صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







لا يَكرهُ مَضغَ الباطل! رَدُ هَذَيان نجيب عصام يماني.

عبدالرحمن بن عبدالله الصبيح

 
بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله والصلاة و السلام على رسول الله نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد:
 

وإذا ما الجهل خَيَّم في البلاد *** رأيت أُسودها مُسخت قروداً
(الرصافي)


قلت: نجيب عصام يماني ممن ينشر الجهل في البلاد!

في التمثيل و المحاضرة لأبي منصور عبدالملك الثعالبي: (لا مصيبة أعظم من الجهل)، (مثلُ الأحمق كالثوب الخَلِق، إن رَفَأته من جانب تََخرَّق من جانب!)، (لا صاحب أخذل من الجهل!)

قال علي بن عبيدة (بئس شعار المرء جهله!) [التمثيل والمحاضرة 392]

كان عمر الفاروق رضي الله عنه يردد : (أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وتفلتت منهم أن يعوها، و استحيوا حين سئلوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم). ]إعلام الموقعين 53 – دار الكتاب العربي[

ومن عجيب ما ذُكر أنْ دخل رجلٌ على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! هذا زيد بن ثابث يُفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة!! فاستدعاه عمر فقال: أي عدوَّ نفسه! قد بلغتَ تفتي الناس برأيك؟! فقال زيد رضي الله عنه –وهو من هو في العلم و الفضل-: والله ما فعلت يا أمير المؤمنين، ولكني سمعت حديثاً من أعمامي فحدثت به من أبي أيوب وأبي بن كعب ومن رفاعة بن رافع. فقال عمر: عليَّ برافع! فقال رافع: قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، و لم يأتنا فيه عن الله تحريم، و لم يكن فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء. فقال عمر: ورسول الله يعلم ذلك؟ قال: ما أدري. فأمر عمر فجمع المهاجرين و الأنصار، فشاورهم فقالوا بما قال زيد ورفاعة؛ إلا ما كان من معاذ وعلي فقد كان عندهم مزيد علم فقالا: إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل، فقال عمر: هذا و أنتم أصحاب بدر قد اختلفتم، فمن بعدكم أشد اختلافا! فقال علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين. لا أحد أعلم بهذا من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه. فأرسل إلى حفصة فقالت: لا علم لي! فأرسل إلى عائشة فقالت بما قال علي ومعاذ! فقال عمر: لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربا!!. [ إعلام الموقعين- 54 ]

فكم في هذا النص من التورع والتوقف والتعلم والاهتداء و الإقتداء، مسألة التي يرى الكثير انها يسيرة لو عُرضت على الآحاد ربما تكلم فيها، أما عمر فقد أعلن ما يشبه حالة الطوارئ في المدينة، وجمع أهل بدر –أعلم الصحابة وأفضل هذه الأمة- وأرسل لأمهات المؤمنين في بيوتهم!

قال عمر لخير قرن: ( إن كلامكم شر الكلام؛ فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل: قال فلان وقال فلان، ويترك كتاب الله، فمن كان منكم قائما فليقم بكتاب الله وإلا فليجلس!) قال ابن القيم معلقاً على هذه المدرسة العمرية ( فهذا قول عمر لأفضل قرن على وجه الأرض، فكيف لو أدرك ما أصبحنا فيه من ترك كتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة لقول فلان وفلان؟ والله المستعان!!) [ إعلام الموقعين- 424 ]

قال عبدالرحمن المهدي سمعت حماد بن زيد يقول: قيل لأيوب السختياني: ما لك لا تنظر في الرأي؟ فقال أيوب: قيل للحمار ما لك لا تجتر؟ قال: أكره مضغ الباطل! [ إعلام الموقعين- 68 ]

وأيُ باطل أشدَّ من الدعوة إلى تعطيل صلاة الجماعة في المسجد الحرام؟! وأيُ مضغ أَمرُّ من الدعوة إلى تعطيل الجماعة بجوار الكعبة المشرفة؟!!

في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم (الإيمان بضع وستون شعبة، و الحياء شعبة من الإيمان) [ البخاري 6 /مسلم 35 ] ، وبَوَّب البخاري رحمه الله (بابٌ: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) قال: (حدثنا أحمد بن يونس –بسنده- عن أبي مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) [ البخاري 6120] وفي الرواية الأخرى ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) [ البخاري 3483] .

قال الله عزَّ ذكره: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ، وقال عزَّ شأنه : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود). وأما المتقدم ذكره فيدعو إلى تعطيل الجماعة والعيد في البيت الحرام! يدعو لتعطيل الجماعة في أول بيت وضع للناس (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)، ولم أَقْرِن بين القولين لأقارن بينهما؛ معاذ الله! وإنما ذكرت قوله المرذول لأعقب عليه بقول الله تبارك وتعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(36)) سورة الإسراء. وسبحان من أعقب هذه الآية بقوله ( وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38))، وكأن التقول على الله بلا علم؛ بل بجهل مصنوع! ملازمٌ للكبر والبطر و الغطرسة؛ يظن صاحبه وكأنه سيخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولاً، ولو قاس هذا وغيره من العابثين طُولَه جيداً لم يرفع بصره لينظر إلى طول الجبال!

قال ابن القيم في [إعلام الموقعين ص 62] وما بعدها: (والرأي الباطل أنواع: أحدها: الرأي المخالف للنص… النوع الثاني: هو الكلام في الدين بالخرص و الظن، مع التقصير في معرفة النصوص وفهمها واستنباط الأحكام منها… النوع الرابع: الرأي الذي أحدثت به البدع وغيرت به السنن…) فهذه أنواع ثلاثة قد ينفرد القائل بأحدها فكيف بمن جمعها كلها في قولٍ مرذول مدعياً أنه موافق للسنة، مدلس بأنه باحث شرعي وما هو بباحث ولا شرعي! فعن هذا الصنف الذي يتزود بالمراجع والنقول والهوامش حتى إذا رأيت إلى قوله من دون تمحيص أعجبك، عن صنف المظاهر ومعسول القول يقول الله عزوجل: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) عن هذا الصنف يقول ابن رجب في كتابه النفيس ودُرته النادرة (فضل علم السلف على علم الخلف): ( وقد فُتن كثير من المتأخرين بهذا، وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذا جهل محض) [ ص 83 ] ، (وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أفضل ممن تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله) [ فضل علم السلف – دار القبس ص 88 ] . فهذا التكثر من الهوامش و النقول المنحولة، المحرفة، المُدعاة، ما هو إلا لخداع المتلقي البسيط الذي ما أن يرى أن هناك عنوانا لكتاب ورقم لصفحة إلا ويظن أن الأمر كما هو! وما هو بذاك!! فـ(عمدة الأحكام) للموفق بن قدامة رسالة صغيرة ليس فيها أجزاء! غاية ما فيها 430 حديثا فقط! و لا يوجد في الكتاب إلا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس للموفق فيها شيء! فمن أين أتى بـ [عمدة الأحكام (1/345)] ما هو إلا ثوب زور يتكثر به! وخذ مثل هذا جميع المسائل التي ذكرها، جهل طافح ، وتكثر، وتشبع بما لم يُعطَ، وعبث بالنصوص وكلام العلماء بلا تورع أو خشية. وكذا ما زعم أنه نقله من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي؛ فهو أراد أن يوهم أنه قال بجواز تأخير صلاة العيد، ودمج بين هذا وبين ما هو مقرر عند أهل العلم أن جميع أيام التشريق عيداً، فما علاقة (تأخير الصلاة) بكون جميع أيام التشريق عيداً؟.

ولست هنا في مقام الرد على هذه الأباطيل، فالدعوة لتعطيل الصلاة في الحرم المكي خوف الزحام قول مرذول تستنكره النفوس (فليس –كما يقول ابن رجب- العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال، و لكنه نور يُقذف في القلب، يفهم به العبد الحق، ويميز بينه وبين الباطل). [فضل علم السلف ٨٤ ] فهذا القول المرذول مظلم لا نور فيه، تستنكره النفوس وتستهجنه وتمقته، لا يُحترم القول و لا القائل، ولولا خوفي أن أتهم بالإسفاف في القول و النزول في الخطاب لتلاعبت بهذا القول المنكر، وظلمة هذا القول تكفي في الرد عليه.

ولست أدري سبب عداوة نجيب يماني لإقامة شعيرة الصلاة، فهو لا يريد الجماعة، و لا التراويح، و لا إغلاق المحلات وقت الصلاة، ويريد تعطيل الحرم من صلاة الجماعة حفظا للأرواح كما زعم ! كذلك نفيه لصيام الست من شوال وهكذا، نعم.. لم أفهم سر عناية هذا (الباحث الشرعي!) بالركن الثاني من الأركان الإسلام!؟ (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا)، (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ).

ومن عبث هذا الكاتب الذي يكتب في (صحيفة رسمية!)؛ ربطه بين إقامة الصلاة جماعة وكون الجماعة شرط لصحة الصلاة! هذا فضلاً عن ربطه بين مشروعية صلاة الجماعة وبين تعطيلها في المسجد، ناهيك أن يكون هذا المسجد هو بيت الله الحرام!! أما اقتياته على شيخ الإسلام فهذه قصة أخرى! فشيخ الإسلام الذي أراد أن يقتات عليه والتكثر من قوله –العلاقة بين الرجلين ليست ودية، والله أعلم بما تكنه النفوس!- من أجل تعطيل صلاة الجماعة في الحرم المكي يرى أن الجماعة شرط لصحة الصلاة!!

ثم هل رأيتم عبثاً فقيهاً كهذا العبث يقول:

(وإقامة الصلاة في جماعة في المسجد الحرام وفي خضم تلاحم الأجساد والموت محدق بهم يستحيل معه قطعا الركوع والسجود، فتكون النتيجة أن صلاة هؤلاء الحجاج الذين صلوا مع الإمام في صحن الطواف من غير ركوع ولا سجود باطلة بلا خلاف.)

الذي يظهر لي أن صاحبنا الفقيه لم يسمع مطلقا بالصلاة كاملة إيماءاً!! فإذا صحَّ هذا في الصلاة كلها فكيف لا يصح في جزء منها؛ الركوع و السجود؟! قاتل الله الجهل!! ومع ذلك فهذا الكلام السخيف مخالف للواقع، فلا أذكر أنني لم أتمكن من السجود أو الركوع في يوم ما.. مطلقاً! ولكن يبدو أن هذا الكاتب بعيد عهد بالحرم لا سِيَّما وهو يرى عدم لزوم صلاة الجماعة!

وما أوردت تلك التناقضات الماضية إلا لكي أورد كلاما نفيساً لابن القيم رحمه الله يصف فيه طريقة نجيب يماني ومن نحا نحوه وسلك منهجه، و لا شك أن وقع كلام ابن القيم على النفس بعد الإيراد السابق سيكون أقوى ما لو كان بدونه، يقول (وحرَّفوا لأجلها النصوص عن مواضعها، و أخرجوها عن معانيها وحقائقها بالرأي المجرد، الذي حقيقته أن ذُبالة الأذهان ونُخالة الأفكار وعُفَارة الآراء ووساوس الصدور، فملأوا به الأوراق سَوَاداً، و القلوب شكوكاً، والعالم فساداً. وكل من له مسكة من عقل يعلم أن فساد العالم وخرابه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي، و الهوى على العقل). [إعلام الموقعين 63]

أما لو أخذنا بقوله الغريب هذا متجاوزين تنافره وشذوذه؛ فلنا أن نسأل كيف سيكون شكل الحرم المكي؟ هل سيؤذن فيه أم لا؟ هل سنعطل الأذان في مهبط الوحي؛ مكة؟ ولو تركنا مسألة الأذان جانباً، كيف سيصلي الناس؛ هل سيصلون فرادى أم نمعنهم من الصلاة لأن الحرم مخصص للطواف؟ ثم لو صلوا فرادى: عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف تصلي فرادى، ومثلها تَطْوَّف بالبيت العتيق؛ رحماك ربي رحماك! كيف سيكون الحال ؟ هل تخيلتم المشهد؟ هل تصورتم أثر تنحية النص؟ هل تم استيعاب قول عمر بن الخطاب السابق؟ إن من حِكمة الله سبحانه أنه حينما فرض الصلاة جماعة بشكلها المعهود؛ فرضها ورتَّب –هو- سبحانه الناس وصفهم صفوفاً غير مختلطة، فالصورة لمن رأى وعلم وعقل وجرَّب: أنه ما أن تقام الصلاة حتى يتوقف الجميع، ويهدأ المكان، وتسكن الأصوات فلا تسمع إلا صوت الإمام، فإذا كان هذا وقوف الناس بين يدي الله في الدنيا فكيف بوقوفهم بين يديه يوم القيامة (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا )، ولا يمكن لمن لم يجرب ويشاهد هذا المنظر أن يصدق أن بين المشهدين؛ مشهد طواف الناس وحركتهم وضجيجهم وازدحامهم ومشهد سكونهم وصلاتهم مجرد ثوانٍ يعدها العادّ! ولو أن الكاتب انشغل بهذا المشهد المهيب وتأمله وتلمس جلالته وهيبته لتطايرت هذه الأفكار من رأسه ولكنه كما قال الله عن تلك القلوب؛ هو عليهم عمى بالرغم من وضوحه، (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ)، (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) نسأل الله السلامة و العافية.

الأخطر من هذه الشبهة المظلمة المستنكرة هو ظهور طائفة تضيق بالشعائر الدينية، فكما ذكرتُ سابقاً، لم أكتب لأرد على هذا الكلام التافه، ولكني اتخذته ذريعة ومثالاً للموضوع الذي تحدثت عنه، ولا بأس أن يُتخذ هذا الكاتب و المقالته رسما توضيحياً نشرح عليه، نعم.. هناك من يضيق ذرعاً بالشرائع! وهذا السلوك أخبر الله أنه موجود في هذه الأمة (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ )، فنجيب يماني يعبث بالشرائع وفي صحف رسمية! وغيره –ليس واحداً!- يحصد العقائد؛ وفي صحف رسمية كذلك!!

إننا حين نستنكر هذا الأمر وغيره من مظاهر الفساد والإفساد، فإننا ندفع عن أنفسنا أن نكون من شرُّ الخلق الذين تقوم عليهم الساعة، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أخبر أنه بُعث والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه صلى الله عليه وسلم، والله يقول (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)، أقول إننا ندفع عن أنفسنا أن نكون من شرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة حين يرفع العلم ويفشو الجهل، ويكثر الفساد ويرفع الدين، وحين تتوقف الصلاة الحرم المكي! أما من يدعو لهذا الفساد و المجون الفكري و الأخلاقي فإنه يدفع بالأمة لأن تكون من شرَّ أمة، من أمةٍ يتذاكر أفرادها أبائهم الذين حدثوهم أن أبائهم كانوا يقولون (لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله!)، هؤلاء يدفعون بالأمة ويهيئونها لقيام الساعة عليها! فإذا اندرست الشريعة وانمحت معالم الدين ورفع العلم و الإسلام قامت الساعة. عن أنس رضي الله عنه قال: لأحدثنكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم به أحد غيري. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويكثر الجهل ويكثر الزنا ويكثر شرب الخمر ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون لكل امرأة القيِّم الواحد) متفق عليه.

ومن تأمل ونظر للمشاريع التغريبية يجد أنها لا تكاد تخرج عما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون في آخر الزمان. وتلك الفكرة القبيحة التي نَثَر نجيب يماني حروفها في صحيفة رسمية سيأتي زمان تكون فيه واقعاً، ولكن ليس وفينا عينٌ تَطرُف بحول الله وقوته.

كان محمود شاكر رحمه الله –كما ذكر ذلك في مقدمة أباطيل وأسمار- يتسلى ويطرد ملله بقراءته للويس عوض، يقول حتى تفاجأ أن ذاك الكلام التافه الذي كان يقرأه للتسلية وتزجية الوقت، والسمر عليه مع الأصدقاء أصبح كلاماً مهماً له وزنه، وأن هناك من (المتعلمين) من يقرأ هذا الكلام على أنه علم! المفاجأة الأخرى أن هذا الكاتب الخاوي أصبح مستشاراً مُقدماً؛ بل أصبح –هكذا! ولك أن تتخيل كيف؟!- من أعيان المجتمع الثقافي!! حينها لم يكن هناك بُدٌ أمام الشيخ المحقق أن يخرج من عزلته، ويَسُلَّ قلمه ويكتب (أباطيل وأسمار)، واتخذ من لويس عوض وسيلة شرح وإيضاح، يضرب به المثال، ويشرح عليه أموراً لو مكث عليها لويس وأشباهه الأزمان تلو الأزمان لم يستوعبوها!

ولكنها أضافت لنا (أباطيل و أسمار)…
 

محبكم:
عبدالرحمن الصبيح
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
عبدالرحمن  الصبيح
  • الخطب المنبرية
  • رسائل ومقالات
  • الصفحة الرئيسية