صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حكم الوفاء بالوعد

الشيخ صالح بن محمد الأسمري

 
سؤال:
ما حكم الوفاء بالوعد، والاستثناء فيه على مذهب السادة الحنابلة ؟

الجواب :
فيه مسألتان :
- أما الأولى : فحكم الوفاء بالوعد؛ حيث إن الوفاء به غير لازم لكنه مستحب0 قال المرداوي رحمه الله في : "الإنصاف": "لا يلزم الوفاء بالوعد على الصحيح من المذهب ، وعليه الأصحاب" أ. هـ.المراد وكذا في "منتهى الإرادات" و "الإقناع" ، وقال في : "غاية المنتهى": "لا يلزم حكما الوفاء بوعد" قال الرحيباني في : "مطالب أولي النهى" شارحاً : "(لا يلزم حكماً) أي: في الظاهر (الوفاء بالوعد) نص عليه " أ0 هـ. المراد .
ونَصَّ على استحباب الوفاء جماعة، ومنهم ابن بَلْبان في : "أخصر المختصرات" بقوله : "وسُنَّ الوفاء بالوعد" أ.هـ. وعلَّة ذلك أنه يَحْرم الوعد بلا استثناء ، والاستثناء مُسْقِطٌ للوجوب لو حُمِلَ عليه، فكان إنفاذه مستحباً ، قال في : "الفروع" : "لأنه يحرم بلا استثناء لقوله تعالى : {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} ولأنه في معنى الهِبَةِ قبل القبض" أ.هـ وبمثله في الانصاف في : . وقال ابن النجار في "معونة أولي النهى": "لأنه يحرم بلا استثناء ؛ لقوله سبحانه وتعالى: {ولا تقولن لشيءٍ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} أ.هـ.

تنبيه : العهد غير الوعد، والأصل في العهود الوفاء بها ، قال ابن النجار في : "معونة أولي النهى": "وأما العهد فهو غير الوعد ، ويكون بمعنى اليمين والأمان والذمة والحفظ والرعاية والوصية وغير ذلك" ا.هـ المراد0 وفيه آيات، ومنها قوله سبحانه : {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً} قال ابن الجوزي في : "زاد المسير": "قوله تعالى: {وأوفوا بالعهد} وهو عام فيما بين العبد وبين ربه، وفيما بينه وبين الناس. قال الزجاج: كلّ ما أمر الله به ونهى عنه فهو من العهد 0 قوله تعالى : {كان مسؤولاً} قال ابن قتيبة "أي : مسؤولاً عنه" أ.هـ.

فائدة : قال المرداوي في : "الإنصاف": "وذكر الشيخ تقيّ الدين رحمه الله: وجهاً أنه يلزمه أي : الوفاء بالوعد ، واختاره قال في : "الفروع" : (ويَتَوَجَّه أنه رواية من تأجيل العاريَّة والصلح عن عِوَض المُتْلَف بمُؤَجَّل ولمَّا قيل للإمام أحمد رحمه الله : بم يُعْرَف الكَذَّابون؟ قال : بِخُلْف المواعيد) قال في : "الفروع" : هذا متَّجه" أ.هـ. قرره في "الفروع".

- وأما الثانية : فحكم الاستثناء فيه؛ حيث إنه يَحْرم بلا استثناء، قال ابن بَلْبان في : "أخصر المختصرات" : "وسُنّ الوفاء بالوعد، وحَرُم بلا استثناء" أ.هـ. قال البعلي في : " كشف المخدرات والرياض المزهرات لشرح أخصر المختصرات " : "(وسن الوفاء بالوعد) ولا يلزم نَصَّاً (وحرم) الوعد (بلا استثناء) لقوله تعالى : {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} ، أي لا تقولن ذلك إلا معلقاً بأن يشاء الله تعالى عز شأنه وعَظَُم سلطانه "أ.هـ. وقَرَّر حُرْمة الخُلْف بلا استثناء في : "مطالب أولي النهى".
ودليل ذلك الآية السابقة ، ووجه أخذ الحكم منها لَخَّصَهُ البهوتي في : "دقائق أولي النهى" : بقوله : "ويحرم بلا استثناء لقوله تعالى : {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله} أي : لا تقولنَّ ذلك إلا مُعَلِّقاً بأن يشاء الله، فالنهي المتقدّم مع إلا المتأخرة حصر القول في هذه الحالة وحدها، فتختص بالإباحة، وغيرها بالتحريم، وتركُ المحرَّم واجب وليس يُتْرك به الحرام إلا هذه فتكون واجبة، هذا مَدْرَكُ الوجوب من الآية وأما التعليق فهو من قولِنا: مُعَلِّقاً المحذوف كقولك : لا تخرجنَّ إلا ضاحكاً، فإنه يفيدُ الأمْرَ بالضحكِ والخروج 0هذا حاصلُ كلام القرافي وهو مذكورٌ برِمَّتِهِ في أصله ا.هـ . وأصله هو : "شرح المنتهى لابن النجار " وهو فيه.

تنبيه : قال ابن مفلح في : "الآداب الكبرى" ـ كما في "الكشاف" للبهوتي : "فلا يُخْبِر عن شيء سيوجد إلا باعتبارٍ جازم أو ظنٍّ راجحٍ" ، وقال : "وتعليق الخبر فيها بمشيئة الله مستحب ، ولا يجب للأخبار المشهورة في تركه في الخبر والقسم" ا.هـ.

فائدة : قال ابن الجوزي ـ كما في : "الفروع" ـ : "فائدة : الاستثناء خروجُه من الكذب إذا لم يفعل كقوله تعالى : {ستجدني إن شاء الله صابراً}.

فائدة : بَيَّن في "الفروع" موافقةَ الحنفية والشافعية لمذهب الحنابلة، خلافاً للمالكية . قال البُهُوتي في "كشاف القناع" : "قال في المبدع: ومذهب مالك يَلْزَم، أي : الوفاء بالوعد، بسببٍ لكن قال : تزوَّج وأعطيك كذا واحْلِف لا تَشْتّمني ولك كذا، وإلا لم يَلْزمه" ا.هـ. هذا والله أعلم.

كتبه
صالح بن محمد الأسمري
15/1/1425هـ

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
صالح الأسمري
  • زاوية الفتاوى
  • زاوية المقالات
  • زاوية المحاضرات
  • زاوية الكتب
  • الصفحة الرئيسية