقبل .
فانتظري أمـة الصليب فالفجر قادم ، وستُغلب الرّوم .
وتربّصي أمـة العِجْل فغداً يكون نداء الجَمَاد :
" يا مسلم هذا يهودي ورائي تعال فاقتله " كما في الصحيحين .

وعندها فقط يذهب غيظ قلوب قوم مؤمنين ، وتُشفى صدورهم .

( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ * وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاء )

اللهم أذهب غيظ قلوب المؤمنين والمؤمنات ، واشف صدورهم .

كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
assuhaim@al-islam.com

الصفحة الرئيسة